قصور صدام بين آثار الجبار بمكحول تمزج الحاضر بالماضي
- الجزيرة نت الأحد, 15 سبتمبر, 2019 - 12:35 صباحاً
قصور صدام بين آثار الجبار بمكحول تمزج الحاضر بالماضي

[ قصور صدام حسين ناحية مكحول بمحافظة صلاح الدين ]

بنسيج فريد من نوعه يجتمع العمق التاريخي للآثار مع فخامة العمران الحديث، وهو ما احتضنته جبال مكحول من آثار الجبار بقممها، وقصور الرئيس الراحل صدام حسين بسفوحها، في لوحة فنية بديعة تزين قضاء بيجي بمحافظة صلاح الدين (شمال بغداد).

 

وأوضح أستاذ التاريخ الاقتصادي والاجتماعي بكلية الآداب بجامعة كركوك الدكتور صلاح العريبي في حديثه للجزيرة نت، أن الآثار في جبال مكحول هي أحد أقدم المعالم الأثرية، وأن جمالها وأهميتها هما من دفعا صدام حسين لبناء عدد من قصوره بالقرب منها.

 

وأشار إلى أن المكان يمتاز بجمال منظره المطل على نهر دجلة بارتفاع ثلاثين مترا إلى جانب محيطه الذي يضم منطقة تاريخية.

 

وعن تسمية الآثار بالجبار، قال العريبي إن الوالي العثماني حسن باشا أطلق عليها "الجبار" باعتبارها أقوى حصونه في تلك الفترة.

 

من جهته، اعتبر الباحث بالتاريخ العراقي الدكتور منير عويد أن القصور التي بناها صدام أعطت جمالا عمرانيا معاصرا جعل المنطقة ساحرة وسياحية بامتياز، لافتا إلى أن مهندسين -عربا وأجانب- شاركوا بتصميم هذه القصور.

 

ويتابع منير "وقد سبق جمال القصور بآلاف السنين جمال القلاع التي تعود للعهد الآشوري ليمتزج عمران الماضي والحاضر بصورة خلابة فرضت نفسها".

 

وبحسب العريبي قد ضم المكان 136 بناية تنوعت بين قصور وأخرى مرافق خدمية ملحقة بها.

 

ضحية الصراعات

الحروب التي شهدها العراق في العقود الأخيرة أبت إلا أن تترك ندوبها على آثار الجبار والقصور الرئاسية المحيطة بها، فقد تعرض المكان للقصف الأميركي في بداية دخول واشنطن إلى العراق عام 2003، واستقر فيها الجيش الأميركي فترات طويلة.

 

وبعد انسحاب القوات الأميركية، واجهت القصور إهمالا كبيرا حسب العريبي، ويضيف "من المؤسف أن تشهد أماكن سياحية في أهميتها تجاهلا حكوميا بسبب ارتباطها بالنظام السابق، وعلى الحكومة أن تتعامل مع المكان على أنه إرث للعراقيين توليه الاهتمام المطلوب".

 

إلا أن المكان لم يدم خلوه كثيرا فيقول عويد، في عام 2014 جاءت الكارثة الكبرى حين بسط تنظيم الدولة الإسلامية نفوذه عليها وقد فخخ وفجّر أجزاء منها واتخذ بعضها مقرات له، مما مزق كثيرا من ملامحها الخارجية.

 

وأضاف أن التنظيم تسبب بإضافة تاريخ مؤلم لهذه الباحة بارتكابه فيها مجزرة سبايكر، ليصبح المكان وجهة لأسر الضحايا سنويا لإحياء ذكرى هذه الفاجعة.  

 

جدوى سياحية

ويقول العريبي "حتى بعد هزيمة تنظيم الدولة وانسحابه من محافظة صلاح الدين ما زالت آثار الجبار تشكل معضلة مستدامة بسبب إشغالها من بعض الجهات الأمنية رغم وجود كتب رسمية لاستغلالها سياحيا، لكن إرادات وأجندات تمنع تحويلها للحكومة المحلية أو إخضاعها للاستثمار".

 

وأضاف "لو استغلت هذه الآثار والقصور بشكل صحيح لدرت مردودا كبيرا للمحافظة وأعطت قيمة بارزة للمدينة".

 

ويؤكد مدير ناحية الزوية التي تتبع لها جبال مكحول محمد زيدان، أن مخاطبة الحكومة الاتحادية مستمرة للوصول إلى حلول تمكن الحكومة المحلية من إعادة تأهيل المكان الذي يعتبر متنفسا لا للناحية فحسب بل لعموم المحافظة، واستكمال حفريات وأعمال سد مكحول التي توقف العمل بها في 2003 مع بداية الاحتلال الأميركي.

 

وأكد زيدان أن المطالبة بإعادة إعمار جسر مكحول الرابط بين محافظتي صلاح الدين وكركوك ما زالت مستمرة، بعد تعرضه لهدم جزئي بتفجير لإحدى عمليات تنظيم الدولة قبل دخوله المحافظة عام 2014. 

 

قرية المسحك

قرية المسحك ضمن حدود ناحية الزوية هي النقطة الأقرب لآثار الجبار وقصور صدام، والتي يناشد أهلها باستمرار مديرية الناحية والحكومة المحلية بالمحافظة لترميم المكان وتهيئة مرافق لاستقبال السياح وهو ما صرح به للجزيرة نت المهندس جاسم محمد علي أحد سكان القرية.

 

ويضيف علي أن إعادة تأهيل الجبار سيكون سببا رئيسا لانتعاش المسحك من خلال توفير فرص عمل تسهم بتقليص البطالة التي باتت شبحا يهدد شباب القرية.

 

ويتفق معه مدرس مادة التاريخ طه جاسم -من أهالي المسحك- مطالبا بإعادة إعمار جسر مكحول باعتباره ممرا رئيسا بين محافظتين، وقيامه بدور حيوي مهم عبر إحياء المنطقة اقتصاديا وزيادة أعداد السياح إليها.


التعليقات