مباهات العفافيش بانجازات صالح
السبت, 29 أغسطس, 2020 - 02:31 مساءً

(الحلقة الولى)

تتجلى الوقاحة السياسية، بشتى صورها - هذه الأيام بالذات - في وسائل إعلام ما يسمى "حزب "المؤتمر الشعبي العام" المختلفة، في مواكبتها لذكرى تأسيس هذا الحزب، الذي ظل، ولايزال يرسخ لـ"ثقافة الفساد". وبالتالي، فإن القول إن هذا الكيان "حزبٌ رائدٌ" تخريف محض، واستخفاف بالذهنية السوية، ومصادرة لـ"المنطق"، ومحاولة لغسل العقل الجمعي، إن لم نقل تأصيلاً للوقاحة السياسية!!
 
الثابت، أن الميثاق الوطني، كانت حين صيغت بمثابة وثيقة عهد يمنية شاملة، وخارطة طريق لإنقاذ اليمن من الصراعات في حقبة الثمانينيات، وليست وثيقة حزب" المؤتمر"، وبشهادة الدكتور أبو بكر القربي، عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر، في اتصال مع "قناة اليمن اليوم" يوم 23 الماضي.
 
لكن ما فعلته القوى العسكرية، أنها اختطفت الوثيقة، وجيرتها لصالح تأسيس حزب، ظل أعضاؤه مربوطين بـ"شخص المخلوع"، وبقبيلته حتى آخر لحظة .
 
شخصياً، لست مع حذف قناة البكاء على الأطلال، أقصد "اليمن اليوم" من القمر الاصطناعي الروسي، لسبب ظريف، هو أنني كلما انتابتني حالة من الضجر، أعود إلى ما تعرضه من مسرحيات فكاهية، أبطالها، عفاشيون، يشهدون لأنفسهم بأنفسهم (لايف)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، لتفنيد كل خزعبلاتها.
 
مشهد: تتحدث نورا الجروي العقيد في جهاز الأمن القومي السابق، لتؤانس عبد الحفيظ النهاري، يتوسطهم المذيع عبد الولي المذابي، في حلقة يثني كل منهم على دور المؤتمر، وهكذا دواليك، حلقة وراء حلقة، وبرنامج وراء برنامج، وبرومو وراء برومو، ناهيك عن التقارير واللقاءات المختلفة.
 
مشهد آخر: طارق زمام، عضو اللجنة الدائمة، يقول إنه لا داعي لطلب استمارات العضوية للمؤتر، لكون الشعب اليمني كله مؤتمر!!!.
 
 إن إصرار إعلام هذا الحزب على تقديم نفسه حزباً "جنب اليمن الخراب والدمار"، يجعلنا نستدعي الكثير من واقع ماضيه المأسوي، الذي أوصل اليمن إلى الجحيم، نتيجة سياسة اللامبالاة التي انتهجها..
 
لاشك بأن ما نعيشه اليوم نتيجة تداعيات سياسته السوداوية، ولو كان كما يزعم العفاشيون وإعلام ماكينتهم بأن المؤتمر انتهج لغة الحوار وجنب اليمن الخراب والدمار، لما وصلنا إلى ربيع 11 فبراير العظيم في العام 2011م.
 
أعيد صياغة عنوان لقناة"اليمن اليوم" وهو واحدٌ من عشرات العناوين المثيرة للفكاهة " انتهاج المؤتمر لغة الحوار جنّب الوطن سيناريوهات الخراب والدمار". ويمكنننا الاستشهاد بأكثر من عبارة .. الحوار والديمقراطية، والوحدة، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة والمساواة والوسطية والاعتدال، ضعوا خطاً تحت "التداول السلمي للسلطة"؟!
 
وهكذا، منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهم يبكون على الأطلال، لم يقدموا شيئاً، لا في مجال الإعلام، ولا في أي مجال آخر، بل مثلما قال زعيمهم_ واصفاً الحوثيين بأنهم يقودون حرباً عبثية، فقناة "اليمن اليوم" والقائمون عليها من العفاشيين، يقودون بثاً عبثياً.
 
هذه هي لغة أنصار النظام السابق، الذين لايزالون يصرون على احتكار السلطة، والمطالبة بعودة الماضي، لحكم اليمن تحت يافطة " الأغلبية الساحقة"، في إجراء انتخابات نعرف نتائجها سلفاً!!
 
يقول الفيلسوف والمؤرخ الألماني فريدريك شيلر:“صوت الأغلبية ليس إثباتاً للعدالة”.
 
إن ما أنجز للبلد من مشاريع، هي من خيرات المال العام، والدول الصديقة، وليست من خزينة المؤتمر النهبوي التدميري العام، الذي لم يقدم في عهده فاسداً واحداً للمساءلة، إلى درجة أن مسؤولاً رسمياً في هيئة مكافحة الفساد، اعترف قبل سنوات بأن هيئته فشلت في استخراج أمر نيابي للتحقيق مع مسؤول كبير في الدولة، وحصل العكس، أن المسؤول الحكومي جرجر الهيئة إلى النيابة العامة خلال يومين بتهمة التشهير به في وسائل الإعلام!
 
لقد ظل النظام يستنزف المال العام في الإنفاق على بقاء المؤتمر ، وشراء ولاءات المشائخ والشخصيات المؤثرة في كل مناطق البلاد، بهدف تزايد أعضاء هذا الحزب، على حساب امكانات الدولة، وإذا ما نظرنا إلى قانون الأحزاب اليمني، فإن عقلية السفاح عفاش، لم تعمل به على الإطلاق، مما سهل له العبث بكل قوانين البلاد، فما من فرعٍ للمؤتمر، إلا وتجد فيها شيخاً متنفذاً ومجلساً للمقيل (ديوان) لممارسة النشاط الحزبي على نحو لا يمت للأخلاق ولا للمثل الحزبية، مشائخ أوكلت لهم فقط، استقطاب أكبر قدر ممكن من المنتسبين للحزب، تحت مغريات عدة، منها : الحصول على وظائف حكومية، مقابل الانتساب لهذا الكيان الفوضوي، وخلال السنوات الماضية، اضطر المئات من شباب الجامعات وخريجي المعاهد بالهرولة إلى المؤتمر، بحثاً -على مضض- عن عضوية بطاقة انتساب، للنجاة بوظيفة، كحق من حقوق الدولة على مواطنيه.
 
وبالمناسبة، الحديث عن العبث بالوظيفة العامة، فقد عبث النظام السابق بالوظيفة العامة على نحو إجرامي فظيع، وممنهج، بتوزيعها على المقربين والنافذين وأولاد المشائخ.
 
في جميع دساتير العالم، شُـرّعت نصوص تجرم العبث بالوظيفة العامة، وقد أوردت المادة (34) من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمني بالفقرات (4 ، 5 ، 6) :-
 
4- عدم المساس بحيادية الوظيفية العامة، كما يحظر تسخير الوظيفة العامة أياً كان نوعها أو مستواها أو المال العام لأي غرض حزبي أو تنظيمي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وفي حالة المخالفة تطبق العقوبات المنصوص عليها في القوانين النافذة .
 
5- عدم القيام بأية استقطابات حزبية وفقا للفقرة (4) من المادة (10) من هذا القانون.
 
6- عدم استخدام المساجد والمنشآت التعليمية والحكومية لممارسة النشاط الحزبي أو الدعاية لصالح أو ضد أي حزب أو تنظيم سياسي.
 
لكن العفاشيين، لم يطبقوا منها حرفاً، ولا يكاد يمر يوم إلا وهم يبعثون برقيات التهاني للثنائي العفاشي" أحمد علي ، وطارق محمد عبد الله صالح"، بمناسبة وغير مناسبة، ويرون أنهما سيعملان على إعادة اليمن إلى سابق مجده!! وكأن اليمن كان شامخاً، ولا ينقص من انتفض للمطالبة برحيل عفاش في العام 2011، إلا الذهاب إلى أقرب نهر، للاغتسال ودعوة الرب أن يغفر عنهم خطايا 11 فبراير!!
 
يتجاهل إعلام العفافيش، مع سبق الإصار والترصد على الوقاحة، إذكاء النظام السابق للحروب والكوارث: حرب صيف 94 الظالمة، واستحواذ كبار مسؤولي الدولة على آلاف الهكتارات من أراضي الجنوب، ولعلنا نتذكر تقرير "باصره- هلال" الشهير، الذي أثار آنذاك ردود أفعال كبيرة لاحتوائه على احصاءات وأرقام دقيقة شملت أسماء كبار عتاولة الفساد والمتنفذين فيما عُرف  آنذاك بقائمة الـ16، غير أن التقرير ظل سرياً ولم يسبق أن نشرت الوثائق أو الأرقام أو الأسماء التي وردت فيه.
 
ووفقاً لتقارير صحفية، فقد تحدث تقرير " باصرة - هلال " عن تعرض المساكن والمنشآت الحكومية للنهب في محافظة عدن، وصلت إلى  نهب 1357 مسكناً، تم اقتحامها، منها ثلاثة وستون عقاراً حكومياً في عدن فقط.
 
لم يكتف رأس النظام إلى هذا الحد، بل عمد إلى تسريح أكثر من ثمانين ألفا من الوظيفة العامة، أكثرهم قادة وكوادر في السلك العسكري والأمني، بحجة أنهم يشكلون "خطراً على الوحدة"، ويعرف القاصي والداني قصة الآلاف من الضباط والجنود الذين لجأوا للبحث عن مصدر دخل للعيش، في ممارستهم لمهن حرة، بعد أن تقطعت بهم السبل في حصولهم على رواتبهم، وقيل " قطع الرأس ولا قطع المعاش"، وهو ما فعله نظام عفاش، ولا ندري كيف سيبرر العفافشيون إقدام النظام على مثل هكذا جريمة بحق قادة وضباط وجدوا أنفسهم في الشارع، واضطر أغلبهم للتسول كرهاً، مما جعل قضيتهم تتحول إلى ولادة الحراك الجنوبي السلمي، الذي بدأ بمطالب بديهية" إعادة المسرحين العسكريين إلى وظائفهم".
 
لكن عنجهية وغرور رأس النظام أبى النظر في مطالبهم المشروعة، وأخذته العزة بالإثم، فقام بقمعهم بالعنف دون رحمة، ورمى الكثير منهم في غياهب السجون والمعتقلات، وذهب لدعم مشائخ ووجاهات بملايين الريالات، بهدف إخماد هذا الحراك، لتصل مطالب الحراكيين إلى طريق مسدود، في العام 2007، لتتحول قضيتهم من قضية حقوقية عادلة، إلى قضية سياسية، بعد جريمة منصة الحبيلين في العام 2007، والتي  راح ضحيتها أكثر من عشرة قتلى وثلاثين جريحا وسط إصرار عسكر وأجهزة المخلوع ، بأن هذا الحراك يشكل خطراًعلى الوحدة!... يتبع

*حصرياً بـ" الموقع بوست".
 

التعليقات