اتفاق الرياض.. إضعاف للشرعية وتعزيز وصاية التحالف على اليمن (قراءة لأبرز المضامين)
- عامر الدميني الإثنين, 04 نوفمبر, 2019 - 10:19 مساءً
اتفاق الرياض.. إضعاف للشرعية وتعزيز وصاية التحالف على اليمن (قراءة لأبرز المضامين)

[ هادي خلال لقائه بولي العهد السعودي - أرشيف - وكالات ]

تتوجه الأنظار يوم غد الخامس من نوفمبر الجاري إلى العاصمة السعودية "الرياض" التي ستشهد التوقيع على اتفاق بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي يعرف باسم "اتفاق الرياض".

 

ونشرت وكالة الأناضول نص الاتفاق الذي سيوقع بصورته النهائية، وتضمن العديد من المحاور التي سيتم إنجازها خلال الفترة القادمة، وأهمها المحور العسكري والأمني الذي نال تفاصيل كثيرة.

 

الاتفاق الذي جرى تأجيله سابقا، وسيتم التوقيع عليه بحضور ولي العهد السعودي وولي عهد أبوظبي، يبدو من الناحية النظرية إيجابيا، لكنه من الناحية العملية يعكس مخاطر عديدة، تنال من الشرعية نفسها، وتؤسس لجولة قادمة من الصراع، ما قد يحوله إلى اتفاق شكلي، وبوصف أدق حقنة تخدير مرحلية.

 

مدد زمنية عديدة

 

من بنود الاتفاق يتضح تحديد مدد زمنية لكثير من المحاور، أقلها 15 يوما، وأعلاها 90 يوما، وهذه الفترات الموضوعة ستكون محل جدل وستواجهها العديد من الإشكاليات، بمعنى أن الفترات الزمنية المحددة قد تصطدم بالعديد من المتغيرات الطارئة، الأمر الذي قد يطيل فترة تنفيذها، أو يقود لتفاهمات جانبية أخرى بين طرفي الاتفاق لتنفيذها.

 

وأهم تلك المدد الزمنية تتلخص بالتالي:

 

تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من توقيع الاتفاق.

 

تعيين محافظ ومدير لأمن محافظة عدن خلال 15 يوما من تاريخ التوقيع.

 

تعيين محافظين لأبين والضالع خلال 30 يوما من تاريخ التوقيع.

 

يباشر رئيس وزراء الحكومة الحالية عمله في العاصمة المؤقتة عدن خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ توقيع الاتفاق.

 

تعيين محافظين ومدراء أمن في بقية المحافظات الجنوبية من قبل الرئيس هادي خلال 60 يوما من تاريخ التوقيع.

 

عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية شهر أغسطس 2019 إلى مواقعها السابقة خلال 15 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق.

 

تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يوما من تاريخ توقيع الاتفاق.

 

نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحددها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن وذلك خلال 30 يوما من تاريخ التوقيع.

 

توحيد القوات العسكرية وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة، وتوزيعها خلال 60 يوما من تاريخ التوقيع.

 

إعادة تنظيم القوات العسكرية في محافظتي أبين ولحج تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 60 يوما من تاريخ التوقيع.

 

إعادة تنظيم القوات العسكرية في بقية المحافظات الجنوبية تحت قيادة وزارة الدفاع خلال 90 يوما من تاريخ التوقيع.

 

تقييد سلطة الرئيس هادي

 

الاتفاق من مجمل بنوده يقيد سلطة الرئيس هادي، ففي حين منحه حق تعيين المحافظين ومدراء الأمن بناء على معايير الكفاءة والنزاهة، فقد اشترط عليه أيضا التشاور قبل التعيين، ولم يوضح مع من سيكون التشاور.

 

 وورد في الملحق الأول المتعلق بالترتيبات السياسية والاقتصادية الفقرتين اللتين تظهران ضرورة أن يشاور رئيس الجمهورية في إصدار القرارات قبل التعيين:

 

2. يعين فخامة الرئيس اليمني بناء على معايير الكفاءة والنزاهة وبالتشاور محافظا ومديرا لأمن محافظة عدن خلال 15 يوما من تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق، كما يتم تعيين محافظين لأبين والضالع خلال 30 يوما من تاريخ التوقيع على هذا الاتفاق وذلك لتحسين كفاءة وجودة العمل.

 

4. يعين فخامة الرئيس اليمني بناء على معايير الكفاءة والنزاهة وبالتشاور محافظين ومدراء أمن في بقية المحافظات الجنوبية، خلال 60 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق.

 

تمييز الانتقالي

 

الاتفاق من حيث طبيعته يهدف لتوحيد الصف، تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لإستعادة الأمن والاستقرار كما ورد في البند السادس، ومع ذلك فقد أكد حق المجلس الانتقالي بالمشاركة في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي، وهذا بحد ذاته يعني إن التمييز بين الطرفين لا يزال جاريا، وأن الحكومة ستحتفظ بممثليها والمجلس الانتقالي سيكون له ممثلوه ووجهة نظره التي يعرضها في مشاورات السلام، وورد في الاتفاق الفقرة التالية:

8. مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني.

 

الإمارات باقية

 

قدم التحالف نفسه راع لهذا الاتفاق بوصفه "تحالف دعم الشرعية"، وهذا يعني أن الإمارات جزء من التحالف ولن تكون السعودية لوحدها في الإشراف على هذا الاتفاق ومتابعة تنفيذه، كما أن التوصيف نفسه للتحالف باعتباره داعم للشرعية قد نال من الشرعية نفسها في جعل الانتقالي ندا للشرعية.

 

الوصاية الكاملة للتحالف

 

الاتفاق أعطى تحالف دعم الشرعية التفويض الكامل في الإشراف والتحكم بالمشهد بشكل عام، وجعل من الحكومة الشرعية مجرد منفذ فقط، بينما يتولى التحالف كل المهام والترتيبات خاصة ما يتعلق بالمشهد العسكري والأمني.

 

ومن أبرز ذلك ما ورد في الملحق الثاني: الترتيبات العسكرية الذي أعطى التحالف مهمة تحديد المعسكرات التي ستنقل إليها الأسلحة الثقيلة والإشراف عليها عقب التوقيع على الاتفاق، ولم يضع لوزارة الدفاع في الحكومة الشرعية أي دور.

 

تقول الفقرة:

2. تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق إلى معسكرات داخل عدن تحددها وتشرف عليها قيادة تحالف دعم الشرعية، ولا يسمح بخروج هذه الأسلحة إلا بموجب خطط معتمدة وتحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، وتشمل هذه الأسلحة على وجه الخصوص الدبابات، المدرعات، المدفعية، كاتيوشا، الهاونات الثقيلة، الصواريخ الحرارية، والأطقم المسلحة بعيارات ثقيلة والمتوسطة.

 

ونفس الوضع ينطبق على نقل القوات التابعة للحكومة والمجلس الانتقالي حيث أناط بالتحالف الإشراف على ذلك، ولم يذكر وزارة الدفاع في الحكومة.

 

تقول الفقرة:

3. نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحددها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن وذلك خلال 30 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق، وتوجيهها بموجب خطط معتمدة وتحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، ويستثنى من ذلك اللواء الأول حماية رئاسية والذي يناط به مهمة حماية القصور الرئاسية ومحيطها وتأمين تحركات فخامة الرئيس، وتوفير الحماية الأمنية لقيادات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن تحت إشراف قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن.

 

وسيكون دور وزارة الدفاع اليمنية هو عملية الترقيم لتلك القوات فقط تحت إشراف مباشر من التحالف، كما تقول الفقرة:

4. توحيد القوات العسكرية الواردة في الفقرة (3)، وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال 60 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق.

 

وبذلك ستكون المهام التي سيتولاها التحالف وفق الاتفاق ما يلي:

 

توحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن، ومواجهة التنظيمات الإرهابية.

 

تشكيل لجنة تحت إشراف تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية تختص بمتابعة وتنفيذ وتحقيق أحكام هذا الاتفاق وملحقاته.

 

تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق إلى معسكرات داخل عدن تحددها وتشرف عليها قيادة تحالف دعم الشرعية.

 

نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج محافظة عدن تحددها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن.

 

توحيد القوات العسكرية وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال 60 يوما من تاريخ توقيع هذا الاتفاق.

 

تعزيز التشطير وإجراءات شكلية للحكومة

 

أولى الاتفاق محافظة عدن الأهمية الأولى في تنفيذ بنود الاتفاق، ثم تليها محافظتا أبين ولحج، ثم تليها بقية محافظات الجنوب، وهذا ينطبق على المعسكرات والتشكيلات العسكرية وتعيين مدراء الأمن وغيرهم.

 

وقدم الاتفاق مبررات مطاطية في بعض البنود ومن ذلك إشارته لتعيين محافظين لأبين والضالع خلال 30 يوما من تاريخ التوقيع على الاتفاق وذلك لتحسين كفاءة وجودة العمل.

 

الاتفاق نص على تشكيل حكومة مناصفة بين الشمال والجنوب، وهو بذلك لم يحل القضية الجنوبية، بل عزز الحالة التشطيرية في البلد، وجعل باب هذه القضية مفتوحا أمام رفعها كشعار لدى البعض في المحافظات الجنوبية.

 

وبنفس الوقت تضمن شرطا بموجبه سيتم إقصاء العديد من الشخصيات من الحكومة الحالية، أو شخصيات كان لها دور إيجابي في التصدي لتصعيد المجلس الانتقالي عسكريا، وذلك من خلال البند الذي طرحه وينص على أن يتم اختيار أعضاء الحكومة ممن لم ينخرطوا في أي أعمال قتالية أو تحريضية خلال أحداث عدن وأبين وشبوة.

 

لا توجد مسؤولية واضحة للحكومة التي ستشكل لاحقا، وتضمن الاتفاق الإشارة إلى تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، وفقا لترتيبات سياسية واقتصادية، تتعلق بإدارة موارد الدولة وتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وإعادة تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتفعيل دورها الرقابي، وإعادة تشكيل وتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى، وجميعها إجراءات شكلية.

 

أهمل الاتفاق بقية المكونات الجنوبية، واكتفى بالمجلس الانتقالي الجنوبي كممثل وحيد للمكونات الجنوبية، وهذا من شأنه تفجير تذمر واسع داخل المكونات الجنوبية ما لم يتم استيعابها.

 

ومن خلال بنود الاتفاق يتضح أنه يهدف لتعزيز سيطرة التحالف على محافظات عدن وأبين ولحج، ثم التمدد نحو المحافظات الأخرى لإخضاعها كمحافظة المهرة التي تبدو هي الهدف المقصود للسعودية في المقام الأول من وراء الاتفاق، عبر تعزيز الحضور الشكلي للحكومة، والتدخل بهدف حمايتها لإحكام القبضة على المهرة التي تتطلع السعودية للاستئثار بها، وعجزت خلال الفترة الماضية عن إخضاعها.

 

لم يتضمن الاتفاق أي إجراءات كعقوبات مثلا ستطال الطرف المعرقل للاتفاق.

 

ولم يشير لدور مجلس النواب سوى في كونه سيمارس دورا رقابيا على الجانب المالي.


التعليقات