التصعيد يتواصل في البحر الأحمر وينذر بعواقب وخيمة وسط تباين المواقف اليمنية والدولية (تحليل)
- عامر الدميني الاربعاء, 17 يناير, 2024 - 04:13 صباحاً
التصعيد يتواصل في البحر الأحمر وينذر بعواقب وخيمة وسط تباين المواقف اليمنية والدولية (تحليل)

[ قارب بحري قالت واشنطن إنه يحوي أسلحة إيرانية كانت في طريقها للحوثيين ]

يتواصل التصعيد العسكري في البحر الأحمر، منذرا بعواقب وخيمة، وانعكاسات باهظة التكلفة على اليمن أولا، والمجتمع الدولي ثانيا.

 

الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت استئناف ضرباتها لأهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن، بعد تصريحها أن ضرباتها انتهت، عقب تنفيذها لجملة من الغارات في الثاني عشر من يناير الجاري، وهي تلك التي نفذتها بالاشتراك مع القوات المسلحة البريطانية.

 

عودة الهجمات الأمريكية جاء – وفقا لتصريحات مسؤولين أمريكيين – بسبب استئناف جماعة الحوثي للهجمات على السفن في البحرين الأحمر والعربي، وبدا واضحا أن الهجمات الأمريكية لم تكن كافية لردع الحوثيين.

 

رد الحوثيين على الهجمات الأمريكية والبريطانية على مواقعهم داخل اليمن جاء أيضا بنتائج معاكسة، وأعلنوا في بيان للناطق العسكري للجماعة اعتبار جميع السفن الأمريكية والبريطانية أهدافا مشروعة ومعادية، وهي المرة الأولى التي يضعون فيها سفن الدولتين في قائمة أهدافهم لاستهدافها بشكل مباشر.

 

وعقب هذا البيان جاء استهداف الحوثيين لسفينة أمريكية في خليج عدن، لكنها لم تصاب بأي أضرار، وفقا للقيادة الأمريكية الوسطى، التي كشفت أيضا أنها عاودت استهداف مواقع الحوثيين، وهو ما لم تعلن عنه الجماعة، التي تكتمت أيضا عن حجم الأضرار التي خلفتها تلك الهجمات، ونشرت وسائل إعلامها خبرا يتيما عن تشييع ضحايا سقطوا في الهجمات.

 

بالنسبة للحوثيين فقد أكدوا تمسكهم بمطالبهم المتمثلة بإدخال المساعدات لقطاع غزة المحاصر، لكنهم مؤخرا رفعوا سقف مطالبهم حين اشترطوا توقف العدوان الكامل على غزة، كشرط لوقف هجماتهم، وفقا لتصريح نائب رئيس دائرة التوجيه المعنوي في صنعاء لأحد المواقع التابعة للجماعة.

 

أمريكا من جهتها تبدو في حالة من عدم اليقين الكامل في حربها مع جماعة الحوثي، فهي تواجه انتقادات على مستوى الكونجرس والنواب، حول صلاحيات شن الحرب خارج حدودها، وتصر بنفس الوقت على الدفاع عن نفسها، وتصرح أيضا أن لا نية لها في مهاجمة الحوثيين.

 

هذا الموقف الأمريكي المرتبك تزامن مع عزوف أوروبي من الانخراط مع واشنطن في حربها البحرية قرب اليمن، فالبرلمان البريطاني رفض منح الحكومة المتحالفة مع أمريكا تصريح الدخول في الحرب، وأحجمت دولا عديدة عن مساندة واشنطن كفرنسا وإيطاليا، وغيرهما، وهو ما يجعل أمريكا وحيدة في هذه الحرب باستثناء الدول التي أعلنت مساندتها عند الهجمات الأولى كبريطانيا، وكندا، وأستراليا، وهولندا.

 

غير أن الورقة الرابحة بيد واشنطن هي إعادة إحياء ملف تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، وهو ما كشفته صحيفة الفايننشال تايمز، وهو قرار إن اتخذته واشنطن فمن شأنه أن يوجه ضربة مؤلمة للجماعة، لكنه سيولد العديد من التداعيات، على المستوى الإنساني والاقتصادي.

 

الهجمات الأمريكية والإصرار الحوثي على المواجهة ولد انقساما داخليا في اليمن، خاصة لدى الطرف الأخر، ممثلا بالحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، التي تدين بالولاء للمملكة العربية السعودية، عندما اتهمت الحوثيين بالمخاطرة بالوضع في اليمن، وجر البلاد إلى ساحة مواجهة عسكرية لأغراض دعائية بدعاوى مضللة لا علاقة لها حقيقة بنصرة الأشقاء في فلسطين المحتلة، بل وطالبت بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وهو ما ينذر بعودة الصراع الداخلي المسلح، وينسف مشروع السلام الأممي في مهده الأول.

 

هذا التعليق الحكومي جاء متطابقا أيضا مع تصريحات رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي العضو في مجلس القيادة الرئاسي الذي طالب بدعم للقوات التابعة له، والتي تمولها الإمارات لتنفيذ عمل بري ضد جماعة الحوثي، وفقا لما جاء في تصريحاته لصحيفة الجارديان البريطانية.

 

وتبدو تكلفة هذا التصعيد كبيرة وباهظة في حال استمراره، إذ أنه يحشد المجتمع الدولي عند حدود اليمن البحرية، ويضاعف من الخسائر داخل اليمن، ويؤجل مشوار السلام الهش أصلا، ويؤجج الأوضاع أكثر، خاصة في الجانب الاقتصادي، بعد تصاعد حالات العزوف عن عبور البحر الأحمر من السفن الدولية، رغم تأكيدات الحوثيين انحصار استهدافهم لتلك المتجهة نحو إسرائيل.

 

التصعيد يتجلى في بعض المؤشرات التي تسلكها واشنطن، ومن ذلك حديثها عن اكتشاف شحنة أسلحة كانت في طريقها للحوثيين، وقالت إن مصدرها إيران، وهي ذاتها التي تستخدمها جماعة الحوثي في تهديدات الملاحة بالبحر الأحمر، وهي إشارة يمكن أن تبرز إلى مدى يجري تدويل الصراع، الذي قد ينذر بتوسع دائرته في المنطقة.


التعليقات