الاتفاق السعودي الإيراني ومأرب ومصير الشرعية
الأحد, 17 أكتوبر, 2021 - 08:25 مساءً

لو أن مجموعة من الناس ذهبوا إلى يفرس بتعز وبالتحديد إلى ضريح أحمد بن علوان وطالبوه بالتحرك العاجل لحل مشاكل اليمن والنهوض لإنقاذه فلاشك أن كل الناس سيتهمونهم بالجنون والشرك والقبورية والتفكير الخرافي وغياب العقل والتفكير والسليم ووو ألخ .!!
 
كل هذا يمكن فهمه لكن عندما يطالب برلمانيون أو مشايخ أو البعض من النخبة ، عندما يطالبون الميت عبدربه منصور هادي بالتحرك لإنقاذ اليمن أليس هذا هو الجنون بعينه والتفكير الخرافي بذاته وغياب العقل والمنطق ؟!!
 
هادي وابن علون من الموتى والميت لا يقدم ولا يؤخر ولا ينفع الحي بشيء والفرق بينهم أن ابن علوان كان من الصالحين ولذا أعتقد العوام أنه ولي ينفع ويضر بينما هادي من الخونة المجرمين تآمر على بلده وباعها بثمن بخس والكل متأكد أنه مجرم يضر ولا ينفع ، والغريب العجيب الذي حير الفلاسفة وأدهش أرباب العقول أننا لا نزال نجد من يرجو من هادي خيرا وينتظر منه نصرا وقناعتي أن من يأمل منه القيام بموقف وطني وغيرة على اليمن وتحرك جاد على أرض الواقع كمن ينتظر عودة الحياة لجثة محنطة في متحف فرعوني غير مدرك بأن زمان المعجزات قد ولى وأن الكرامات الخارقة للعادة هي لأولياء الله الصالحين وبالتأكيد هادي ليس منهم .!!
 
يا ناس يا خلق الله : هادي كان في صنعاء رئيس منتخب وكان يمتلك الإجماع المحلي والإقليمي والدولي وتحت يديه الجيش والمال والإعلام والقبائل والأحزاب فماذا فعل ؟!
 
تآمر على كل الرجال الأحرار ،ودمر كافة مؤسسات الدولة وكانت البداية بالجيش والأمن ، خذل رجاله الشرفاء وسلم مقاليد البلد للسفراء الأجانب لينفذوا المخطط الأمريكي في اليمن والذي ما زلنا نعيش فصوله الأخيرة وساعدهم هو بدوره السلبي المخرب وكان الغطاء والمنفذ لأجندتهم .
صحيح كان للآخرين دورا فيما حدث ولكن لو أن هادي رجل وطني وعمل حينها بإخلاص وضمير وبحس وطني وبنية صادقة لإنقاذ اليمن لامكنه ذلك ولكن ما حدث هو العكس تماما كان هادي هو المظلة والغطاء لكل تحركات التخريب والتدمير الممنهج في اليمن منذ تولى الرئاسة إلى اليوم ، نصحه الكثير من العقلاء وأقترحوا عليه العديد من المقترحات والحلول وحذروه من مغبة ما يفعله ولكن أصم أذنيه وتعامى ومضى وراء سفراء أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات وأدواتهم في الداخل حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه .
 
يحدثني صحفي ألتقى بوزير الدفاع حينها محمد ناصر أحمد  ، ألتقاه في عاصمة أوربية بعد خراب البلاد وتفرق أبناء اليمن أيدي سبأ وسأله عن دوره فيما حدث فرد عليه بالنص : " كنت أنفذ توجيهات الرئيس هادي " .!
 
وحين سأله : هل كانت لديك توجيهات خطية من الرئيس هادي بأن يقف الجيش على الحياد حين دخل الحوثيين صنعاء ؟!
قال : نعم ولدي شوالة مليئة بهذه الوثائق وكانت كلها توجيهات هادي نفذتها بالحرف الواحد وتلقيت اللعن والشتائم من كثير من القيادات العسكرية والوطنية وأنا محتفظ بهذه الوثائق لأني مقتنع أنه سيأتي يوم وتخرج كلها إلى اللعن .
 
الآن هادي في فندق بالرياض وكل ما يملكه هو ريموت التلفزيون والبعض يطالبه بالتحرك لإنقاذ اليمن .!!!
 
والغريب والعجيب أن وزير الدفاع السابق محمد ناصر أحمد تلقى الكثير من اللعن والشتائم والسباب بينما صمت الكل عن هادي الذي يوجهه ويأمر بتلك الخيانات والمهام الغير وطنية .!!
 
أنا لا أدافع عن محمد ناصر أحمد وقد هاجمتهم مرارا وتكرارا ومقالاتي وأحاديثي تشهد بذلك ولكن يبدو أن البعض كانوا ينتظرون من محمد ناصر أحمد التمرد على هادي وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن ، وكان يستطيع عمل ذلك التمرد ورفض توجيهات هادي وكشفها للعلن ولكنه كان سيقال فورا وبقرار من هادي ولن يقف معه أحد وسيحال للمحاكمة والتحقيق إن لم تتم تصفيته وتغمد الله الفقيد بواسع رحمته .!
 
لقد تمرد كثيرون على ما يحدث ورفضوه فأقيلوا وخذلهم الجميع ولم يقف معهم أحد .
 
 للأسف منذ بدأ هادي كوارثه منذ 2013 والكل صامت ، الأحزاب ، والنخب ، حتى العلماء والدعاة للأسف ، الكل صمت ، كانوا ينتقدون من هم دونه ويتجاهلون أنه أسأس الخراب وأصل الداء ولو أنهم تحركوا ضده سريعا لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه ولكنهم كانوا بسلبيتهم تجاه هادي جزء من هذا الخراب الكبير الذي يحتاج لعقود من الزمان ، هذا إن توقفت مسيرة الخراب الذي يقوم بها التحالف وأدواته بالداخل عبر لافتة الميت هادي عند هذا الحد ، الكارثة ان القادم أسوأ مما تتخيلون طالما أن أنهم مايزالون يرفعون جثة هادي المعترف بها دوليا كرئيس وطالما أن علي محسن بالأمس يتحدث عن تنفيذ اتفاق الرياض .!!
 
أي والله يتحدث عن استكمال تنفيذ اتفاق الرياض .
  
في 21 سبتمبر أيلول 2014 ألتقى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في نيويورك بالولايات المتحدة وهو اللقاء الهام الذي استمر لأكثر من ساعة وتم الإتفاق على دعم التحرك المسلح للحوثيين ودخول صنعاء لاسقاط ما اسموه يومها " القوى التقليدية " في اليمن وفرض واقع جديد على أن يعودوا بعد ذلك إلى صعدة سالمين غانمين وصدقت القيادة السعودية بغباءها التاريخي المزمن أن التحرك الحوثي المسلح سيصب في مصلحتها  وسيكون بحسب الإتفاق الذي تم مع الجانب الإيراني ، والذي حدث في الواقع ان جماعة الحوثي استفادت من الدعم السعودي الإماراتي وضربت القوى التي كانت حليفة للسعودية وخرجت عن نص الاتفاق وواصلت تقدمها في المناطق اليمنية مستفيدة من رغبة الرئيس السابق علي عبد الله صالح للانتقام من خصومه ولذا مهد الطريق للحوثيين على أمل ان يستخدمهم هو بعد ذلك لتحقيق أهدافه كما استخدمهم كواجهة للانتقام من خصومه ، بعد خروج جماعة الحوثي عن نص الاتفاق وضرب حلفاء السعودية تدخلت السعودية عسكريا تحت لافتة " التحالف العربي لدعم الشرعية وإنهاء الانقلاب " وبعد ست سنوات من التدخل العسكري للتحالف في اليمن ، بدلا من إعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب أوجدت السعودية انقلابات جديدة ضد الشرعية كما حدث في عدن وغيرها وضربت الشرعية وعرقلت عودة الدولة ودعمت الانقلاب .!!
 
الجديد :  يوم أمس الأول ألتقى وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في واشنطن مع وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وناقش الوزيران الهدف المشترك المتمثل في التوصل إلى حل دائم لإنهاء الصراع في اليمن".
 
و"جدد الوزير الأمريكي التأكيد على أن الولايات المتحدة لا تزال تتمسك بمساعدة المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أراضيها وشعبها. كما جدد التأكيد على أن الولايات المتحدة تدين هجمات الحوثيين على المملكة".
 
هذا اللقاء يشبه كثيرا اللقاء بين وزير الخارجية سعود الفيصل ووزير الخارجية الإيراني جواد ظريف ـ والذي سبق سقوط صنعاء بأيدي الحوثيين بيوم واحد ـ من حيث المكان وموضع البحث وهو اليمن ، ومن المؤكد ان موضع اللقاء هو مناقشة قضية مأرب فالجانب الإيراني وضع أمام السعودية شرط أساسي لمساعدتها في إنهاء الأزمة اليمنية وهو تسهيل سقوط مأرب بأيدي الحوثيين ، وهو ذات الشرط الذي وضعه الحوثيين أيضا أمام السعودية للتفاعل مع مبادرتها للسلام في اليمن .
 ولان السعودية صارت الآن تلهث خلف إيران وتسعى لإرضائها لكي تخرج من الأزمة اليمنية بأي ثمن فإنها ستلبي هذا الشرط وهو ما ألمح إليه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي أكد قبل أيام أن الحوار مع السعودية يسير في الاتجاه الصحيح وأضاف : "توصلنا إلى اتفاقات معينة بشأن مواضيع محددة ونرحب بهذا الحوار".
 
لم تعمل السعودية على الحفاظ على مأرب دعما للشرعية اليمنية فالشرعية اليمنية تم تدميرها تماما بأيدي السعودية ولكنها احتفظت بمأرب كورقة بأيديها تستخدمها في الوقت المناسب في حوارها مع إيران وحلفائها في اليمن ولذا فسوف تسهل سيطرة الحوثيين عليها مقابل ضمانات موافقة الحوثيين على المبادرة السعودية للسلام في اليمن ومقابل ضمانات أمريكية بعدم إطلاق الحوثيين للصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية والمحافظة على حدودها الجنوبية وأن تلتزم الولايات المتحدة بأمن المملكة بعد ذلك، ولو لاحظتم ستجدون أن البيان الصادر عن لقاء وزير الخارجية الأمريكي بوزير الخارجية السعودي الخميس الماضي قد أشار إلى هذا فنص على ما يلي : "جدد الوزير الأمريكي التأكيد على أن الولايات المتحدة لا تزال تتمسك بمساعدة المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أراضيها وشعبها. كما جدد التأكيد على أن الولايات المتحدة تدين هجمات الحوثيين على المملكة".
 
ألتزمت السعودية بتسهيل سقوط مأرب بأيدي الحوثيين وما حدث في منطقة العبدية هو البداية وبالمقابل ألتزمت الولايات المتحدة للسعودية بمساعدة السعودية في الدفاع عنها من هجمات الحوثيين وفور سقوط مأرب ستبدأ المحادثات الجادة بين السعودية وإيران والسعودية والحوثيين وستكون الشرعية قد فقدت أهم معاقلها في الشمال وانتهت كطرف فاعل ومؤثر وسيبدأ واقع جديد في اليمن .
 
 لقد أقتنعت كافة القوى الإقليمية والدولية أن الشرعية انتهت وأن بقاء مأرب خارج سيطرة الحوثيين أمر يعرقل السلام في اليمن ولذا الكل ينتظر الآن ما ستقدمه السعودية من تسهيلات لإسقاطها لكي يبدأ بعد ذلك واقع جديد في اليمن فقد أكدت إيران وحلفائها في اليمن أن مأرب هي عقدة الخلاف وتصلبت في مطالبها بأن تسهل السعودية السيطرة عليها وبعدها سيكون الحوار الجاد والمفاوضات السريعة بعيدا عن قيادات الشرعية التي ستلتفت هي الأخرى لمشاريعها التجارية ومستقبل أولادها في الخارج .
 
لم أكتب هذا لدعم جهة ولا لتخذيل أخرى ولكن كل المؤشرات تؤكد أن الشرعية انتهت بعد أن خذلت أبناء اليمن وارتضت بأن تكون مجرد أداة بأيدي السعودية والإمارات والأمريكان والبريطانيين وأن السعودية تنفذ أجندتها ومشاريعها في اليمن .
 
خلال الفترة القريبة القادمة ستطلق السعودية رصاصة الرحمة على الشرعية وستكون مارب هي الثمن ولا يعني هذا أن سقوطها بأيدي الحوثيين هو أمر حتمي ولكن هذا هو الاتفاق بين السعودية وايران عبر الوساطة الأمريكية وبالضمانات الأمريكية ، وللأسف فهذه الكارثة المسماة بالشرعية خذلت كل أبناء اليمن ، خذلت الجيش والقبائل والمواطن وتفرجت على حصار العبدية كما تفرجت على حصار حجور وعتمة وغيرها وكانت أداة أعداء الأمة لذبح اليمن وتنفيذ كل هذا التخريب والتدمير الممنهج في اليمن وان التعويل عليها كارثة كانت من أبرز أسباب الخراب أيضا ولذا ستسقط في القريب العاجل ترافقها كمية كبيرة من التحليلات والتناولات والمنشورات التبريرية والتآمرية والسطحية أيضا ..
 
لقد كتبت في بداية عام 2014م تحليلا أكدت فيه أن السعودية والإمارات والدول الكبرى ستوصل الحوثي إلى صنعاء وغيرها ويومها سخر مني الكثير من الناس رغم اني كنت من الناصحين المحذرين واليوم ربما تتكرر نفس التعليقات ولكن الأيام بيننا إلا إذا كان هادي الراقد في الفندق سيغير الواقع في اليمن فهذه معجزة جديدة في زمن ولت فيه المعجزات .!
 

التعليقات