[ سمير الصلاحي ]
رغم توافق القوى السياسية والحزبية عليه والتأييد الثوري والشعبي الذي حظي به لاستلام رئاسة الجمهورية، إلا أن الرئيس عبدربه منصور هادي كان حريصا على إجراء انتخابات شعبية حفاظا منه على المسار الديمقراطي ودستور البلاد، وهذا ما حدث في الحادي والعشرين من فبراير من العام 2012، حين خرجت جموع الشعب اليمني في اصطفاف ديمقراطي لم تشهد له اليمن مثيلا منذ بزوغ فجر الجمهورية في ستينات القرن الماضي.
لم ينتظر المشير هادي كثيرا، ومع اليوم الأول لأدائه اليمين الدستورية رئيسا للبلاد، تحرك للملمة شتات الأزمة اليمنية وحلحلة مشاكلها العالقة منذ عدة عقود، فكان انطلاق مؤتمر الحوار الوطني بمثابة الخارطة الشعبية التوافقية التي هيأت لمستقبل جديد لليمن، لا ظالم فيه أو مظلوم، ففيه اجتمع كل فرقاء العمل السياسي والحزبي وكل مكونات المجتمع اليمني وشرائحه، فكانت المباركة الشعبية والإقليمية والدولية لهذا المؤتمر الذي أنجز صياغة كل أحلام وتطلعات المجتمع للوصول إلى الهدف المنشود بالعدل والمساواة تحت ظل دولة اتحادية عادلة.
قوى الفيد والفساد والإفساد لم ترقها تحركات الرئيس هادي، فكانت تسابق الزمن لوأد مشروعه الطامح لتحقيق تطلعات الشعب اليمني، فتحركت في بادئ الأمر لعرقلة سير أعمال مؤتمر الحوار، وحين خابت مساعيها قفزت إلى الواجهة معلنة التمرد على الشرعية والدستور مستغلة سيطرتها على مؤسسات الدولة ومخالبها العسكرية، حتى أعلنت الانقلاب الكامل على الرئيس هادي على أمل بقاء البلد تحت قبضتها وبقاء المجتمع رهن تصرفاتهم الانتقامية.
نحتفل بالذكرى الخامسة لانتخاب المشير هادي ونتذكر كيف انتفض الشعب اليمني نصرة لرئيسه ومشروعه وشرعيته الدستورية رفضا للانقلاب، وكيف تحرك الرئيس نصرة لشعبه وبظرف أيام قليلة من الانقلاب كان أحرار اليمن في كل شعاب ووديان الجمهورية يقارعون قوى الإمامة والاستبداد، وكانت مقاتلات التحالف العربي تحوم في سماء اليمن معلنة الانتصار للشعب اليمني وملبية لنداء الرئيس هادي في مساندة الشعب حتى دحر الانقلاب.
نحتفل بالذكرى الخامسة لانتخاب الرئيس هادي واليمن على أعتاب مرحلة جديدة، فمالم يتحقق بالحوار وبسيف السلم ها هو يتحقق بالقوة العسكرية وسيف الحق، والقوى الانقلابية التي أثخنت الجراح في صدر كل يمني تعيش اليوم وضعا بائسا في غياهب البدرومات وجحيم الكهوف، تلاحقها لعنات اليمنيين وينتظرها غضب الشعب على ما أحدثته من خراب ودمار وتجويع.
نحتفل بالذكرى الخامسة والمجتمع اليمني أكثر ثقة بقرب تحقيق أحلامه، فالشرعية اليوم تحكم قبضتها على موانئ اليمن وشواطئها ومنافذها الإستراتيجية والحدودية ومواقعها الغازية والنفطية، وقوات الجيش الوطني والمقاومة تلاحق الميليشيات الانقلابية في تخوم صنعاء وصعدة، وتعد العدة للانقضاض على ما تبقى من قوى الإمامة وعصابات الانقلاب ليعود الحق لأهله، ويحكم المجتمع اليمني نفسه وينتصر لإرادته ويحقق تطلعاته وطموحه، وينتقل بوطنه من دائرة الجوع والفقر والفساد إلى دائرة العمل والبناء والجد والاجتهاد، ومن دولة المافيا والعصابات السلالية العنصرية إلى دولة العدل والمساواة والالتزام بالقانون والقيم الدستورية، وإن غدا لناظره قريب.