من الصعب الحديث عن مآلات العملية بوجود طيران يملكه "بوتين" الذي لم يعرف الخطوط الحمراء إلا في "أوكرانيا" لأن بواكيها والمدافعين عنها يملكون القوة العسكرية والسياسية.
لكن العملية مشروعة لجهة عنوانها، أي "ردع العدوان" الذي صار يتكرّر كثيرا من قبل النظام بقصفه لمناطق النازحين في أدلب وريفها، في وقت يصمت صمت القبور على الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة في عموم الأراضي السورية، وهو ما ينطبق على سيّده الروسي الذي يبدو مفضَّلا بالنسبة إليه على إيران، لأن العناق مع الأخيرة أكثر كلفة عليه؛ هو الذي يريد الخروج من عنق الزجاجة (سياسيا واقتصاديا)، الأمر الذي يبدو شبه مستحيل ضمن ذات المسار القديم.
في الظاهر هو يتصرّف بروحية الانتصار (ينظّم الانتخابات، كأنه سويسرا، ويصدر المراسيم، ويغيّر الوزراء والمسؤولين)، لكن ذلك كله لا يخفي أزمته الكبرى، ليس في الاقتصاد وحسب، بل في بلد صار له "شتات" خارجي وداخلي يقرب من نصف مواطنيه، وفيه معتقلون بنسبة لا يضاهيها أي بلد، فضلا عن نحو مليون من الشهداء والجرحى والمفقودين، بما يعنيه ذلك من كراهية وثارات رهيبة.
شعب سوريا يستحق العدالة والحرية، لكن المصيبة أن كل القوى الدولية تُجمع على بقاء النظام، ومعها "كيان الصهاينة" في الجوار.
جدل توقيت العملية كان سيتكرّر في أي حال، ولو كانت قبل سنة أو قبل شهرين، لكن الحقيقة أن الإعداد لها كان يتم منذ زمن، والحديث عن خدمتها للمشروع الصهيوني لن يصدر إلا ممن كانوا مع النظام وهو يقتل السوريين، حتى حين كانت ثورتهم سلمية، وقبل أن تنطلق رصاصة واحدة.
ندعو الله أن تتمكّن العملية الراهنة من تحقيق أهدافها، لكن أزمة سوريا ما تزال بعيدة عن الحل، لأنها جزء من أزمة أكبر عنوانها حرمان شعوبنا من الحرية والعدالة، وفي الآن نفسه من استقلالية قرارها بعيدا عن الهيمنة الخارجية، بخاصة مع وجود "كيان" تم زرعه لكي يكرّس شرذمتها وتبعيتها.