فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
استعادة الدولة في إحدى عشر دقيقة!!
الإثنين, 14 ديسمبر, 2015 - 09:10 مساءً

في 2007 كنت مدعوا من إحدى منظمات الطفولة العاملة في جنيف لحضور مؤتمر حول الطفولة ، حزمت حقائبي وقلت فرصة  لأن أزور سلسلة جبال الألب الممتدة إلى هناك ، وفي آخر اللحظات لم تمنحنا  السفارة الفرنسية في صنعاء تأشيرة دخول إلى الأراضي الفرنسية بحجة أنه ليس لدينا حجز فندقي في باريس ، لم نكن بحاجة سوى ترانزيت هناك و "ياليت جنيف مسير يوم شاسير به ليلة ما شرقد النوم"، لم أتمكن من السفر وهكذا تموت الأحلام في صنعاء دوماً.
 
وأنا أقرأ ما يكتبه  أعضاء الوفود الذاهبة إلى جنيف 2 ، فريق يصيغ عبارات من نوع أننا ذاهبون إلى "استعادة الدولة" ، وفريق لا يعلم لماذا خلقه الله عذابا على هذه الأمة ، المهم أنهم ذاهبون إلى جولة من مشاورات وحوار في جنيف 2.
 
 وفقهم الله كما وفق ماريا البرازيلية القروية التي حلمت أن تعيش يوما ما في مدينة صغيرة بالقرب من ريودي جانيرو، لكن القدر حملها إلى جنيف بعد عام من العمل الدؤوب للحصول على ثمن تذكرة الذهاب، وهناك تعلمت ماريا في شارع بورن الكثير، شاهدت أفلام البورنو وقرأت الكثير من الكتب التي قادتها إلى  التحقق من معرفة "أنها فقط بحاجة  إلى إحدى عشرة دقيقة تمارس فيها الحب مع عملائها، وأن هذه  هي الدقائق الأهم في الحياة".
 
اكتشفت بعد فترة  طويلة من تقديم الخدمات لعملاء مختلفي الأمزجة والقدرات أنها مازالت تحتفظ بروحها عذراء غير قابلة للبيع ، اكتشفت روحها مع الرسام "رالف" الذي أخبرها أنه يرى في وجهها  النور وأصر على رسمها، وحين رسم ملامح الإنسانة التي داخلها أخذها  من عالمها الذي لم يكن سعيدا  كما أخبرنا  الصوفي باولو كويلوا الروائي الذي اشتهر بكتاباته الروحانية، وخاض  في روايته هذه نوعا آخر من الكتابة حول العلاقات الحميمة في هذا العالم.
 
ترجعوا لنا بالسلامة يا جماعة وحتوحشونا وخذوا بالكم من نفسكم  وانتبهوا من البرد ، وتذكروا فقط أن شارع برن في جنيف يتم فيه مناقشة القضايا الأهم في العالم  في إحدى عشرة دقيقة، وأنكم أو من ارسلوكم للتفاوض قد قضوا ما يقرب من 6,480 ساعة من الحوار وكانت النتيجة حنق البعض وانسحاب البعض من الحفل الختامي للحوار ، وانقلاب مطبوخ على نار هادئة، بعد تسلل شركاء الثورة إلى صف القوى الصاعدة تاركين القوى التقليدية وهادي لوحدهم مثل "الدجي ترعى فرخ" وصارت كل هذه الكارثة.
 
كنت استمع لأحد الذاهبين إلى جنيف2 وهو يقول "أنا الدولة" تذكرت عبارة أن كل من يدعي أنه الدولة يذهب بلا عودة، لقد كان متى الاكتع في وادي الذئاب يردد هذه العبارة كثيرا وانتهى به الحال  مجرد معاون لأحد تجار الموت، الدولة ليست شخص اعتباري ولا مجرد شرعية نائمة لكنها قد تتمثل في ذلك الشاب حافي القدمين الواقف بين الشوك والحصى والبرد يحرس مدينته المحاصرة من هجوم أنصار الرب وحراس الهضبة ، وقد تتمثل الدولة في صورة تلك الفتاة السمراء التي تقف في طرف الشارع بمكنستها كل يوم وتنظف وسخ الساسة والقادة والنخب المزيفة وهي راضية بعملها.
 
المهم انتبهوا يا جماعة أن تعودوا  ناقصين واحد أو اثنان في برن، مش كل مرة سيظهر الرسام رالف وليست كل القصص ذات نهايات شرقية سعيدة..

التعليقات