مسنّة تركية تصبح مخرجة عالمية.. إليك الطريقة التي جلبت بها كريستيانو رونالدو لقريتها الفقيرة
- هافينغتون بوست عربي الخميس, 16 مارس, 2017 - 07:21 مساءً
مسنّة تركية تصبح مخرجة عالمية.. إليك الطريقة التي جلبت بها كريستيانو رونالدو لقريتها الفقيرة

تمثل "العمة أمية" هذه المرأة الستينية مثالاً للنجاح، الذي لا يخضع للمنطق ولا يعترف بأي حدود، فمن عاملة في حقول الليمون بإحدى القرى التركية بالقرب من مدينة مرسين، إلى مخرجة أفلام عالمية، رحلة جاهدت فيها الصعاب لتوصيل صوتها وتجربتها للعالم.
 
وبالفعل كان آخر أعمال التركية إعلاناً قام بأدائه النجم العالمي البرتغالي كريستيانو رونالدو، لتحفيز الأطفال والشباب حول العالم للدور الذي يمثله الإيمان بالحلم في بلوغ أي نجاح مهما كان يبدو مستحيلاً.
 
 رونالدو
 
الإعلان الذي انتشر الثلاثاء 14 آذار/ مارس الجاري على الشبكات الاجتماعية تحت اسم "احلم فقط" برفقة نجم ريال مدريد كريستيانو رونالدو، جاء في إطار حملة تسويقية تقوم بها شركة الاتصالات التركية، أنتجت "العمة أمية" هذا الإعلان التحفيزي مع رونالدو، الذي يعتبر أحد أبرز الوجوه الإعلانية في العالم.
 
المفارقة أنه قد تم تصوير مشاهد هذا الإعلان في مسقط رأس المخرجة مرسين، وبالعاصمة الإسبانية مدريد، حيث توجِّه رسالة من خلاله للأطفال والشباب، مفادها أن كل الصعوبات والمشاكل التي من الممكن أن تعترض أي شخص في سبيل تحقيق غايته أو حلمه قابلة للتجاوز.
 
وتقول في الإعلان "إن كان لديك حلم فحافظ عليه، واعمل على تحقيقه"، مستحضرة مثال اللاعب البرتغالي الذي يعتبر نموذجاً كبيراً لروح التحدي، والإيمان بالذات، والعمل الجاد.
 
كما عرضت في الإعلان تجربتها الشخصية قائلة: "العمة أمية كان لديها حلم أيضاً، حلمها أثار استغراب الكثيرين، سائلين عن جدوى إقامة نادٍ للمسرح النسائي، أو تصوير أفلام بقرية، لكنها آمنت بالفكرة، وبفضلها حصلت على جوائز من مختلف بقاع العالم... كما أنها هي من قامت بإخراج هذا الإعلان".
 
 أحبت رونالدو
 
وقد حقق هذا المقطع خلال يوم واحد من نشره حوالي 250 ألف مشاهدة، ولقي الكثيرَ من الصدى الإيجابي من مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، الذي تفاعلت معه العمة أمية من خلال حسابها الرسمي على موقع تويتر، حيث أرفقت صورة لها مع النجم البرتغالي قائلة: "لا أعلم أولادي.. كيف تجدون كريستيانو وأنتم تشاهدونه، لكنني أحببته كثيراً كابن".
 


بداية بائسة

ولدت العمة أمية في الحياة سنة 1957، بقرية تشيلملي، إحدى أكثر المناطق تهميشاً وفقراً في تركيا، التي تقع بضواحي مدينة أضنة جنوب شرقي البلاد.
 
ورغم تعلقها بالدراسة فإنها اضطرت لترك مقاعدها التي أحبتها مبكراً، وذلك بعد المرحلة الابتدائية مباشرة، بسبب المشاكل المادية التي كانت تعيشها أسرتها المكونة من 10 إخوة.
 
ومع ذلك لم تقطع أمية صلتها مع القراءة، حيث كان أول كتاب تقرأه هو رواية "الأم" الروسية، من تأليف "مكسيم غوركي"، الذي أثرت في مسار حياتها فيما بعد، حسب قولها.
 
بعد هذا الانفصال القسري عن الدراسة، كان مسار حياتها محتوماً، شأنها شأن كل نساء القرية بدءاً من العمل في حقول مدينة مرسين إلى الزواج والإنجاب والعيش برتابة على نفس النسق، دون أن يكون لها أي دخل في رسم خط سير حياتها.
 
 تمرد وسخرية
 
ولكنَّ حياة كهذه لم تستهوِ العمة أمية، التي أعلنت تمردها على قوانين القرية وتقاليد المجتمع، لتؤسس سنة 2001، أي بعد زواجها، أول نادٍ للمسرح النسائي باسم "المسرح النسائي لقرية أرسلان"، بهدف زيادة الوعي نحو مشاكل الاضطهاد، والعنف وقسوة الحياة التي تعانيها المرأة القروية، وذلك من خلال نقل تفاصيل حياتها بطريقة فنية من خلال أعمال مسرحية.
 
وتحكي في هذا السياق، أن فكرة مسرح نسائي بقرية تركية مهمشة لم تلقَ في البداية أي تجاوب أو مساندة، حيث اعتبرها البعض خطوة فاشلة، في حِين كانت محل سخرية من البعض الآخر، فلا المكان ولا الزمان ساعدا الناس في الإيمان بهذا المشروع.
 
غير أن هذا ما زادها إلا عزيمة وإصراراً على النجاح وإثبات ذاتها، غير آبهة بهذه العراقيل.
 
وبالفعل انتقلت للعمل السينمائي ليكون بداية لقطف ثمار النجاح.
 
وكان أول دور مسرحي قامت بأدائه "العمة أمية" مع نادي المسرح الذي أسسته من تأليف "رمزي أوزتشيليك"، بعنوان "حجرة اللوز"، ومع تطور النادي تدريجياً، أصبحت تكتب نصوص مسرحيات تستوحيها من واقع الحياة اليومية التي كانت تعيشها برفقة نساء القرية، كمسرحية "صرخة نسائية".
 
بعد إنشاء النادي بخمس سنوات، جاء أول ظهور كبير للمجموعة التي تعمل معها ضمن فعاليات مهرجان صابانجي الدولي للمسرح بمدينة أضنة، عن طريق مسرحية "اشتياق زهور"، التي لاقت استحسان الجمهور ولجنة التحكيم.
 
 محرومة من جائزتها
 
بعد تجربتها في العمل المسرحي قررت العمة خوض غمار تجربة جديدة، حيث قامت بإنتاج عمل سينمائي (إخراج وكتابة السيناريو) بعنوان "طفل الصوف".
 
ويروي الفيلم الحياة المأساوية التي تعيشها فتاة قروية تدعى "إليف"، ابتداء من المعاملة السيئة والعنف الذي تعرضت له من زوج أمها، إلى قساوة الحياة بالقرية، مع الأعمال الشاقة التي كانت مجبرةً أن تقوم بها، كجمع الحطب، والعمل في الحقول والتنظيف.
 
وقد كان سيناريو هذا العمل محاولةً لكي تستوحي الواقع الذي عايشته من خلال تجربتها الشخصية، وقد حقق عملها هذا نجاحاً كبيراً بالرغم من الصعوبات التي لاحقتها أثناء التصوير.
 
وقالت "أمية" إنها ادخرت كل قرش كانت تكسبه خلال عملها في الحقول لإنتاج هذا العمل، وقد تم تتويج جهودها في هذا الفيلم خلال فعاليات مهرجان فيلم أوراسيا العالمي بنيويورك، كأفضل فنانة أورو - آسيوية، إلا أنها لم تستطع الذهاب لتسلم جائزتها لظروف مادية، ومن ثم تسلمها بالنيابة عنها مدير الإنتاج.
 
وتُعلق الفنانة والمخرجة التركية على هذا الموقف قائلة: "كنت أتمنى أن أكون هناك على خشبة المسرح لتسلم هذه الجائزة القيمة، لكن ظروفاً مادية حالت بيني وبين السفر، لكن الأهم بالنسبة لي هو قيمة هذا التكريم المعنوي للمرأة البدوية والاعتراف بها هناك في نيويورك".

 
 


التعليقات