رجل الأعمال عبد السلام الشرعبي يروي لـ(الموقع بوست) أسباب وتفاصيل اعتقاله التعسفي في عدن
- أدهم فهد - خاص الثلاثاء, 08 نوفمبر, 2016 - 06:08 مساءً
رجل الأعمال عبد السلام الشرعبي يروي لـ(الموقع بوست) أسباب وتفاصيل اعتقاله التعسفي في عدن

[ رجل الأعمال عبد السلام الشرعبي رفقة الزميل أدهم فهد في عدن ]

أطلقت إدارة البحث الجنائي بخور مكسر سراح رجل الأعمال والمستثمر المعروف عبدالسلام الشرعبي مطلع الأسبوع الفائت الموافق 29 / أكتوبر/تشرين أول, بعد ضغوطات ووساطات قامت بها قيادات رفيعة المستوى بالحكومة الشرعية وقيادة السلطة المحلية بتعز.
 
يذكر أن الشرعبي قضى شهرا كاملا من الإخفاء القسري في زنازين القاعدة الإدارية والمعروفة بـ"معسكر طارق"، وذلك قبل أن يتم نقله لإدارة البحث الجنائي بخور مكسر, كل ذلك من أجل الضغط عليه وإجباره على التنازل عن السوق المركزي للخضار بالمنصورة، لمصلحة نافذين في إدارة أمن العاصمة المؤقتة.
 
مراسل (الموقع بوست) التقى بالمستثمر الشرعبي عقب إطلاق سراحه، وفي اللقاء تحدث الشرعبي عن تفاصيل ما قبل إعتقاله.
 
محاولات للضغط
 
وقال الشرعبي:"ظل مدير مكتب مدير الأمن العقيد عبدالدائم أحمد يطلبنا بإستمرار للحضور إلى مكتبه ليقوم بوضع مجموعة من التهم والتساؤلات في محاولة منه للضغط علينا والقبول بتسليم السوق وهو ما كان يلمح به صراحة".
 
ويضيف متحدثا لمراسل (الموقع بوست): "ذهبنا للقاء محافظ عدن عيدروس الزبيدي ووضعنا أمامه أوراقنا وتحدثنا له عما نتعرض له من مضايقات من قبل نافذين في إدارة الأمن, ليقوم بعدها الزبيدي بكتابة توجيه خطي ينص على عدم التعرض لمستأجري سوق الخضار بالمنصورة وذلك في السابع من سبتمبر الفائت".
 
ويتابع: " كان هذا التوجيه بمثابة إنتصار لنا, كون المضايقات التي تعرضنا لها تتسبب في تعطيل أعمالنا وضياع أوقاتنا إضافة للخسائر المالية الناتجة عن ذلك, إلا أن فرحتنا لم تكتمل فقد أرسل العقيد عبدالدائم أحمد عددا من مرافقيه إلى السوق المركزي ليطلبوني شخصيا بعد ثلاثة أيام من لقاء المحافظ وتوجيهاته".
 
وأشار إلى أنه قام بأخذ أغراضه الشخصية، وذهب معهم، كما حدث في السابق، حينما كان يدعوه عبد الدائم للتحدث في منزله أو مكتبه، إلا أن هذه المرة كانت مختلفة.
 
سجن القاعدة الإدارية
 
وقال الشرعبي: "وصلنا إلى جولة فندق عدن , فإذا بالسيارة التي تقلني تتوجه نحو الخط الواصل لمديرية كريتر, قلت لهم: وين رايحين هذا مش طريقنا؟، لكنهم ردوا علي قائلين: لدينا بعض الأعمال لإنجازها في معسكر القاعدة الإدارية وبعدها سنذهب بك للقاء عبدالدائم, لكن هذا لم يحدث"، حسب قوله.
 
وأضاف: "دخلت السيارة التي كانت تقلني إلى عمق المعسكر حيث يتواجد عدد من العنابر وقاموا بإنزالي, واتجهوا بي نحو أحد العنابر وقالوا لي انتظر عندك ريثما يأتي الفندم قاصدين بذلك مدير السجن, حينها أيقنت أن حريتي أصبحت مصادرة".
 
"طلبوا مني إعطائهم هواتفي و أغراضي التي كانت معي , وقلت لأحدهم أريد أن أجري اتصالا واحد لو تكرمت , و أعطاني الهاتف على مضض لأقوم بعدها بالإتصال بصديقي المقرب وزميلي في العمل رمزي الشرعبي, وقلت له أنني الآن في معسكر القاعدة الإدارية حيث تم إحتجازي"، يتحدث الشرعبي لـ(الموقع بوست).
 
ظروف احتجاز سيئة
 
وأضاف: "ودخلت إلى زنزانة وقت العصر، وكان يوجد بها أربعة أشخاص، ومروحة سقف واحدة تعمل بصعوبة, وفتحة في بوابة الزنزانة لا تتجاوز 20 × 20 سم يدخل منها الضوء في النهار، أما الهواء فكان يدخل للغرفة بصعوبة، بعد ذلك جلست أتعرف على شركاءي في الزنزانة وقالوا أنهم متهمون بالإرهاب, فلما حان وقت المغرب إذا بي أراهم يتوجهون نحو زاوية الزنزانة بشكل غريب, قلت لهم أيش تعملوا لاكتشف أنهم يقضون حاجتهم من تبول وبراز في أكياس وعلب بلاستيكية , حيث لا يوجد أي مرحاض في الزنزانة".
 
ويستطرد المستثمر الشرعبي متحدثا لـ(الموقع بوست): "في ذلك الوقت لم أتمالك أعصابي وارتفع معدل السكر لدي وقمت بالصراخ ماذا يريد عبدالدائم مني إذا يشتي السوق يأخذه، لم أتخيل أني سأقضي حاجتي بنفس المكان الذي أبيت فيه, فقد أمضيت قرابة 9 ساعات وتكاد كليتاي تتفجران من البول قمت بالصراخ وناديت الجنود, لكن زملائي الأربعة في الغرفة قالوا لي أنه صراخي لن يجدي كونهم قد حاولوا من قبل".
 
وأضاف: "لكني لم أقتنع واستمررت بمناداة الجنود وتمكنت من إقناعهم وسمحوا لي بالخروج للحمام وقالوا لي عليك ألا تتأخر وأرسلوا معي ثلاثة جنود لمراقبتي, ولكني لم أستطع التبول حينها نتيجة الضغوطات النفسية وبعدها أخذوني للزنزانة ل انتظر بعدها إلى الساعة الثامنة صباحا وأقوم بمناداة الجنود لأخذي للحمام وكالمرة الأولى لم أستطع التبول لانتظر بعدها للساعة 11 ظهرا وقمت بمحاولة للتبول كزملائي في زاوية العنبر وتمكنت أخيرا من التبول من الراحة".
 
ويقول الشرعبي: "كان اليومين الأوليين من أصعب الأيام التي مرت في حياتي كلها , لم أستطع النوم أو حتى التبول , ودرجة الحرارة كانت قاتلة".
 
ولفت إلى أن الوضع استمر هكذا لمدة يومين، بعدها تعود على هذا الحالف، وصار يقضي حاجته كرفاقه في زاوية العنبر، مستخدمين علب بلاستيكية وأكياس كان الجنود يضعوها لهم.
 
ويضيف: "كان الجنود يسمحون لكل المساجين بالخروج للحمام مرة واحدة في اليوم في وقت الظهر ولمدة 10 دقائق نقوم خلالها بقضاء حاجتنا ونغتسل ونقوم بغسل ملابسنا ومن يتأخر ولا ينفذ الأوامر يتم حجزه في زنزانة تسمى " الضغاطة"  وهي زنزانة فولاذية لا توجد بها أي منافذ لدخول الهواء أو الضوء وتتجاوز درجات الحرارة فيها 50° , لم اجربها والحمدلله لكني سمعت زملائي في العنبر يتحدثون عنها. إضافة إلى حديث الجنود عنها حين يريدون تهديد المساجين".
 
استحالة النوم
 
يقول المستثمر عبد السلام الشرعبي لمراسل (الموقع بوست): "كان النوم بالنسبة لنا أحد المستحيلات خصوصا مع انقطاع الكهرباء حيث كانت تنقطع ل 3 ساعات وتعمل ل ثلاث أخرى , ونعكف خلال ساعات الانطفاء على محاولة تبريد أجسادنا باستخدام قصاصات كرتونية".
 
ويضيف: "كانت درجة الحرارة قاتلة عندما تكون الكهرباء تعمل ومع ذلك اعتدنا على النوم في تلك الظروف إلا أن انقطاع الكهرباء كان يقيمنا من نومنا لنمسك بقصاصات الكرتون ونلوح بها في أجسادنا بهدف التخفيف من درجة الحرارة , حيث لا يوجد سوى منفذ 20 × 20 سم لا يسمح بدخول الهواء بالشكل المطلوب".
 
واستطرد قائلا: "كان الطفح الجلدي يغطي جسدي كباقي المساجين وما هي إلا أيام حتى ينخلس جلدي بالكامل وكأنه تعرض للشواء نتيجة الحرارة المرتفعة والنظافة المنعدمة والحالة النفسية الصعبة".
 
ويقول إن الوضع استمر كذلك لمدة شهر، حيث كان نجل عبد السلام الشرعبي "محمد" يقوم بتوصيل الطعام لحراسة السجن، والذين بدورهم كانوا يرفضون أخذه، ويدعون أن والده ليس مسجونا لديهم، إلا أنه وبعد رشوة أحد الجنود، مبلغ مالي يومي كان يقوم بإدخال الطعام لوالده.
 
ضغوطات إعلامية وحقوقية
 
وبعد ضغوطات إعلامية ووقفات إحتجاجية نظمها عدد من النشطاء بشارع جمال في تعز, قام بعدها العقيد عبدالدائم بنقل الشرعبي إلى سجن البحث الجنائي في محاولة منه لصبغ القضية صبغة قانونية.
 
ويستذكر عبدالسلام قائلا: " تم أخذي من زانزانتي في معسكر القاعدة الإدارية إلى سجن البحث الجنائي بخور مكسر"، مضيفا: "حاولوا إلصاقي بعدد من التهم الكيدية إلا أنهم لم ينجحوا, فقد كان العقيد صالح القملي كثير التحدث معه وبأسلوب مناطقي فج ففي إحدى الجلسات قال القملي للشرعبي " أنت دحباشي ولا  نريد أن نؤجر لك السوق هذا بإختصار- علما بأن تأجير السوق لبس من اختصاص إدارة البحث الجنائي أو حتى إدارة الأمن وإنما من إختصاص وزير الداخلية , بعد أن فشلت كل المحاولات".
 
وأضاف: " لم يتوانى العميد القملي عن إتهامي بنهب ثروات الجنوبي , مستدلا بأن نيابة عدن قامت بشكر اللواء شلال شائع كونه تمكن من إحتجاز أحد أكبر النافذين الشماليين , وقمت بالرد عليه بسخرية " أنا لم أكن هاربا أو متخفيا يوما ما لكي تقوم النيابة بشكر مدير الأمن ولي قرابة العشرين عاما وأنا أعيش في مديرية المنصورة والجميع يعرفني".
 
واستطرد الشرعبي قائلا: "من ضمن التهم الموجهة ضدي كانت عدم دفع فواتير الكهرباء لأشهر الحرب الأربعة , ربط مياه من خلف العداد وتهم أخرى مشابهة علما بأن إدارة الأمن لا تعنى بهذه القضايا لا من قريب ولا من بعيد. لافتا إلى أن فواتير الكهرباء لأشهر الحرب الأربعة تم التوافق بين جمعية الينابيع ومؤسسة الكهرباء أن يتم تجميد مديونية هذه الأشهر كباقي المواطنين , وان صدر قرار بالعفو يتم إعفاءنا كالجميع وإلم يصدر قمنا ب التسديد , أما قضية المياه فهي مختلقة من أساسها كونه لا يوجد عداد أصلا بداخل السوق ويتم شراء بوز (صهاريج) مياه".
 
الساعات الأخيرة
 
يقول عبدالسلام: "مر صباح يوم السبت أي قبل الإفراج عني بساعات كباقي الأيام , لم أكن أعلم حينها بأن حريتي أضحت قريبة من أكثر وقت مضى".
 
ويضيف لمراسل (الموقع بوست): " قام العميد صالح القملي باستدعاءي وقال لي سنقوم بتحويلك إلى معسكر التحالف كون قضيتك كبيرة -لافتا إلى معسكر القوات الإماراتية في البريقة - لأكتشف بعدها أن ما قاله كان مزحة ثقيلة أحب توديعي بها , لأخرج بعدها بمعية مسؤول عسكري بارز أتحفظ عن ذكر اسمه وكان له دور في الإفراج عني".
 
ويشير الشرعبي إلى أن الإفراج عنه جاء بعد ضغوطات ووساطات قامت بها قيادات رفيعة المستوى بالحكومة الشرعية وقيادة السلطة المحلية بتعز, وكان لقائد المقاومة الشعبية بعدن وزير الشباب والرياضة نايف البكري دور كبير ويشكر عليه.
 
ولفت إلى أن للضغوط الإعلامية دور في إطلاق سراحه, شاكرا لكل الإعلاميين والنشطاء كل جهودهم وخص منهم مراسل (الموقع بوست) أدهم فهد.
 
لا تنازل
 
وحول وضع السوق المركزي الذي تم احتجازه من أجله، أكد الشرعبي أنه لا يزال مغتصبا حتى اللحظة، وأن،العقيد عبد الدائم سطا عليه وأتى بمستأجر جديد في تعدٍ صارخ على مهام وزير الداخلية, علما بأن عقد التأجير لجمعية الينابيع لا يزال ساريا حتى العام 2023.
 
واختتم حديثه بالتأكيد على أنه " سيتابع الجهات المختصة من محكمة تجارية ونيابة وذلك لإستعادة السوق بشكل قانوني شاكرا في هذا السياق تعاون وزير الداخلية اللواء حسين عرب"، لافتا إلى أن توجيهاته لا تلقى صداها عند جهات الإختصاص بالعاصمة المؤقتة عدن.
 


التعليقات