اللغة العربية.. لغة القرآن والجمال والشاعرية
الأحد, 19 ديسمبر, 2021 - 06:58 مساءً

من يتذوق اللغة العربية يجدها الأكثر شاعرية بين اللغات في العالم ، والأجمل نطقا وفصاحة ، والأكثر جمالا ، والأبهى سحرا وجلالا ، والأبلغ تعـبيرا ، والأبسط لفـظا ، والأجمل رسما ، صعبت على غير الناطقين بها لغزارة مفرداتها وكثرة ألفاظها ، فتجد للكلمة الواحدة عدة مفردات ، في ثراء عجيب وتنوع غريب ، لتناسب من سينظم الشعر ومن يكتب النثر وليأخذ كل منهما ما يريد .
 
فمثلا لو أن كلمة جاء لا تناسب قافية أحدهم بإمكانه أن يقول أقبل أو وصل أو أتى أو وافى أو حضر أو قدم أو أطل كما أن للغة العربية شاعرية عجيبة فمن لفظ الكلمة تعرف معناها لو تأملت فمثلا كلمة  " جهنم " من يتأمل لفظها سيجده يوحى بالتجهم والخوف والوحشة غير كلمة " سلسبيل " والتي توحي بالسلاسة والرقة كأنه اللفظ جدول ينساب حين النطق في الفم وهو لفظ يناسب المعنى تماما ومثلا كلمة أفتتح ألا يوحي لفظها بتفتح وانفكاك وانفراج غير كلمة أغلق يوحي لفظها بالإقفال والانسداد وغيرها كثير .
 
اليوم تمر علينا اليوم مناسبة اليوم العالمي للغة العربية 18 ديسمبر وهو حدث يمر دون أن تنتبه له الكثير المؤسسات الثقافية والإعلامية العربية وتثريه بما يستحق من الفعاليات والإصدارات وهو أمر مؤسف فاللغة العربية هي لغة القرآن ووعاء الحضارة العربية والإسلامية وهي أروع لغة بتفردها بكم كبير من الألفاظ والمفردات في ثراء معجز ومدهش في آن وفي روعتها وشاعريتها وجمالها ورونقها .
 
وللأسف لا يدرك كثيرون أن اللغة تعني بوابة الهوية حتى أن كثير من المثقفين والمفكرين يجدون صعوبة في الفصل بين اللغة والتبعية فمن يعشق لغة معينة سيتبع حضارتها ، والأمم التي تقوم عليها حتى في ولاءه السياسي ، وقد أشار الأديب والمفكر العربي المهاجر والراحل جبران خليل جبران في كتاباته أن من يحبون اللغة الفرنسية ويتحدثون بها يريدون من فرنسا إدارة بلدانهم ومن يتحدثون الإنكليزية يريدون من بريطانيا والولايات المتحدة إدارة بلدانهم أو يسعون ويتمنون حدوث أمر كهذا ..
 
ولذا فاللغة تتجاوز كونها وسيلة للتفاهم إلى أكثر من ذلك ولهذا يعرف الباحث السياسي اللبناني قاسم محمد عثمان الفرنكفونية بكونها واقع معاش ونمط تفكير وسلوك حياة، قبل أن تكون انخراطاً في نموذج سياسي أو في كيان جغرافي. فهي كيان يتحرك فيه الإنسان ضمن تنوعه العرقي والوطني والديني، وهي مكان للتلاقي بين البشر ولتبادل المعلومات وتناقل المعرفة وتقاسم الثقافة. وهي إطار للتلاقح المثمر ولتقدير الحياة بالمعنى الإنساني والأخلاقي للكلمة. ولأجل ذلك كله، تعيش الفرنكفونية وتتطور وتترسخ ضمن التعددية واحترام خصائص الآخر وخصوصياته واختياراته.
 
ولو تأملنا في الجهود التي تبذلها الدول لنشر لغتها لأدركنا مدى أهمية نشر اللغة كونها وعاء للثقافة فالمستعمر الفرنسي مثلا أسس " الفرنكوفونية " وهي المنظمة الدولية للناطقين بالفرنسية والتي تتكون من 80 بلدا وحكومة و 57 عضوا و23 مراقبا، بالإضافة إلى المستعمرات الفرنسية القديمة تضم المنظمة دولا مثل بلجيكا ولوكسمبورغ ومقاطعة الكيبك الكندية.
 وقد تأسست الفرنكفونية يوم 20 مارس/ آذار 1970، لذلك صار هذا اليوم يوما عالميا للاحتفال بالفرانكوفونية.
 
وتقوم فرنسا بعقد القمة الفرنكفونية كل سنتين وعلى مستوى رؤساء الدول كما تمارس ضغوطا كبيرة على الدول لإنشاء معاهد وأقسام للغة الفرنسية وأحيانا تربط مساعداتها للدول بتعزيز لغتها ونشرها وتدريسها .
 
 لقد كان المستعمر الفرنسي في غاية الذكاء وهو يغادر بجيوشه بعض دول أفريقيا ويبقي على لغته وينص في الاتفاقيات الرسمية على أن تظل اللغة الفرنسية هي الللغة الرسمية لأنه يدرك أن اللغة وعاء الثقافة والثقافة أداة التأثير الأكبر في العقول والوجدان والأذهان وهو ما يعني بقاءه في هذه الدول وبأشكال أخرى وشيوع ثقافته وانتشار فكره وتأثيره .
 

التعليقات