مهرجان السبعين.. رسالة سياسية أم انتحار سياسي؟ (تحليل إخباري)
- خاص الخميس, 24 أغسطس, 2017 - 08:29 مساءً
مهرجان السبعين.. رسالة سياسية أم انتحار سياسي؟ (تحليل إخباري)

[ نجاح حشد السبعين تحول إلى فشل بسبب الكلمة المختصرة والهزيلة لصالح ]

بمجرد انتهاء مهرجان السبعين قبيل ظهر اليوم الخميس، الذي دعا له المخلوع علي صالح وأحدث ضجة إعلامية كبيرة، بدأت تختفي تدريجيًا شعارات حزب المؤتمر وصور المخلوع صالح ونجله أحمد في العاصمة صنعاء، كما اختفت تمامًا السيارات التي كانت تجوب شوارع العاصمة خلال الأيام الأخيرة بمكبرات الصوت وأغانٍ قديمة تمجد المخلوع علي صالح، مثل أغنية "مالنا إلا علي". وفي المقابل، بدأت تجوب شوارع العاصمة سيارات ترفع شعارات جماعة الحوثي، وتردد الزوامل الحوثية عبر مكبرات الصوت.

لعل ما حدث يعكس حالة الإحباط التي تسبب بها المخلوع علي صالح لأنصاره وغيرهم، الذين احتشدوا إلى ميدان السبعين كتعبير عن تنامي حالة السخط الشعبي من مليشيات الحوثيين، وطريقة إدارتها للمحافظات التي تسيطر عليها، وظن كثيرون منهم أن علي صالح سينقلب على حلفائه الحوثيين، وسيبدأ بمفاوضات جادة مع التحالف العربي والسلطة الشرعية بغرض إنهاء الحرب والتوصل إلى حل سياسي للأزمة، خاصة في ظل تردد شائعات في هذا المضمار تؤكد ذلك، وزاد من تأكيد ذلك اعتراض الحوثيين على الحشد، واعتباره بمثابة تصعيد ضدهم.

ورغم أن المخلوع صالح نجح في حشد أنصاره الذين حضروا بالآلاف إلى ميدان السبعين من عدة محافظات، إلا أن نجاح الحشد تحول إلى فشل بسبب الكلمة المختصرة والهزيلة التي ألقاها المخلوع أمام الآلاف من أنصاره، وكان أبرز ما تضمنته الكلمة الدعوة إلى رفد جبهات الحرب بالمقاتلين، ومضمون هذه الكلمة لا يختلف كثيرًا عن مضمون الكلمات التي ألقاها المشرفون الحوثيون أمام أنصار الجماعة الذين احتشدوا في مداخل العاصمة صنعاء، استجابة لدعوة قيادات في الجماعة لـ"مواجهة التصعيد بالتصعيد"، ثم قالوا بأن الهدف منها رفد الجبهات بالمقاتلين.

وقد أثارت كلمة المخلوع صالح سخرية نشطاء ومواطنين في مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفوه بأنه تحول من "زعيم" -كما كان يطلق على نفسه- إلى مشرف حوثي، خاصة وأن كلمته لم تتناسب مع طبيعة الحشد والمناسبة التي دعي لها، وكان يفترض أن يتحدث كثيرًا عن حزب المؤتمر في ذكرى تأسيسه، وعن السيرة السياسية للحزب، لكنه نسي ذلك، وراح يتحدث عن الجبهات ورفدها بالمقاتلين، وأمر كهذا لا يحتاج إلى مهرجان وحشود جماهيرية وصور شخصيه له ولنجله أحمد وملصقات وشعارات حزب المؤتمر والأغاني القديمة التي تمجد المخلوع.

ومن جانب آخر، تعمد زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي تقزيم المخلوع علي صالح وحزبه، في بيانه الذي أصدره في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء، ونشرته وكالة أنباء "سبأ" التابعة للحوثيين، والذي دعا فيه مليشياته إلى حماية مهرجان السبعين، ويعني ذلك أن الجماعة هي من تسيطر على مقاليد الأمور في العاصمة، وأن مسألة حماية المخلوع صالح ومهرجانه بيد الحوثيين وليست بيد المخلوع صالح، رغم أن قوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع هي من تولت حماية المهرجان.

وبصرف النظر عن نوايا المخلوع صالح من المهرجان والحشد الجماهيري الكبير لمناصريه، سواء أراد من خلاله توجيه رسالة سياسية للخارج، وبالذات دول التحالف العربي، كما قال في كلمة سابقة له، أو أراد من خلاله توجيه رسالة سياسية لحلفائه الحوثيين، بعد تزايد الخلافات بين الطرفين، إلا أن المهرجان -أو الحشد- فشل في إيصال أي رسالة سياسية لأي طرف في الداخل أو الخارج، وتحول إلى "انتحار سياسي" للمخلوع وجناحه في حزب المؤتمر أمام الحوثيين، وأمام السلطة الشرعية والتحالف العربي، وهو الانتحار الذي سيكون له ما بعده، ما لم يتداركه المخلوع صالح بعمل ما يعيد من خلاله ولو جزءًا من مكانته لدى أنصاره على الأقل.


التعليقات