الروائية حزامة حبايب: هل يقود المخيم إلى الوطن؟
- الجزيرة نت الخميس, 25 يوليو, 2019 - 02:04 مساءً
الروائية حزامة حبايب: هل يقود المخيم إلى الوطن؟

[ حزامة حبايب: أواجه سلطة المجتمع بقلبي الهش (الجزيرة) ]

أنكرت الروائية الفلسطينية حزامة حبايب أن تكون كتاباتها تلبست هوية المرأة التي تعيش صراعا معلنا أو خفيا مع الرجل، أو تخوض اشتباكا "دموياً" مع المفاهيم الذكورية، مستدركة أنها لم تشعر أبدا بأنها جزء من هذا الصراع "الأبوي البطريركي" بالطريقة النمطية التي تعاملت معها كتابات "نسائية" ذات نبرة احتجاجية منبرية زاعقة.

 

وأضافت حبايب -المولودة في الكويت وحصلت من جامعتها على بكالوريوس الآداب في اللغة الإنجليزية- أن صراعها "ليس مع الرجل كوحدة معزولة اجتماعيا، بل مع المنظومة الثقافية والفكرية والأيديولوجية التي يكون الرجل ضحيتها، وأيا كان شكل السلطة فإنني أواجهها بسلطة الكلمة وقدرتها على الكشف والتعرية والفضح".

 

ولم تنكر الحاصلة على جائزة نجيب محفوظ أن لديها "معاركها" التي تخوضها مع ذاتها، وشرورها، وشياطينها، وتقول "صراعاتي الذاتية هي التي تصنع في مجملها المرأة التي أنا عليها، ولدي معركتي مع الآخر الذي يرفض اختلافي ويحاول "تربيتي"، أو يسعى إلى تدجيني وخنق صوتي". مؤكدة "أنا امرأة مبادرة بطريقتي، وفي كل فعل كتابي أقوم به فإنني أنتصر للحياة وللإنسان، لا أحمل سيفاً، فقط أحمل قلبي، وعلى هشاشته قادر على أن يواجه العالم كله".

 

هجائية المخيم

 

وقالت حبايب إن روايتها "مخمل" تمثل هجائية للمخيم؛ بوصفه تجمعا بشريا لا يمثّل الهزيمة والخراب والبؤس بالمعنى المادي والمجازي فحسب، بل يجسد عيش الهزيمة إلى حد أن تصبح وجودا موازيا ومألوفا واعتياد الخراب كما لو أنه أصل الشيء وليس تشوّها عابرا، ويتجذّر في أعماق الذات المنكسرة والمتهاوية.

 

وأشارت حبايب إلى أن التناقض بين لغة الرواية الشاعرية والهفهافة، وعنوانها الذي يحيلنا إلى تنويعات الحب والجمال والرقّة وبيئة المخيم التي يتفشّى فيها الجفاف العاطفي والتفسُّخ الإنساني، لأن اللغة تتحول بطريقتها إلى الوطن المرام، ويكون المخمل أكثر من مجرد نسيج ناعم وغال، يغدو كل ما يُشتهى ويُحب ويُتاق إليه، ويصبح المخمل الحب الهانئ، والحياة السعيدة المتخيلة خارج المخيم.

 

سؤال الهوية

 

والسؤال الذي يلحّ من بين صفحات الرواية -بحسب الروائية حبايب- هو: هل يقود المخيم إلى الوطن؟

 

وتجيب "بالنسبة لي المخيم يقود إلى أي شيء إلا الوطن، وهذه البيئة "الغيتوية"، تغدو جزءا عضويا في بنية الذات العاطفية والهوية، موصومة باللامكان".

 

التجنيس الكتابي

 

وعن جمع حقول الإبداع لديها بين القصة والرواية والشعر؛ قالت صاحبة رواية "أهل الهوى" لا يوجد "صنف" كتابة يمكن أن ينزع الشرعية عن الآخر، مبينة أن كل كتابة مستوفية شرطها الإبداعي، ضمن كيانها وكينونتها القائمة بذاتها، وقادرة على أن تفرض نفسها بقوة نابعة منها، وقابلة لأن تُقرأ ضمن مستويات عدة؛ تمتلك شرعيتها الخاصة بها.

 

وأشارت إلى أنها تجد نفسها في الرواية والقصة والشعر، بل وحتى في كتابة المقال، الذي تعده تمرينا فكريا محرِّضا، وقاسيا أحياناً. وتجد متعة في كتابة مقالات تتناول اهتمامات قريبة إلى قلبها، كالموسيقى والسينما، أو موضوعات تقتضي مقاربات بحثية محددة تقود إلى كشف مثير، لافتة إلى أننا وسط مبالغتنا في تعظيم "أصناف" كتابية بعينها ننسى كتابات عظيمة خارج عباءات الرواية أو الشعر أو القصة، أحدثت سجالات في تعاطينا مع المهمَل والمغفل والمسلَّم به، حيث تخطّت شهرتها و"عظمتها" وتأثيرها الكتابات النثرية والسردية، أو لم تقل عنها. 

 

الرواية والبناءات متعددة الطوابق

 

وقالت حبايب "من فترة أعدْتُ قراءة واحدة من أهم المقالات بعنوان "السياسة واللغة الإنجليزية" لجورج أوريل صاحب رواية "1984"، ويقرن فيها بين الرداءة اللغوية والانحطاط السياسي، معتبرا أن اللغة السياسية مصمَّمة لإخفاء الحقيقة لا للكشف عنها. مستدركة أن المقالة التي نُشرت في 1946 تبدو شديدة الصلة براهن الفضاء اللغوي السياسي في عالمنا اليوم، مؤكدة أن الحالة الإبداعية المعقدة بطبيعتها هي التي تختار القالب القادر على احتواء التجربة "المخيالية".

 

وقالت حبايب إذا كانت تجربتي في السنوات العشر الأخيرة قد انحازت للرواية، التي باتت تشكل المنجز الأبرز في منتجي الأدبي، فربما لأنني وجدتُ فيها مساحة تعبيرية عريضة، وبنيانا متعدد الطوابق.

 

فضاء الشعر

 

وعن ذهابها لفضاء الشعر بعد أن غادره أصحابه، قالت حبايب ما لا يعرفه كثيرون أن نواة الكتابة لديّ تفتّحت شعراً، ففي أواخر الثمانينيات نشرت نصا شعريا بعنوان "صور"، واختارت مجلة "الناقد" الشهرية اللندنية عام 1990 مجموعة نصوص لي ضمن ما وصفته بثمانين صوتا يصوغون المشهد الشعري في الوطن العربي آنذاك. يومها جفلت لأنني كنت أقارب الشعر بتهيُّب، حريصة على ألا أتعامل مع التجربة الشعرية كزوائد عاطفية أو كمنتج ثانوي. لكن لا أعتقد أنني هجرتُ الشعر يوما كي أعود له. لطالما شكّل الشعر ملاذا لي، ألجأ إليه في أزمان العجز الكثيرة، وظلت جذوته ماثلة في كياني، متسيّدة، متسللة في نصوصي، متوهجة، حتى وإن بدت هاجعة أو نائصة أو خافتة.

 

وكثيرا ما غمر النص الشعري عاطفتي في لحظات خاصة جداً، أقرب إلى "علاقة سرية" في حالة من البوح والتجرد من بروتوكولات اللغة وغلالاتها الخارجية.

 

وعموماً، فإن قارئ قصصي ورواياتي لا بد أن يقع على تجليات شعرية فيها، ومنها "مخمل"، بلغتها الشعرية التي تنسجم مع مناخها الحكائي.

 

أحاديث الوسادة

 

تختم حبايب بأن قصائد "أحاديث الوسادة" التي قرأت منها مختارات في أمسية نظمت لها بمنتدى الرواد في العاصمة الأردنية عمان (في 24 يوليو/تموز 2019) أنها كُتبت ضمن حالة عاطفية حارّة ومكثفة جدا، تصف تجربة عشق لا تريد فيها الشاعرة التي أتلبسها شخصيا الانعتاق حتى حين تكتشف أنها أصبحت أسيرة زمن حب يمتد فقط في الليل، زمن قوامه بوح دافئ، يتخلى فيه الحبيبان عن تحفظاتهما، مقابل زمن النهار الجاف والشاحب الذي تشيخ فيه العلاقة.

 

يذكر أنه صدر لحبايب روايات: "مخمل"، و"قبل أن تنام الملكة"، و"أصل الهوى".  وقصص: "ليل أحلى"، و"شكل للغياب"، و"التفاحات البعيدة"، و"رجل لا يتكرر". وديوانا: "استجداء"، و"أحاديث الوسادة".

 


التعليقات