أحمد الشلفي يكتب: من بيروت إلى طهران فصنعاء.. لماذا نجحت إسرائيل في استهداف خصومها بنفس الطريقة؟
- خاص الأحد, 31 أغسطس, 2025 - 11:52 مساءً
أحمد الشلفي يكتب: من بيروت إلى طهران فصنعاء.. لماذا نجحت إسرائيل في استهداف خصومها بنفس الطريقة؟

قال الكاتب الصحفي، أحمد الشلفي، إن اغتيال العدوان الإسرائيلي لرئيس وأعضاء حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) دفعة واحدة الخميس الماضي، يعكس اختراقاً أمنياً.

 

وأضاف الشلفي -في تحليل نشره بصفحته على فيسبوك- عن دلالات ومؤشرات العملية الإسرائيلية بصنعاء إن وجود هذا العدد من الصف الأول والثاني في الحكومة دفعة واحدة يعكس اختراقًا أمنيًا، لكنه يبدو أقل أهمية إذا أخذنا في الاعتبار أن وزراء الحكومة الحوثية (غير المعترف بها دوليًا) متاحون للجمهور ويمكن التواصل معهم عبر الهواتف المحمولة، وهو ما قد يكون مكّن إسرائيل من تحديد توقيت الاجتماع ومكانه بسهولة".

 

وتابع "من أبرز الدلالات في الضربة الإسرائيلية على اجتماع حكومة الحوثيين في صنعاء هو عدد الحضور الكبير في الموقع المستهدف حيث تشير التقديرات إلى أن العدد تجاوز الثلاثين شخصًا بينهم ما لا يقل عن ثمانية عشر وزيرًا من أصل اثنين وعشرين، فضلًا عن مساعدين ومديري مكاتب ونواب وزراء ومشرفين مقربين من تنظيم الحوثي. ومن بين هؤلاء مشرف وزارة الدفاع أسعد الهادي، المكنى “أبو صخر”، وهو مسؤول عسكري مهم بحسب مصادر متعددة".

 

وأردف "غير معروف حتى الآن ما إذا كان هذا الموقع أحد الأماكن التي اعتادت الحكومة عقد اجتماعاتها فيه، أم أنه مجلس خاص، خصوصًا أن الاجتماعات الحكومية في اليمن لا تتم عادة بعد الساعة الخامسة مساء".

 

وتشير التقديرات الأولية -وفق الشلفي- استنادًا إلى متابعة بيانات التعازي وما توافر من رصد ميداني، إلى أن ما لا يقل عن تسعين في المئة من الحاضرين في الاجتماع قد قُتلوا في الغارة الإسرائيلية. ورغم ذلك، لم يعلن الحوثيون عن وجود ناجين، بل اكتفوا بالحديث عن مصابين بحالات حرجة".

 

وأشار إلى أن تفاصيل الحادثة ما تزال شحيحة، إذ لم يُذكر سوى اسم رئيس الحكومة الحوثية أحمد غالب الرهوي، فيما يوحي الامتناع عن الإعلان عن بقية الأسماء بأن هناك شخصيات قتلت لا يرغب الحوثيون في الكشف عنها.

 

ومن النقاط الجديرة بالانتباه، والتي ربما يغفل عنها كثيرون -حسب الكاتب- أن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي يقوم احيانا المشاركة في بعص اجتماعات الحكومة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة ومعروف عنه الاهتمام بتفاصيلها. ووفقًا لمعلومات متواترة، فقد استخدم هذه الوسيلة أكثر من مرة في لقاءات مع المبعوث الأممي وشخصيات أخرى.

 

قراءة الضربة على أكثر من مستوى

 

وقدم الكاتب الصحفي أحمد الشلفي قراءة عسكرية وأمنية وإعلامية لتلك الضربة على الحوثيين:

 

 • عسكريًا: لا يبدو أن القدرات الميدانية ستتأثر جذريًا طالما أن القتلى لم يتضمنوا قادة ميدانيين أو أركانًا بارزين يشكلون العمود الفقري لإدارة الجبهات والعمل الصاروخي والمسير. غير أن تعطّل قنوات الاتصال بين المستوى السياسي والعسكري، ولو لفترة قصيرة، يمكن أن يربك القرار العملياتي ويؤخر التنسيق في إدارة المعارك.

 

 • أمنيًا داخليًا: ستجد الجماعة نفسها مضطرة لإطلاق حملات ملاحقة وتحقيقات داخلية بحثًا عن مصدر الاختراق أو التسريب، وهو ما سيخلق أجواء شك وارتياب بين أجهزتها، وقد يولّد توترات بين الأجنحة المختلفة.

 

 • إعلاميًا: من المرجح أن ينكمش الظهور الجماعي لصالح اجتماعات أكثر تحفظًا وسرية، بما يعني خسارة جزء من صورة «السيطرة والدولة» التي تحاول الجماعة ترسيخها أمام جمهورها.

 

وأرجع الشلفي الفشل الأمني الذي سمح بحدوث الضربة لعدة أسباب بينها:

 

 1. ثغرة واضحة في إجراءات حماية الاجتماعات، إذ اعتاد الحوثيون على عقد لقاءات حكومية في أزمنة وأمكنة شبه ثابتة، الأمر الذي سهّل مهمة الرصد والاستهداف.

 

 2. الاحتمال القوي بوجود عملية اختراق استخباراتي عبر رصد أجهزة الاتصال.

 

 3. سوء تقدير لطبيعة الرد الإسرائيلي، حيث تعايش الحوثيون مع نمط ضربات استهدفت البنية التحتية خلال الأشهر الماضية، ما أوحى لهم أن القيادات الحكومية ليست ضمن بنك الأهداف المباشر.

 

 4. الرهان على الكثافة السكانية المحيطة بالمقارّ – مثل فج عطان ومحيط دار الرئاسة وبيت بوس وحدة، وهو افتراض أثبت عدم صحته، إذ لم يمنع إسرائيل من اتخاذ قرار الاستهداف.

 

وأكد أن هذه الملابسات تجعل الحدث أقرب إلى ما عرفناه في اغتيالات إسرائيل لقادة حزب الله في لبنان أو قادة إيران في حرب إيران وإسرائيل الأخيرة أو في سوريا والعراق، حيث كان الاختراق الاستخباراتي هو العامل الحاسم.

 

ويبقى السؤال الجوهري وفق الشلفي: هل نحن أمام ضربة معنوية فقط، أم إنجاز عسكري نوعي؟

 

وقال "إذا ثبت فعلا أن المستهدفين مدنيين فقط، فإن الاستهداف وجّه ضربة رمزية إلى جماعة الحوثي، وأصاب صورتها الرمزية أكثر مما أصاب تنظيمها العسكري".

 

وزاد "في هذه الحالة يمكن القول إن إسرائيل حققت نصرًا معنويًا قد يكون كبيرا، لكنه محدود التأثير في حسابات القوة والقدرة القتالية على الأرض".

 

وأشار إلى أن الضربة بلا شك ستجبر الحوثيين على إعادة صياغة استراتيجيتهم وتكتيكاتهم الأمنية وقال "سيكون عليهم: تفكيك الاجتماعات الكبيرة وتوزيعها على أماكن وأوقات مختلفة، منع الأجهزة الإلكترونية والهواتف داخل القاعات، فرض إجراءات أمنية أطول على المواكب والتنقلات، تعزيز الرقابة الداخلية على حساب المرونة الإدارية والعملياتية".

 

واستدرك الشلفي "مثل هذه الترتيبات قد توفر حماية نسبية، لكنها في المقابل سترفع كلفة التنسيق الداخلي وتربك سير الأعمال اليومية".

 

وقال "أما إذا تكررت الضربة في غضون أسابيع، فذلك سيكون مؤشرًا على أن لإسرائيل بنك أهداف متجدّد داخل صنعاء، وأن قدرات الحوثيين على التمويه والحماية ما زالت ضعيفة".

 

وختم الكاتب الشلفي مقاله بالقول "عندها ستضطر الجماعة إلى إعادة هيكلة شاملة لآليات اتخاذ القرار، مع ما يحمله ذلك من تباطؤ في الاستجابة الميدانية، وخلق نقاط ضعف في الإدارة الداخلية. أما إذا بقيت العملية معزولة، فستظل إنجازًا معنويًا كبيرًا لإسرائيل، لكنه محدود في أثره العملياتي المباشر".


التعليقات