بين الشهرة والتفاهة.. هل يُختزل الأدب في "اللا أدب"؟
السبت, 09 نوفمبر, 2024 - 09:29 مساءً

في عصر التواصل الاجتماعي، بات بإمكان أي شخص أن يصبح "مشهورًا" بين ليلة وضحاها، سواءً بفضل موهبة حقيقية، أو عبر خلق زوبعة فارغة، ومن هنا، أصبحنا نرى مشاهير يقتحمون مجالات كالأدب والفن دون امتلاك خلفية معرفية أو مهارات تؤهلهم لتقديم شيء ذي قيمة، وأفضل مصطلح للتعبير عنهم هو (مشاهير الفراغ).
 
ومن هذه الظواهر، ما شهدناه مؤخرًا عندما أطل علينا جلال الصلاحي أحد مشاهير الفراغ برواية أدبية يزعم أنها من تأليفه، الأمر في حد ذاته غير متوقع، وقوبل بالشك من قبل الكثيرين ومن بينهم الأكاديمي المعروف د. قائد غيلان  الذي انتقده بشدة، متّهمًا إياه بعدم الفهم العميق للأدب، وربما حتى بشراء الرواية أو توظيف من يكتبها له.
 
بالتأكيد، لعلّ البعض يجد أن في هذه الانتقادات مبالغة أو نوعًا من "الغيرة الأكاديمية"، لكن إذا نظرنا بعمق، سنرى أن هذا النقد له أسبابه ومبرراته، فالأدب ليس مجرد كلمات مُصفَّفة على الورق، بل هو تعبير عن تجربة إنسانية، ورؤية تنبثق من عمق الفهم للحياة والمجتمع، وهو ما لا يتوفر بالضرورة لنجوم التفاهة الذين يملكون القدرة على جذب المتابعين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
 
في هذا السجال، تتجلى ظاهرة نعيشها في "عصر التفاهة"، حيث يتم تهميش الأصوات الأصيلة والقيمة، لصالح موجة من المحتوى السطحي الذي لا يقدم للمتلقي سوى القليل من التأمل أو الفائدة. نرى من خلال مواقع التواصل وجوهًا بارزة دون أن يحمل معظمها علمًا أو فكرًا؛ بل يكفيها إثارة الجدل لتحقيق شعبية واسعة؛ إن هذه الموجة تكرّس نوعًا من "اللاعقلانية" في تقييم الإبداع، حيث يصبح كل ما يقدمه "المشهور" مقبولًا لمجرد اسمه، حتى لو كان سطحيًا أو مبتذلًا.
 
في مواجهة هذا، نجد الأكاديميين والمثقفين يتساءلون بقلق عن مستقبل الأدب والفن، ويسعون للوقوف بوجه ما يعتبرونه "تجارة خالية من المعنى"، وهم بهذا يدافعون عن قيمة الجهد والتعبير العميق، ويخشون أن يتحول الأدب إلى مجرد أداة دعائية أو وسيلة للشهرة المؤقتة.
 
في النهاية، من الضروري أن ندرك أن الأدب، كفن راقٍ، لا يُختزل في مجرد كتابة نص أو نشر كتاب أو رواية؛ بل هو التزام بقضايا ومبادئ، وإثراء للوعي الإنساني، وهو مالم ولن يتوفر لدى "مشاهير الفراغ".
 

التعليقات