بعد سبع سنوات من الحرب في (وعلى) اليمن، وخمسة أشهر من الهدنات المتلاحقة، يتحتم على القوى السياسية (تقليدية وجديدة)بحث سبل الاقتراب والتواصل فيما بينها بالتوازي مع جهود السلام الدولية والاقليمية.
اثبتت التطورات ان الاهداف التي حددها طرفا الحرب، مستحيلة التحقق! بكلمة أخرى فإن اليمن لم تكن مهيأة- ولن تكون- لمباراة صفرية يخرج منها طرف رابح كل شيء وآخر يخسر كل شيء. لقد اتضح ان هذا الخيار عبثي ومدمر في نهاية الشهر الثالث للحرب عندما اعلن التحالف نهاية العاصفة وبدء الأمل في حين استمر طيرانه بتدمير البنية التحتية وحصد الأرواح في قاعات الافراح وصالات العزاء على حد سواء!
لقد كان موقفي في الأيام الأولى للحرب في اليمن ان اهدافها مستحيلة التحقق. والاكيد ان الحوثي فشل رسميا في تحقيق مشروعه بعد دحره (ومعه قوات حليفه صالح) من عدن في صيف 2015، وبالمثل فشلت الشرعية في تحقيق اي تقدم يقربها من صنعاء عاصمه الدولة بلك ب"مران" الذي توعد الرئيس (السابق) هادي يرفع علم الجمهوريه في قممها و"كهوفها".
منذ صيف 2015 واصل الطرفان الداخليان الحرب، ومع الوقت صارت الحرب أداة اقليمية (ودولية) يرسم خطوطها اطراف ليسوا معنيين بأسباب تفجرها.
انسحبت السعودية نظريا في ابريل الماضي بعد ان انقلبت على الرئيس هادي توطئة للانسحاب فعليا من ساحات القتال. لقد تخلصت من هادي الذي صار عبئا رغم انه اصلا ذريعة شنها الحرب، وتولى الامير محمد سلمان شخصيا تركيب الشكل الجديد للسلطة "الشرعية" وتسمية مجلس القيادة دون أي دور لليمنيين الذين تم جلبهم الى الرياض لأغراض إخراجية!
والثابت ان الجميع "بصم" على قرار الامير قبل مطلع الفجر، ثم غادروا بهدوء!
صفوة القول ان السعودية قررت، ونفذ الموالون لها ما قرره ولي العهد حرفيا.
نحن إزاء المشهد نفسه لكن تغيرت المسميات والشخوص. وعلى اليمنيين انفسهم تجريب مقاربات بديلة بعيدا عن الرياض وطهران وابو ظبي فالأكيد أن الحرب في اليمن في احسن الأحوال ساحة للمزايدات والمناقصات اقليميا ولم يعد لأهداف اطرافها الداخليين محلا من الإعراب عن العرب والعجم!
لن ترفع رايات الشرعية في مران، ولن يقبل اليمنيون ان تخضعهم "المسيرة" الخرافية فتعيدهم 3 قرون الى الوراء! بتجريب بدائل محلية (وان لاحت شحيحة) يمكن ان تظهر فرص للسلم بعيدا عن هدنات متتالية تخدم اجندات اقليمية.
هذه الفرص -ينبغي أن نقول ونؤكد- يستحيل ظهورها خارج "مربع" سيطرة الحوثيين! هناك بدأت الحرب .. وهناك تنتهي.