فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
أبكم كوالالمبور
الخميس, 22 سبتمبر, 2016 - 08:34 مساءً

 بعد انتظار 10 دقائق تحرك الموبايل على المكتب، وأخيرا اتصلت يا هشام، حيا وقوى ، الوه،  يس ، لا أحد يجيب، قلت ربما الخط فيه تشويش، فلا تخلوا الشبكات من سقطات، اتصل ثانيه هاي هشام الوه لا أحد يرد، اتصلت وسمعت المجيب الصوتي "المنحرف وابن ستين كلب"، ثمة رسالة نصية وصلت: أين أنت؟ أرسلت ردا مقتضبا أنا قادم.
 
السلام عليكم يا هشام، ماله تلفونك؟
ابتسم واخذ موبايله وكتب لي عنوان الوصول سائلا هل هو هذا؟ قلت نعم  هو ولا ثنيت، لو مسكت الخط ساني يا ابن عمي ستصل "فوق المربعة حكم"، ابتسم ملوحا بعلامة الشكر، وكتب لي على شاشة موبايل أنا اسمي "هشام"، الله محي أصلك هشوم،  تسلم يا سيد الفطس كلهم.
-عاد ليسألني سؤلا مكتوبا أنت من اليمن، وتقيم هنا؟
-أنا نعم، نعم.
كتب لي أنا اسكن هنا أيضا، مش معقول ياراجل وطلعنا جيران، الله أكبر ولله الحمد.
وميض موبايلي يشير إلى مكالمة من العزيز د. صمد، أخبرني أننا سنحتفل بعيد 26 سبتمبر، حلو قلت له، واتفقنا على الأمر، وهشام في وجهه سؤال، بل أسئلة، أين تدرس؟ ويكف تذهب إلى الكلية؟ وهل ماليزيا مناسبة لك؟ أخبرته بالإيجابات مكتوبة.
 
شاب مرح يعمل في شركة "اوبر" تاكسي، عن طريق تطبيق يتم تحميله على الموبايل،  لا يفتح الراديو ولا يستمع إلى الموسقى، فليس بحاجة إلى ذلك،   أخرسا لا يتكلم، ولا يسمع، يبتسم بحياء ويكتب بسرعة ويفهم بسرعة وسعيد بعمله، قلت في نفسي هذا الشاب لن يشيخ بسرعة، بكل تأكيد فلن يسمع صوت "الشوفة" وهي تسرد قوائم الطلبات، ولن يضطر لسماع صوتها وهي تغني بكل بجاحة سياه سياه سهجا، ولا وهي تقلد المطربة سيتي نوره ليزا، في أغنية سوتي سوتي ماليزيا، لن يستمع أيضا لخطيب الجمعة وهو يدعو؛ "يا الله ياتهنكمي، مريكا مريكا، اللهم عليك باليهود والنصارى"  ولذا لن  يلتفت هشام نحو صديقه بالجوار مستنكرا الدعاء بهلاك نصف البشرية، لمجرد نزوة حاكم غير موجود تم تأليف الدعاء في عهده، وحاشا وكلى أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم  قد قال مثل هذا الهراء.
 
لديك لقاء مع أصدقائك؟ كان أخر أسئلة الشاب الرائع هشام؟  وعندما شاهد مبنى التايم سكوير أشار إليه، فابتسمت وابتسم هو أيضا، كان يتباهى بأنه بشر قادر على التمييز والعمل وإن كان ابكما اطرشا، لكن الله عوضه بذكاء يغنيه وينسيه المآسي التي يتحدث عنها الناس.
 
كنت أرد على رسالة لم تصل من الروح العظيمة بعد أن كتبت ثلاثة منشورات أدين بها قصف  السوق الهندي في الحديدة، قلت في الرسالة نعم أنا أتحمل نتائج هذا القصف، فكل ما يجري في البلد بامري وأنا الغلطان على كل حال، وها أنا أقر واعترف أمامك، فجاء الرد على شكل علامتي استفاهم وتعجب، قلت أي نعم أنا معترف قبل وصول التهمة، فبعد كل فاجعة أنا المتهم المباشر لأني لم ادن العدو باقسى العبارات ولم اشجب ولم اندد، لقد مات الإنسان الغبي الذي بداخلي لم يتبق سوى آله، تستطيع التمييز بين الحقائق والادعاءات، وتدرك أن كل بلاء هو بسبب من انقلبوا على الدولة ولا أريد المزيد من التفاصيل،  أنا لست محمد بن سلمان أنا فيصل بن علي، لا قوات تاتمر بامري وإلا كنت وجهت القصف كما يريد رأسي عليه السلام ، لكنه قدر ولطف.
 
 هاك حسابك يا هشام سي يو لتر ماي فرند.
وأنا على الطاولة استمع لأسامة والسيدة هديل، استمع لتعز إسطنبول معا بدون كاميرات ولا شاشات، قلت لأسامة كيف قلت لي وانت  تراسلني من السودان؛ ماذا تريد؟ ما الذي يوجد في السودان أصلا؟ ومالذي ساطلبه خادمة مثلا أو كاركديه؟ المفروض من إسطنبول تقول لي ماذا أريد سأقول لك هات مسبحة كهرمان.. وفجأة تحسست جيبي اللعنة نسيت المسبحة القادمة من قعر بحر البلطيق في سيارة هشام، علىّ النعمة اننا سانهي  حجارة قعر بحر البلطيق في الشوارع وعلى مقاعد السيارات.
 
وحال عودتي ارسلت لهشام رسالة مطولة نصفها حب ونصفها استعطاف رجع المسبحة يا اعجم فهي هدية عزيزة ومالهاش يومين، فهم لك اعجم، لكني مازلت منتظرا لهشام ومنتظر أيضا "أخلص اذرى" حجارة بحر البلطيق في الشوارع عسى أن يتكاثرن أو أن ينبتن  على شكل النخيل، من يدري؟
 

التعليقات