لماذا حقوقنا مهدورة ولا يعبأ بِنَا الساسة؟
السبت, 05 أكتوبر, 2019 - 09:16 صباحاً

زمان في عهد الخلفاء الراشدين كان الخليفة يخشى الله ويتقيه وكان يحتسب الأجر في كل ما يفعله للرعية، كان الناس لا يعيروه انتباها عندما يمر من أمامهم، كانوا يرونه خادما لا حاكما، كانت كلماتهم تهزه عندما يحيد عن الحق ولو بقيد أنملة. زمان كان الخليفة حاجبا على بيت مال المسلمين، وكان يحاسبونه على كل صغيرة وكبيرة.
 
أما الْيَوْمَ انعكس الأمر فغدا الخليفة أميرا أو ملكا والنَّاس خدما وأحيانا يغدون له فراشا يدوس عليهم وهو رافعا أنفه لا يعيرهم اهتماما. عندما يروه يهرعون إليه يقبلون يديه ويلمعون حذاءه ويحشون جيوبه أموالا، ومن ليس لديه يقترض وإلا أصبح مديونا وقد يدخل السجن. هم عودوه على ذلك وأصبح يراه حقا من حقوقه.
 
نحن من مصنع هؤلاء الجبابرة للأسف الشديد ثم نتباكى من طغيانهم. انظروا إلى حالكم عندما تقابلوه في الشارع تطيرون من الفرح وتمجدونه ... لا بارك الله فيكم من أمم استغفلت نفسها واستغفلهم وجعلهم مطية له.
 
لن ترجع الأمور إلى نصابها إلا اذا أرجعتم كرامتكم وامتنعتم عن التطبيل وتمسكتم بالعروة الوثقى بحبل الله المتين الذي لا يُلبى ولا يهترأ. لو عبدتم الله حق عبادته واصلحتم علاقتكم به لأصلح أموركم وعلاقتكم بخلقه. إن الله قادر أن يجعل حبيبك عدوك في لحظات ويجعل عدوك حبيبك لو تقربت إليه زلفا من الليل. ولكن غرتنا الدنيا بزينتها و ألهتنا عن ما عند الله من الخير الذي ليس كمثله شيء.
 
قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله رحمة واسعة : " فالحاكم الفرد إذا اطمأن إلى أن أظافره لن تقلم مضى في بطشه لا يخشى أحداً.. والمستبد غالباً من أجبن الناس وما يغريه بالظلم إلا أمن العقاب " .... فتطبيلكم هو من يصنع الحاكم أو الملك المستبد، وحينما تثورون عليه يراه منكرا لأنكم عودتموه عليه حتى آمن أن ما فعلتموه هو خروج عن الأعراف وتستحقون العقاب عليه. ولعلمكم أن سيدنا عمر بن الخطاب قال :" متى استعبدتم الناس وولدتهم أمهاتهم أحرارا" ... فأنتم أحرارا وتوقفوا عن إهانة أنفسكم. صدقوني لو لاحظ الملك على سبيل المثال أنكم لا تعيرونه اهتماما وهو يمشي على رجليه في الأسواق لعرف أن عرشه في خطر واهتم بالعباد، ولكن تطبلون وأنتم مجحفا بحقوقكم فهذه هي الطامة الكبرى وستكون له الفرصة ليمتطيكم أكثر مما أنتم عليه.
 
قال الغزالي أيضا في تغير الحال : "إن كان تغيير المكروه في مقدورك فالصبر عليه بلاده والرضا به حماقة".
 
نصيحتي قبل أن تتباكون على ظلم حكامكم، راجعوا أنفسكم أصلحوا واحتسبوا وارجعوا علاقاتكم التي قطعتموها بغير وجه حق وأهنتم من يحبوكم وهم لكم من المحبين الناصحين الذين لا يسرهم إن أصابكم مكروه، واعلموا أن قيام الليل وذكر الله في كل لحظات أوقاتكم وكثرة الاستغفار لفتح الله عليكم من بركاته ورزقكم من حيث لا تحتسبون ولجاءتكم الدنيا رغما عن أنفها وهي صاغرة .
 
"مازلت أؤكد أن العمل الصعب هو تغيير الشعوب أما تغيير الحكومات فإنه يقع تلقائياً عندما تريد الشعوب ذلك"... محمد الغزالي.
 

التعليقات