بابا العزيز
الثلاثاء, 23 أبريل, 2019 - 07:24 مساءً

مرت فترة منذ آخر رسالة بيننا وتوقفت عن الكتابة لك وعنك منذ مدة خجلاً منك وحزناً عليك.
 
بابا العزيز كم زيارة مرت علينا حتى اليوم، وكم كذبنا ؟!
 
في كل مرة سألتك عن حالك وقلت لي "بخير مفتهن " وفي كل مرة سألتني ورددت بالمثل "بخيره مفتهنه "
 
فتصفعني نفسي باسئلة كثيرة ?"أين الخير منكما؟ "و"أين الخير في المعتقل ، وكيف يبدو خيره"
 
"أين الخير منكِ ووالدك يكاد ينهي شهره الخامس بعيدا عنك وعن أختيك؟ "
 
 
كم كذبتُ يا بابا ؟!
 
وأنت تسألني عن حال "جدتي" وهل بلغها خبر اعتقالك فأجيبك " هي تمام وكل شيء تمام لا تقلق" بينما "ولا شيء تمام منذ بلغها خبر اعتقالك وحتى اللحظة .
 
منذ اتصلت بوالدتي باكية تسألها عن صحة ما سمعته..
 
منذ انفجرت عينا كلتاهما بالدموع..
 
منذ باتت جدتي طريحة الفراش تتمنى رؤيتك..
 
منذ استحال عليها زيارتك خوفا من زيادة الحمل عليك.
 
كم كذبت يا بابا؟
 
وأنت تسألني ونظرة الرجاء في عينيك "كيف الأمور يا بنتي وأين وصلتوا " وأرد عليك "الحمد لله مسألة وقت والأمور مطمئنة والوعود تأذن بفرج قريب ".
 
كم كذبتُ يا بابا؟!
 
وأنت تسألني "أيش عن قيادة الحزب عليكم وعليها " وأرد عليك " ببب ما تركوش قضيتك ولو للحظة ".
 
هنا يا بابا وعلى هذه الكذبة " اعتذر منك اعتذارات كثيرة واعتذر من نفسي، ومن أملي ومن كل لحظة آمنت فيها بالقيادة، أو حتى بأفراد فيها أعتذر جداً يا بابا بالنيابة عن الحزب اللي قضيت أكثر من أربعين سنة من عمرك تحت خدمته ، وحيثما دفعك ذهبت ..
 
أعتذر جداً بالنيابة عن الحزب الذي خذلك في الوقت الذي كنت في عز حاجتك له..
 
أعتذر جداً بالنيابة عن الحزب الذي ماقدرش يوفر لك أبسط حقوقك واليوم مش قادر يحميك أو يعيدك لأسرتك ، أعتذر جداً يا بابا عن كذبي الكثير وعن اضطرارك للكذب !
 
وأخيرا يا بطلي كم كذبتُ ، وكم كذب كلانا !
 
فعدا عن عناقي لك ودموعي كل ما سلف وقلته لك من وراء الشبك كذب.
 
وعدا عن عناقك لي ودموعك "وأحبك جدا يانور عيني ".
 
كل ما سلف وقلته من وراء الشبك كذب!
 
(كذب أبيض) يا بابا غرضه نطمن بعض ونعيش بعض على(أمل) هذا النوع من الأمل الذي لا يمكن للآخرين أن يشعروا به إلا إذا مروا بما مررنا وعاشوا اللحظات والجحيم الذي عشناه فقط من عاشوا ظرفاً كهذا هم من يدركون ما هية شعورنا اليوم بعد كل زيارة حينما توصد الأبواب ويعطي كلا منا ظهره للآخر منتحباً بهدوء خوفاً من أن تسمعني أو أسمعك!!
 
#رسائل_إلى_السجن

#إشتعود_إشتعود

* نقلا عن صفحة الكاتبة من الفيسبوك

 

التعليقات