صنعاء وبذور التشيع 
الأحد, 27 يونيو, 2021 - 08:29 مساءً

ثمة امر يكاد يفوت كثيرين وهو أن بذور التشيع بدأت في قلب صنعاء داخل بيئة الأبناء وانتشرت منها الى همدان والتى كانت قد دخلت في حلف مع الفرس  قبل الأسلام  وهمدان من  القبائل التى واجهت الفرس في البدايات لكنها مالبثت أن شعرت بالإنهاك ثم ولتعويض  ضعف صلتهم بالسلطة المركزية لجأ الفرس بقيادة باذان  للبحث عن حليف محلي قوي فكانت همدان ويعرف هذا الحلف  بحلف الفرس وهمدان ويرد ضمن الوثائق السياسية اليمنية للقاضي محمد علي الأكوع ومثل حاشد وبكيل  زعيماها انداك ويذكران بأسميهما في الحلف  وهذا التحالف جعل همدان تقف في مواجهة كل القبائل اليمنية وكانت معركة"  الرزم "  من نتائج ذلك الحلف على الأرجح .   ولقد دخلت  همدان في مصاهرة مع الأبناء تجاوزت الشرط الذي وضعه  ملك الفرس على سيف بن ذي يزن  بعد الخراج  مقابل دعمه وهو  ان يتزوج الفرس  من اليمنيين  في حين يمنع تزويج اليمنيين منهم  والثابت أن مصاهرات حدثت بينهم  وهمدان فيما بعد متجاوزة  ذلك الشرط.
 
اذ يروي الرازي في كتابه تاريخ صنعاء أن أحد  وجهاء الأبناء  -يذكر اسمه في كتابه -خطب ابنته احد الأبناء وكان ثريا لكنه لم يكن مرضي السلوك وتقدم لها شاب فقير من همدان من ال لعوة وقد استشار الأب وهب بن منبه فاشار عليه بتزويجها الشاب من ال لعوه لحكمة ذكرها الرازي يمكن العودة اليها في الكتاب  وهو ما يدل انهم كانوا قد دخلوا مع همدان في علاقة مصاهرة حقيقية.
 
وفيما يخص التاثيرات الشيعية فقد بدأ الأمر اولا بوصول الحرورية اصحاب حروراء وهم الروافض واذا تجاوزنا هذه الحركة الرافضة الى الحضرمي الأعور وكان اباضيا دخل صنعاء في منتصف القرن الثاني للهجرة وارتكب مجازر.  ثم يجي العنصر الأهم وهو ارسال ابن طباطبا الجد إبنه  ابراهيم العلوي والذي سمي بالجزار الى صنعاء والذي وصلها في نهاية القرن الثاني للهجرة لكنه سرعان مااخرج منها ونحن اذ نذكر بدايات دخول الرسي الى صعدة المرة الاولى  في العام 282  ننسى دخول ابراهيم العلوي الجزارقبل اكثر من 85سنة من دخوله.
 
ثم تبقى اشارة اراها مهمة وهي انك تجد في كتاب الرازي ترجمة لاحد شيوخ الأبناء يشير اليه على انه جد اولاد الشيعي ويقيني انه جد ابي عبدالله الشيعي   والذي ارسله ابو الحسن منصور بن حوشب داعيا لابي عبيد الله المهدي في بلاد المغرب  وهو الذي مهد لقيام الدولة الفاطمية هناك كما نعرف.
 
واضيف امرين يكرسان فرضية ان بيئة الأبناء  في صنعاء كانت مهاد التشيع بشقيه العلوي والاسماعيلي وهي من اسباب انتشارهما وسط همدان والتى شكلت الحاضنة الأم للفصيلين.
 
وما اود اضافته هنا يتعلق اولا بالأمير  عبد الله بن قحطان بن يعفر  وهو ابن معاذة بنت علي بن الفضل فكما هو ثابت ان اسعد بن يعفر. حين دخل المذيخرة في 303هـ كان لعلي بن الفضل بنتان ويقال ثلاث وولد اسمه الفأفاء. لعيب في نطقه .خلف والده بعد مقتله وكانت اكبر بناته معاذة زوجها اسعد لابن عمه قحطان والأخرى لاحد قادته من بعدان.
 
معاذة هذه ولدت لقحطان الأمير عبدالله وقد عمر طويلا وكان حكم آل يعفر وهم سنة شافعية  قد تراجع في منتصف القرن الرابع للهجرة لكن عبدالله هذا استعاد الكثير مما كانوا قد فقدوه فقد استعاد صنعاء والتى سلمت اليه من بني حاتم حينها ثم استعاد زبيد وتعز ومخلاف جعفر. والملفت أن عبدالله هذا منع الخطبة للخليفة العباسي واقر الخطبة للمعز لدين الله الفاطمي وفيما يشبه الحنين لميراث جده لأمه علي بن الفضل قام بحماية الاسماعليين ورعاهم وقد كانوا دخلوا دائرة الاستتار. بعد عقود من مطاردة ابن عبد الحميد والزيدية والحكام المحليين لهم وفي عهد عبدالله بن قحطان هذا  شهدوا فترة رخاء عاودوا خلالها الظهور والنشاط.
 
الأمر الأخر المتعلق بشيوع التشيع في البيئة الصنعانية بقسميه العلوي والفاطمي.
 
يمكن الاشارة اليه من خلال قرينة هامة للغاية وهي تحول القائد التركي بردسار  والذي خلف اسماعيل بن طغتكين في صنعاء في اواخر القرن السادس تحوله للإسماعيلية وقد كانت فترة ولايته على صنعاء من اسوأ الفترات وعدوه من اسوأ قادة الإيوبيين عموما.
 
ويؤكد تحوله للاسماعلية في صنعاء أثناء توليه لها بقاء بؤرة اسماعلية نشطة في قلب صنعاء استمرت في الدعوة بعد انتهاء الدولة الصليحية بموت السيدة في 532هـ ثم انتهاء حكم آل زريع في الجنوب ومناطق من الشمال على يد توران شاه الأيوبي الذي وصل زبيد سنة 569وشنق عبدالنبي ابن مهدي ثم اتجه صوب عدن وسيطر عليها  وواصل جيشه الزحف الى اكثر مناطق اليمن.
 

التعليقات