فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
المهاجر إلى الحرية
السبت, 01 أكتوبر, 2016 - 02:44 مساءً

الهجرة هي تهجير شعب من بلده وقوم من أرضهم، ونحن هنا  في بداية هذا العام الهجري الجديد لا نحتاج أن نتذكر معاني هجرته صلى الله عليه وسلم وهروبه من العشائرية والأسرية والسلالية  إلى الحرية والعدالة والمساواة والإنسانية، لأننا   نعيش هذه المعاني واقعا ونعلم معنى التهجير القسري الذي أحدثه الانقلاب الفاشي في بلادنا، والحمد لله صرنا مهاجرين ومهجرين، وبقى "الأنصار" هناك يعيثون الفساد في ديارنا، والعجيب في الأمر أن الأنصار الذين بايعوا محمدا على الحرية هم يمانون من قومنا، والأنصار الذين يستخدمهم المهاجر عبده حوثي هم مطايا من قومنا يقفون اليوم ضد الحرية. ولا يدركون أن الأنصاري هو:  من ناصر الحرية والعدالة و المساواة والإنسانية، لا من ناصر السلالة والبغي والطغيان وقطاع الطرق.
 
 ذهب أهلنا مهاجرين إلى مدينتهم التي اخطتها "التبع" وترك فيها من يقيم أمرها، وبوصول ملك اليمن ذو الكلاع الحميري إلى المدينة استقبلته السماء والأرض فكانت هجرته "الفتح" وبه وبقومه فتحت الدنيا أبوابها لهذا الدين.
 
وعندما أتى الطريد الشريد الرسي إلى اليمن فارا "هجرة" من بني العباس، أخرج شعبنا من الملة، وصار لزاما على بعض قومنا "الولاية" وحينها ضاعت هوية بعض قومنا فصاروا مجرد أنصارا للسلالة، يقتلون بعضهم لأجل الفاضل والمفضول من النقائل الهجرة، وهناك دخلت مناطق يمنية في مرحلة التيه، وظنت أنها اعتنقت مذهبا في الدين، ولم يكن سوى مذهبا في السياسة والقتل والإرهاب والنهب والسلب، مذهب ينص على أن الحكم للبطنيين والشعب اليمني مجرد أنصار محكومين، وتم التضليل عليهم أن هذا هو الإسلام.
 
لقد تاهت بعض قبائلنا عندما خدعت بمذهب الزيدية اسما والجارودية الهادوية نهجا، صارت بعض مناطقنا تسمى زيدية، "على ايش يا أبو يمن زيدية" وأنت أنت ولست غيرك؟ تم تجهيل الناس بذاتهم وهويتهم وحضارتهم فصاروا مطايا، إلى أن بعث الله النعمان وصحبه الكرام فاعاد لليمن مجده من 1948- 1962، وخرجت القبيلة من حكم الكهنوت، لكنها عادت مطية مهانة في 2014، وما زلنا نناضل لإخراجها من الكفر بالهوية إلى الإيمان بالذات الحميرية، نحملها على هجر السلالة النقيلة وهجر قريش التي هجرها رسول الإنسانية متجها إلى الحرية التي وفرها "اوسنا وخزرجنا"، وكما أن الإيمان يمان والحكمة يمانية فالحرية يمانية أيضا.
 
عندما تخلص محمد من القيود وأحكام القبيلة عرف طريق الخلاص وخلصنا معه، فكان هجر القبيلة الباغية عبادة، وهجر الظلم عباده، وهجر التفاخر بالأجداد عباده، وهجر "دار الندوة عبادة" فلم يبق فيها سوى صغيري الأحلام متضخمي الذوات من طاشت أفهامهم، وزاغت أبصارهم خلف عروض التجارة والسلطة، لم يكنوا قد أدركوا بعد أن الحرية أعلى سلطة وأن التخفف من العادات  أعظم الغنى.
 
قريش ارذل القبائل العربية وأقلها مكانة، قبيلة ذات الرايات الحمر، وقومها المقتسمين بالأزلام والأنصاب، من ذوي المكاء والتصدية، لا يعرف لهم أصل من فصل، وأكبر كبير فيها وصفه القرآن بانه "عتل بعد ذلك زنيم" ومعناه أنه لئيم فاجر مع أنه لقيط ابن بغي، لم يجاملهم القرآن، ولكن كُتاب السير ووفقا للسلطات القائمة آنذاك كتبوا في مدح قريش ما يكذب الله ورسوله ويخطئ القرآن النص المقدس ذاته، وجعلوا من قريش أسطورة، وتناسوا ما فعلته بالمصطفى وصحبه البسطاء والذين كانوا من خارج مضارب القبيلة؛ اما عابري سبيل انقطعت بهم السبل في مكة فمنحتهم قريش  السائرة في درب الإقطاع والطبقية  لقب الموالي، أو مستعبدين جلبهم النخاسين من الفرس والروم والحبشة، وثلة من فتيان قريش.
 
 لم تكن قريش قادرة على فهم وحمل رسالة الخلاص، ولذا أذت النبي وأخرجته فارا بالقيم تاركا لهم التراب والأوهام ولعنة أبدية يبدو أنها لن تزول.
 
لا خلاص لنا ولأمتنا اليمنية ومن خلفها أمة العرب، وبقية الأمم إلا تخليصهم من فكر قريش، وفصل قريش عن الإسلام، القبيلة ليست دين، والعودة إلى فهم الإسلام بعيدا عن مؤثرات السلطة والإمبراطوريات التي تعاقبت على الحكم باسم الإسلام أو باسم القبيلة والسلالة.
 

التعليقات