الأمن الغذائي باليمن 2016 .. 11 مليونًا يصارعون من أجل البقاء (إطار)
- زكريا الكمالي/ الأناضول الجمعة, 30 ديسمبر, 2016 - 03:50 مساءً
الأمن الغذائي باليمن 2016 .. 11 مليونًا يصارعون من أجل البقاء (إطار)

خلفت الحرب المتصاعدة في اليمن منذ مارس/آذار 2015 حالة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي في المحافظات اليمنية الـ22، لكن تأثيرها على الأمن الغذائي، كانت كلفته كبيرة أيضا جراء تلك الحرب، لا سيما مع تزايد شريحة الفقراء والمحتاجين للمساعدات الإنسانية، واتساع رقعة الجوع.
 
تلك التكلفة تزايدت عام 2016، بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، والذي قال في أحدث إحصائياته منتصف الشهر الجاري، إن 7 ملايين يمني يعانون من الانعدام الحاد للأمن الغذائي (وهي مرحلة الطوارئ التي لا يعرف فيها الأشخاص كيف ومتى سيتناولون الوجبة القادمة).
 
ووفق ذات الإحصائية، أصاب سوء التغذية الحاد (انخفاض كبير في نسبة الوزن/الطول ويهدد بالوفاة) 4 ملايين و500 ألف شخص في 2016، وهم بحاجة ماسة إلى خدمات معالجة سوء التغذية، وأن هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 148% عن أواخر عام 2014. أما مكتب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، فقال في آخر إحصائياته قبل أيام، إن 18 مليونا و800 ألف يمني بحاجة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية، دون تحديد ماهيتها، وذلك من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ 27 مليونا و400 ألف نسمة.
 
ومن إجمالي هولاء، استطاعت الأمم المتحدة، خلال 2016، الوصول إلى أكثر من 5.1 ملايين شخص فقط في جميع المحافظات، وتقول إنها تواجه معوقات من قبل أطراف النزاع في إيصال المساعدات، وأن خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2016، لم تتلق سوى 57 بالمائة من التمويل المطلوب لنداء الاستغاثة والبالغ 1.6 مليار دولار أمريكي، وفق تقرير لمكتب الشؤون الإنسانية الأممي باليمن صدر قبل أيام.
 
وتوقع ذات التقرير أن يشهد الأمن الغذائي في البلاد تدهوراً أكبر خلال الفترة القادمة بسبب ندرة السلع الأساسية، وإعلان 4 من كبار تجار القمح توقفهم عن الاستيراد منذ مطلع العام المقبل.
 
وقال التجار في رسالة بعثوها لحكومة الحوثيين المسيطرة على صنعاء، إنهم عاجزين عن دفع الائتمانات المالية (تحويل فواتير الشراء إلى الخارج بالدولار الأمريكي)، بسبب نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة لحكومة هادي في مدينة عدن (جنوب).
 
وأدى سوء التغذية الحاد إلى وفاة عشرات الأشخاص في الساحل الغربي للبحر الأحمر، وتحديدا الذي يربط محافظتي حجة (شمال غرب)، بالحديدة، على الرغم من تدخل المنظمات الدولية والمحلية والخليجية لإنقاذهم، بحسب مصدر طبي في محافظة الحديدة، على الرغم من إعلان المنظمات الدولية إنقاذ العشرات.
 
وظهرت إحدى الفتيات بمحافظة الحديدة، تدعى "آمنة" وهي في عمر السادسة عشرة وقد تراجع وزنها إلى 9 كغم، لكنها بدأت باستعادة وزنها تدريجيا، وفقا لمصدر طبي في "مستشفىى الثورة" الحكومي للأناضول.
 
وقال المصدر، إن هناك 100 حالة يتم تسجيلها يوميا لسوء التغذية الحاد في المستشفى الحكومي.
 
وانعكس سوء التغذية الحاد بشكل مباشر على الأطفال، ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، فإن محافظة صعدة تعاني أعلى معدلات التقزم بين الأطفال على مستوى العالم، إذ يعاني 8 من أصل كل 10 أطفال في المحافظة من سوء التغذية المزمن في نسبة لم يشهد لها العالم مثيلاً من قبل.
 
وقالت "يونيسف" في أحدث تقاريرها، إن حوالي 62 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهي زيادة تصل إلى 200 بالمئة مقارنة بعام 2014، فيما يعاني 1.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد المتوسط.
 
*محافظات بحاجة شديدة للغذاء
 
بحسب أرقام حديثة حصل عليها مراسل الأناضول من مكتب الشؤون الإنسانية الأممي باليمن، تحل محافظة صعدة (شمال- معقل الحوثيين) على رأس قائمة المحافظات المحتاجة مقارنة بعدد السكان، فهناك 700 ألف شخص بحاجة شديدة إلى مساعدات غذائية بها، من أصل 854 ألفا هم إجمالي عدد سكانها. وخلال الحرب، كانت "صعدة" مسرحا للضربات الجوية نتيجة قربها من الحدود السعودية، بالإضافة إلى إطلاق الصواريخ الباليستية منها صوب أراضي المملكة، وهو ما جعل 262 ألف شخص ينزحون منها، وفقا للأمم المتحدة.
 
محافظة الحديدة، الواقعة على البحر الأحمر، (غرب)، هي أكثر المحافظات تضررا من الحرب (وليست الأشد احتياجا للغذاء)، حيث فقد سكانها الذين يعتمدون غالبا على مهنة الصيد أعمالهم جراء النزاع، ووفقا لإحصائيات أممية، هناك مليون و100 ألف شخص لديهم احتياج شديد للغذاء من أصل مليونين و600 ألف نسمة.
 
وجاءت محافظة تعز، (جنوب غرب)، التي تشهد معارك متصاعدة بين القوات الحكومية والحوثيين منذ منتصف أبريل/نيسان 2015، ضمن المحافظات المتصدرة لانعدام الأمن الغذائي، حيث يوجد مليونا و600 ألف شخص بحاجة شديدة إلى مساعدات غذائية وذلك من أصل مليونين و848 ألف نسمة هم عدد سكانها، وفق مكتب الشؤون الإنسانية الأممي باليمن.
 
واستطاعت الأمم المتحدة، بحسب تقرير حديث صادر عن مكتبها بصنعاء، الوصول فقط إلى 577 ألف شخص بمساعدات غذائية بتعز، فيما أجبر النزاع 692 ألف نسمة على النزوح من المحافظة منذ بدء المعارك فيها، كأعلى المحافظات اليمنية التي شهدت موجة نزوح.
 
*تدخل أممي وإقليمي
 
خلال الأشهر الماضية من الحرب، عملت منظمات أممية وجهات إغاثية خليجية، على تسيير مساعدات إنسانية مباشرة إلى المتضررين من الحرب.
 
وكان برنامج الأغذية العالمي يقوم منذ اندلاع الحرب، بتوزيع الأغذية على 3 ملايين شخص، وخلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2016، قام البرنامج الأممي بتوزيع حصة الفرد الواحد لشخصين، بحسب بيانات صادرة عن البرنامج.
 
ورغم إعلان الأمم المتحدة، أنها قدمت مساعدات مباشرة لأكثر من 5 ملايين يمني فقط، لكن هيئات إغاثة خليجية، منها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (سعودي)، قدّم هو الآخر مساعدات غذائية في غالبية المحافظات اليمنية، وخصوصا الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، فيما وزع ببقية المحافظات عبر منظمات الأمم المتحدة.
 
وتعرف منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) الأمن الغذائي بأنه يتحقق عندما "تتوافر لجميع الناس، وفي كل الأوقات، الإمكانات المادية، والاجتماعية، والاقتصادية؛ للحصول على غذاء كاف، ومأمون، ومغذٍّ؛ لتلبية احتياجاتهم التغذوية، وأفضلياتهم الغذائية؛ ليعيشوا حياة مفعمة بالنشاط، والصحة". 
 


التعليقات