التصالح مع الحوثي
الأحد, 26 يناير, 2020 - 08:08 صباحاً

لن أتصالح مع البشاعة الحوثية ولو استمرّ حكمها ألف عام، ما زلت أحتقرك يا عبدالملك كما لو أنك دخلت صنعاء الليلة، أبغضك وأتعبد الله بكراهيتي لك، أنبذك؛ كي أحتفظ بإحترامي لنفسي وأرى أن نبذك دليلًا على تعافي روح الإنسان داخلي، أحتقرك وكلما تقدم بي الزمن أزداد إحساسًا مضاعفًا بحقارتك وأزداد إيمامًا بأنك مجرد غلطة وجودية، إرتباك تأريخي، وجماعة لقيطة لن تدوم سطوتها طويلًا.
 
وسواء استعدنا صنعاء هذه الليلة أو في نهار الغد، بعد شهر، شهرين، أو قبل نهاية العام بقليل أو حتى بعد عِقد وعِقدين، ستظل يا عبدالملك حاكمًا منبوذًا حتى الأبد، مواطنًا غير سويّ، دجالًا تحمل هويتك كوشم أبدي على جبينك، وافدًا غريبًا لا نعرفك ولن نعترف بك حتى تؤوب إلى رشدك.
 
ستظل ملعونًا كأول لحظة أطلقت فيها النار على أبناء بلدي، كأول لحظة قتلت فيها مواطنًا في جبال صعدة بدم بارد، وستظل صنعاء عاصمتنا الوجودية، أم المدائن الحميرية، فاتحة الكتاب، هيكلنا الثابت في التوارة والأنجيل وقدس الأقداس أجمعين.
 
صنعاء المنحوتة في وجدان اليمنيين، هي قدرنا الأبدي، لن نتنازل عنها ولن تروضها بدراويشك السفلة مهما طال مكوثك فيها، ستظل محروسة بصلوات أبناءها الأطهار، ببنادقهم الساهرة على تخومها الشرقية، بغضبهم المكبوت واحتقارهم العميق لك. ومهما سولت لك أوهامك أن سطوتك عليها أبدية، ستنكشف أوهامك يومًا ما أمام نيران الجمهوريين وهم يلاحقونك في الكهوف.
 
ومهما حاولت تعميق جذورك في صنعاء، ستظل في مخيلتها، كما أنت في مخيلتنا، قاتلًا مأجورًا، لصًا تسلل إليها في نهار أسود، أحكم قبضته على أسوارها بقوة السلاح وجرح كبرياءها في لحظة غفلة تأريخية قاتلة. لم تستبيح صنعاء بدهاءك، لقد تواطأت معك أقدار لحظية سيئة، تصارع الأبناء فكنتَ بمثابة عقاب إلهي لهم؛ كي يستفيقوا، ويستشعروا خطرك، يلملموا شتاتهم ويستغفروا جمهوريتهم بالسلاح. هذا أحد الإحتمالات وإحتمال ثانٍ أن تأريخ البلدة أراد أن ينظف أحشاءه من خطية سلالتك؛ فأخرجك جنينًا ذميمًا، ليهدأ بعدها، قذفك كأخر جرعة من سموم الإمامة؛ ليستعيد الزمن دورته بصحة جيدة وقد غسل الأبناء عار وجودك من بواطن تأريخهم ومدنهم.
 
بكل الأحوال كان دخولك لحظة شواش لن تدوم طويلًا ولن يتحمل الأجيال سخرية التأريخ منهم وهم يرون أمجاد آباءهم تتلاشى تحت أقدام عصابة بلا عقل ولا ضمير ولا شرف ولن يسمحوا ببقاء وضع شاذ كهذا كما لو أنه القرار النهائي للتأريخ.
 
احتفظوا بمشاعركم النابذة لهذه الجماعة، لا تدعوا الزمن يطبّع علاقتكم بها، ولا تتيحوا للمآسي المكررة من هنا وهناك أن تشوش صورة العصابة القبيحة في أذهانكم، كل المآسي تهون أمام مآساة الإمامة، وحتى لو بلغت جرائم أطراف أخرى درجة مماثلة لجرائم الحوثي، يبقى هناك فرق في هوية المجرمين، فرق بين من يقتلك بدافع شيطاني ليحكم؛ لكنه لا ينتقص من قيمتك الوجودية، ومن يقتلك بإحساس علوي ويعتقد أنه ينفذ فيك أمر الله ويستعيد وصية الخالق له بالملك..في الحالة الأخيرة أنت عبد قتيل وهو سيد قاتل وبمرتبة ملك.
 
حسنًا، يا عبدالملك : المدن الحيّة لا تفلت مصيرها للأبد، والشعوب اليقظة تعدل مسار التأريخ، تستعيد زمام المبادرة وتصنع قدرها بالنار والدم..تسكب الدم قربانًا للمجد وتزيل نتواءات الحياة بالسيف؛ لتنجو من إحساسها بالعار، حين تتذكر أن حياتها رهينة لدى عبد مثلك، لتؤسس لمستقبل لائق بالأبناء وتنجو من لعنة الأجيال. نقاتلك؛ لننال رضى أبناءنا وقد طهرنا لهم الحياة من رجسك، غسلناها سبعًا من لوثتك العنصرية، من إرثك المخزي يا خرتيت الإمامة وأقذر نطفة حلت ببلادنا المنكوبة بك وبسلالتك منذ زمن.
 
*نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك.
 

التعليقات