خرافة الاصطفاء السلالي في الخرافة السلالية ..الهاشمية (8 -12)
- احمد الكاتب اليمني الخميس, 08 ديسمبر, 2016 - 11:10 صباحاً
خرافة الاصطفاء السلالي في الخرافة السلالية ..الهاشمية (8 -12)

في هذه السلسلة يكشف (الموقع بوست) حقيقة ما يسمى بالخرافة السلالية الهاشمية، من خلال (12) حلقة متتالية، توضح كيف تم صناعة هذه الخرافة، و كيف جرى الترويج لها، واقناع الناس بها تأريخيا.
 
السلسلة تشكل مجموعة ابحاث تأريخية عميقة، استغرقت وقتاً طويلاً في سبيل الوصول الى الحقيقة.


أدلة مخصوصة بالإمام علي:
 
سنكتفي بما يصب في هدف هذه المادة، لما فيها من اشتباه حوّله الفكر الشيعي إلى مسلمات مقدسة تنسحب على الولاية السياسية، وتتضمن المسألة موضوعي المنزلة، والولاية:
 
المنزلة:
 
 المقصود بها ما عرف بحديث المنزلة وهو قوله عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب عندما أمره بالبقاء في المدينة، والتخلف عن غزوة تبوك ولفظه الصحيح والكامل حسب البخاري "أن رسول الله خرج إلى تبوك واستخلف علياً فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء، قال ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى"، وزيادة عند مسلم" إلا أنه لا نبي بعدي". يستدل الشيعة بالحديث على ولاية الإمام علي واستحقاقه ماورد في القرآن في حق هارون. وننوه إلى أن الشيعة يعتقدون بورود الحديث في عدة مناسبات مستندين إلى روايات خاصة بهم. ويمكن مناقشة الحديث في النقاط التالية:   
 
•           الشركة في تبليغ الرسالة: التبليغ واجب كل مؤمن ومسلم وقد شارك في العملية الدعوية كثير من الصحابة، يقول تعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ". ويقول: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا"، ولا يكون ذلك إلا بمسؤولية الدعوة وإلا فكل نفس رهينة بما اكتسبت من عمل، ومن جملة الاقتداء بالرسول الدعوة وتبليغ الدين، كما يدخل في ذلك الآيات الحاثة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما شراكة هارون فكانت بالنبوة وكذلك فالحديث حسم الأمر بالإشارة إلى "لا نبي بعدي" وبالتالي فلا يشارك علي النبي بأي جزء من فضيلة النبوة إلا مسؤولية البلاغ عبر الدعوة مثله في ذلك مثل غيره من المسلمين.
 
•           الخلافة: الخلافة في قصة هارون أو علي هي خلافة مؤقتة، وتكون دليلاً على من يقول إن الخلافة والولاية بتوجيه إلهي، ففي استخلاف موسى لهارون ما يؤكد على أنها مؤقتة وليست دائمة، ولو كانت دائمة لكان ذلك طعن في علم الله – تعالى الله عن ذلك – بمعنى أنه لو كان استخلاف موسى لهارون بأمر إلهي – كما يقول الشيعة في حق علي – وأن المقصود بها الخلافة الدائمة لما مات هارون قبل موسى.
 
•           الوزارة: كانت غزوة تبوك بداية النصف الثاني من العام التاسع الهجري، أي قبل وفاة النبي بأقل من عامين وبعد قيادته المجتمع الإسلامي في المدينة لأكثر من ثمانية أعوام، ولو كان المقصود النبوي الوزارة بمعناها السياسي أو الديني لما ترك النبي هذا الموقع شاغراً وهو القائد الفذ طيلة أزيد من ثمانية أعوام. كما لم تفد الروايات سواء قبل تبوك أو بعدها أن الإمام علي كان من كبار مستشاري النبي، ولم تسجل السيرة النبوية إشارة علي للنبي أو طرحه رأياً ماعدا ما يخص كتابة وثيقة صلح الحديبية من اعتراض، وأيضاً لم يشتهر تكليف النبي للإمام علي بمهام استثنائية خلاف غيره من الصحابة. قد يرد هنا الاحتجاج بإرسال سورة التوبة مع علي إلى أبي بكر في حجة السنة التاسعة للهجرة. وهذا أمر طبيعي لأن كبار الصحابة كانوا في بعثة الحج، وغيره من الصحابة أرسلهم النبي بالقرآن لدعوة القبائل وتعليمهم، كمصعب بن عمير، ومعاذ بن جبل.
 
•           استخلاف النبي لعلي كان استخلافاً على الأهل كما يفيد سياق الحديث "أتخلفني في الصبيان والنساء". وكان الاستخلاف على المدينة ككل لمحمد بن مسلمة، فكان الاستخلاف خاصاً. إضافة إلى أن النبي كان دائماً ما يستخلف أحداً عندما يخرج من المدينة.
 
الولاية:
 
وتعد هذا عماد استدلالات الفكر الشيعي. ويجدر التنويه في البداية إلى أن الشيعة وليس المقصود هنا المتطرفين الذين يقولون بتحريف القرآن وإنقاصه بإسقاط الآيات الصريحة بولاية علي بن أبي طالب، وإنما الشيعة الأكثر اعتدالاً. فالأخيرون مقرون بعدم وجود آية تصرح بذاتها بالولاية للإمام علي وأن ذلك لا يؤثر في المسألة قياساً على أن أهم الواجبات الدينية من صلاة وصيام وزكاة وحج أتت في القرآن مجملة وفصلتها السنة النبوية. وكذلك الأمر في ولاية الإمام علي أشار القرآن إليها عموماً وأفصحت عنها السنة النبوية. رداً على ذلك، فإن القياس هنا لا يستقيم بسبب أن تحديد الولاية بعلي لا يحتاج لتفاصيل ولن يستغرق الموضوع أكثر من كلمتين قرآنيتين، على خلاف الشعائر الدينية التي تتخللها كثير من التفاصيل بطبيعتها.
 
وما المانع من التصريح باسم علي وقد أورد القرآن أسماء وكنى أشخاص كالصحابي الجليل زيد بن حارثة. كذلك الخلافة والولاية موضوع اجتماعي وسياسي غاية في الأهمية، وتحديدها يعني أنها ثابت حياتي للجماعة المسلمة لا متغير، والملاحظ أن القرآن الكريم عالج الموضوعات التي تتسم بالثبات معالجة تفصيلية في أغلب مكوناتها، كالتفصيلات الخاصة بالإرث، وبالمحرمات من النساء. ومن غير المعقول أن يتحدث القرآن عن تفاصيل ثابتة تتعلق بالحياة الاجتماعية كآداب الاستئذان ويترك قضية اجتماعية بحجم الخلافة والولاية السياسية. الحاصل أن القرآن عالج شأن الحكم السياسي كمتغير خاضع لظروف الزمان والمكان في إطار وضع أسسه المبدئية من حق الحاكم، وحق المحكوم، وطبيعة العلاقة، كما تمت الإشارة من قبل. وننتقل الآن إلى أدلة الفكر الشيعي الرئيسية بشأن ولاية علي، وهي أدلة تدور حول ماعُرف بحادثة غديرخم.
 
حديث الولاية:
 
وهو محور الاستدلالات والمقصود قوله عليه الصلاة والسلام "من كنت مولاه فعلي مولاه"، وفيه زيادات "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" وزيادة أخرى "وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار".
 
 ويمكن إيراد الملاحظات التالية:
 
•           الحديث الوارد في صحيح مسلم بغدير خم هو حديث الثقلين، وزيادة "من كنت مولاه فعلي مولاه" عند مجموعة من المحدثين أهمهم أحمد والترمذي والنسائي. وعدم ورود الحديث في البخاري أو مسلم رغم أهميتهما وتحريهما أكثر من غيرهما في نقل الحديث لا يعني بالضرورة عدم صحته، وعبارة "من كنت مولاه فعلي مولاه" صححها أحمد والترمذي، وزيادة "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه" اختلف في صحتها فمن المحدثين من صححها، ومنهم من ضعفها مع عبارة "من كنت مولاه فعلي مولاه" أما زيادة "انصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار" فقد صنفوها من بين المختلق والمكذوب على النبي. هذا من حيث درجة صحة الحديث.
 
•           يكتنف التناول الشيعي للحديث بعد يقينهم بصحته بل وتواتره عدة نقاط: أحدها أنه قيل في غدير خم بين مكة والمدينة، في الثامن عشر من ذي الحجة، بعد حجة الوداع، وأن غدير خم هو مكان افتراق الحجاج. وثانيها أن الحديث قيل بحضور مئة ألف من الصحابة.، ثالثها أن توقف النبي وتكليفه مناداة حجاج كانوا قد شرعوا بالمغادرة يوحي بعظم الأمر وما سيقوله. بالنسبة لموقع غدير خم يظهر مما ورد من مختلف الروايات واضطراب تحديده بالضبط أنه لم يكن موقعاً مشهوراً، ولو كان مفترق طرق الحجاج لكان معروفاً، ويبدو من حساب الفترة الزمنية أنه أقرب للمدينة منه إلى مكة، حيث لم يسجل بقاء النبي بعد إتمامه مناسك الحج في مكة، وتتراوح المسافة بين مكة والمدينة وفق عديد روايات بين خمس أيام وثمان.
 
 وبافتراض أن النبي غادر مكة في اليوم الرابع عشر، وبالتالي يكون قد قطع المسافة إلى غدير خم في أربع أيام على الأقل، وهي إذا ما أخذنا بمدة الثمان أيام تكون في المنتصف، وإذا أخذنا بأقل من الثمان أيام تكون غدير خم أقرب للمدينة. الغرض من محاولة تحديد الموقع الانتقال إلى النقطة الثانية المتصلة بأن الحاضرين غدير خم مئة ألف، لأن ليس من المعقول أن كل المشاركين في حجة الوداع البالغين مئة ألف حسب أعلى رقم ذُكر عنهم، كلهم من شمال مكة. إذ المعروف أن العام التاسع للهجرة وصف بأنه عام الوفود من مختلف القبائل العربية إلى النبي لإعلان إسلامها، ومن المنطقي أن المشاركة في حجة الوداع تكون من مختلف أرجاء الجزيرة العربية ومختلف قبائلها. وبالنظر إلى مواقع القبائل العربية وكثافتها السكانية لوجدنا أنها إلى جنوب مكة وشرقها أكثر من شمالها وغربها. وهذا ما يضع العدد في غديرخم محل شك كبير جداً ولعل أهمية العدد تكمن في مساحة شرعية الولاية بحسب الفكر الشيعي. أما بالنسبة لتوقف النبي فليس فيه شيء غريب إذ كانت العادة الاستراحة في السفر، وتداول الحديث بين النبي وصحابته.
 
•           لعل الأكثر ملاءمة أن يطرح النبي أمرا بحجم الولاية والخلافة في حجة الوداع وليس قبلها أو بعدها لأسباب متصلة بقدسية المكان والشعيرة، وحضور أكبر عدد من المسلمين من مختلف القبائل والأماكن في الجزيرة العربية، ولأنه كان آخر لقاء للنبي بهذا القدر من أتباعه. قد يقال أن أمر الولاية والخلافة لا يشترط فيه العدد بقدر ما يُكتفى بالإفادة والأمر لكبار الصحابة من المهاجرين والأنصار كأهل حل وعقد. قد يكون ذلك صحيحاً ووفقه لم يكن النبي يحتاج لمناداة من هموا بالرحيل بل كان بإمكانه الانتظار حتى الوصول إلى المدينة، فجل كبار صحابته يقطنون معه في المدينة.
 
•           يعتري الحديث وفقاً للروايات التاريخية – التي هي أصل مستند الشيعة في المسألة- ملابسات من بينها أن النبي قال ما قال بعد شكوى وتقوّل في الإمام علي بشأن غنائم كلفه النبي بجلبها من اليمن. فكان قول النبي من باب المواساة لعلي ووقف التقولات عليه.
 
•           إذا كان الحديث يشير إلى الخلافة فكان الأحرى بالنبي أخذ البيعة لعلي بما لا يدع مجالاً للإلتباس لاسيما وقد قال الله عن نبيه "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ". وهل بعد حسم هذا الأمر المحوري من حرص.
 
•           التراث الشيعي لا ينكر أن النبي في أواخر مرض وفاته طلب من صحابته الذين كانوا حوله أن يأتوه بقرطاس يكتب كتاباً لن يضلوا بعده. فإذا كان المقصود ولاية علي فما الحاجة لكتاب وقد حسم الأمر في غدير خم.
 
آية إكمال الدين:
 
المقصود قوله تعالى: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا". يعتقد الشيعة أنها نزلت في غدير خم بعد حديث الولاية. ليؤكدوا معتقدهم أن الدين وتمامه ولاية علي. ويمكن إيراد الملاحظات التالية:
•           الاستناد في سبب النزول لدى الشيعة على كتب تاريخ.
•           الأحاديث الواردة في تعيين وقت نزولها تشير إلى نزولها في حجة الوداع. لكنها لا ترتقي لدرجة الصحة عند أهل الحديث.
•           طالما من الصعب تحديد سبب النزول أو تعيين وقته بناء على أحاديث صحيحة فالمناسب الرجوع لسياق الآية نفسها وما قبلها وبعدها، حيث أن عبارة "اليوم أكملت...." هي جزء من سياق آية تتحدث عن شعائر دينية، كما هو حال الآيات قبلها وبعدها، بل إن سياق الآية التي قبلها يوحي بما ورد في أن نزولها كان في حجة الوداع أو قبلها، وفي كل الأحوال ليس بعدها. "يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام". وليس في الآية وما قبلها وبعدها ما يشير بأي قدر للولاية.
 
آية التبليغ:
 
المقصود قوله تعالى: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس"، يقول الشيعة أنها نزلت كذلك في حادثة الغدير، كون الآية مع آية إكمال الدين في نفس سورة المائدة وبينهن 64 آية، ما يوحي أن الآيتين وما بينهما كلها نزلت دفعة واحدة. ويمكن إيراد الملاحظات الآتية:
 
•           إذا كانت الآيات نزلت دفعة واحدة فكان الأولى حسب استدلالات التراث الشيعي أن تكون آية إكمال الدين لاحقة لآية التبليغ وليس قبلها، فالمنطقي أن الله وجه النبي أولاً بتبليغ المسلمين ولاية علي، وبعد تبليغه في حديث الولاية، تأتي آية إكمال الدين لكن الواضح من سياق الآيات وموضوعاتها أنها لم تنزل دفعة واحدة.
 
•           الروايات الحديثية عن سبب نزول آية التبليغ مختلفة تجمعها أنها في مجال رفع الحراسة عن النبي. وتختلف في الإشارة لوقت النزول. فروايات توحي بنزولها في المرحلة المكية بإفادتها أن أبا طالب كلف من يحرس النبي حتى نزلت هذه الآية. وأخرى تفيد أنها نزلت أثناء المرحلة المدنية وهذا ما يؤيده خصائص السورة. والأحاديث الأقرب للصحة في سبب النزول. وما يمكن استنتاجه من الأحاديث عن سبب النزول إن الآية نزلت قبل حجة الوداع، كما أن هذا قابل للاستنتاج من عبارة "والله يعصمك من الناس" فأثناء وبعد حجة الوداع كان محيط النبي الاجتماعي محيطاً تابعاً لا معادياً، ومستوى الأمن لشخصه مرتفع، قد يقال لكن في محيطه هذا منافقون، نعم بيد أن المنافقين كانوا موجودين في كل الأوقات، ولم تسجل السيرة محاولات اغتيال النبي من المنافقين.
 
آية الولاية:
 
 المقصود قوله تعالى: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون". يقول التراث الشيعي أنها نزلت في علي. ويمكن طرح عديد ملاحظات:
 
•           يستند الشيعة إلى حديث مكذوب في عرف أهل الحديث وحسب معاييرهم، مفاده أن سائلاً دخل المسجد فأشار إليه علي بن أبي طالب وهو راكع في صلاة تطوع وأعطاه خاتمه فلقي النبي السائل عند دخوله المسجد وقال له هل أعطاك أحدهم شيئاً فقال له ذلك القائم.
 
•           الآية واضحة في أن ما أعطاه علي للسائل إذا سلمنا بالمقولة الشيعية هو زكاة، ومن المعلوم أن للزكاة كما للصلاة شروطاً في الأداء منها الحول، والنصاب، ولو أضفنا إلى الرواية مبالغات بعض الشيعة في القول أن ثمن الخاتم يساوي خراج الشام لعام، فلنا أن نتصور ثروة الإمام علي الذي اشتهر عنه الفقر والزهد.
 
•           وردت أحاديث بأسباب نزول أقربها للصحة أنها نزلت في مسلمين كانوا يهوداً شكوا للنبي مقاطعة يهود لهم وبعد منازل الصحابة في المدينة عن منازلهم.
 
•           يلجأ الشيعة لتأييد سبب النزول إلى الزاوية اللغوية ليعتبروا، الواو في "وهم راكعون" حالية، وليست ابتدائية أو استئنافية، مع أن الأقرب أنها ابتدائية، يقول تعالى: "اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون"، ويقول "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون".
 
•           المؤمن ولي المؤمن على العموم، فكل مؤمن ولي لكل مؤمن، يقول تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض".
 
•           الآية تقول:"والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة". فالجمع واضح وزاده جلاءا الإتيان ببعض صفات المؤمنين من إقامة للصلاة وإيتاء للزكاة.
 
 
يبقى في موضوع الولاية ثلاث مسائل:
 
الأولى، أن الولاية الدينية في الأصل ولاية روحية، ولا مبرر نقلي أو عقلي لإسقاطها على الولاية السياسية. بل إن إسقاطها على المجال السياسي يتضمن اتهام النبي بأنه كان ساعياً للملك أو القيادة السياسية مما يشكك في الرسالة برمتها.
 
ولو سلمنا بكل ما أورده التراث الشيعي من تضافر الأدلة على امتداد ولاية النبي إلى علي، أو وراثة الأخير لها من الأول لكان المقصود بها الولاية الروحية، بدليل أن القرآن فصل بين الولايتين الروحية والسياسية في قصة اصطفاء طالوت ملكاً على بني إسرائيل مع وجود نبي لهم وقتها، إلى جانب إشارة القرآن للولاية الروحية في أصل مهام الأنبياء والرسل، يقول تعالى "وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين"، ويقول "وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيرا".
 
كذلك، فإن من بين أزيد من خمسة وعشرين نبياً أوردهم القرآن لم يكن بينهم أصحاب ولاية سياسية، أو ملوك إلا داوود وسليمان، ومن ثم فإثبات الولاية السياسية استثناء يقتضي دليلا قويا وواضحا وصريحا.
 
الثانية، لو سلمنا باستحقاق الإمام علي الولاية الدينية والسياسية بتضافر أدلة القرآن والسنة، فما المسوغ لتوريثها في نسله، وما تسويغ تضييق دائرة حق الوراثة في أولاد علي من فاطمة واستبعاد الآخرين، ثم ما المسوغ لاستبعاد أولاد الحسن لدى الإسماعيلية والشيعة الاثنى عشرية أكبر طوائف الشيعة وأوفرها تراثاً، طبعاً تم اختلاق أحاديث لا تصمد للنقد.
 
 الثالثة، إن سلمنا بورود إشارات بخلافة علي للنبي خلافة دينية وسياسية فقد وردت في غيره، أبرزهم أسامة بن زيد وأبوبكر بل لعلها في أبي بكر أوفر من غيره، كتأمير النبي إياه في حج السنة التاسعة للهجرة، وقوله لو كنت متخذاً خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا"، وترك خوخة أبي بكر مفتوحة على المسجد دون غيرها، إضافة لاستخلاف النبي أبا بكر في الصلاة، أثناء مرض موته، وتجدر الإشارة إلى أن الخلة، والخوخة، والصلاة جاءت لدى مرض النبي وقبل وفاته مباشرة، وكأنها كانت بمثابة وصايا خفية باستخلاف أبي بكر.
 
ولا يخفى ما لإمامة الصلاة في عرف الإسلام من مدلول سياسي، حيث كان الخليفة والوالي هو في ذات الوقت الإمام في الصلاة. بل إن الشيعة تحديداً يشتقون للولاية السياسية وصفاً من مسمى إمامة الصلاة، فهي إمامة كبرى. والأكثر أن الشيعة الاثني عشرية خصوصاً في ظل عقيدة الانتظار للمهدي – المفترض – تركوا صلاة الجمعة لقرون طوال ومازال كثير منهم مضربين عنها حتى ظهور المهدي بولايته الدينية والسياسية.
 
وما نود في نهاية هذا القسم التأكيد على أن ما جاء فيه لا ينتقص من هذا أو ذاك من أعلام الإسلام، وإنما يهدف إلى تفكيك آلة الكهانة في بسط نفوذها على عقول الناس ومعتقداتهم، وتنصيب نفسها واسطة بين الله والإنسان، وتحوير الإسلام العالمي الطابع في دين عشائري وسلالي وشخصي ما يناقض طبيعته ومراميه.
 
لمتابعة الحلقات السابقة على الروابط التالية:
 
الحلقة الاولى.
 
الحلقة الثانية.
 
الحلقة الثالثة.
 
الحلقة الرابعة.
 
الحلقة الخامسة.
 
الحلقة السادسة.
الحلقة السابعة.
 


التعليقات