[ ضحايا مدنيون بغارات للتحالف في صنعاء ]
تتقبل بامتنان الشابة اليمنية المشردة ليمي التي تعول طفلها وثمانية آخرين مساعدة قدمتها لها المملكة العربية السعودية في مخيم للنازحين اليمنيين، ولكنها مع ذلك لا تنسى السبب الذي جعلها تقطن في مخيم للنازحين المشردين عن ديارهم؛ فقد دمرت غارة جوية سعودية منزلها الواقع على بعد نحو ثلاثين كيلومترا من الخيمة التي تأويها الآن في محافظة مأرب.
وليست حالة ليمي -التي أوردتها وكالة الأسوشيتد برس- سوى نموذج لآلاف الحالات المماثلة في ظل الحرب التي بدأها التحالف العربي بقيادة السعودية عام 2015 بهدف "استعادة الشرعية" "وإبعاد" الحوثيين عن السلطة.
فخلال السنوات والشهور الأخيرة اشتدت الأزمة الإنسانية في اليمن، ووصلت الأوضاع مستوى غير مسبوق في الانهيار، حيث صنفتها الأمم المتحدة أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم، وبح صوتها بالنكير على استمرار الحرب وتردي الأوضاع.
معالجة الأزمة الإنسانية
وأمام اشتداد الضغط الدولي المطالب برفع الحصار الذي فرضه التحالف بقيادة السعودية على اليمن؛ أعلنت السعودية إطلاق ما وصفتها بالخطة الشاملة لإغاثة الشعب اليمني.
وتستند الخطة -حسب الأناضول- إلى ثلاثة محاور رئيسية: تقديم الدعم المالي والاقتصادي، وتوفير الدعم اللوجستي عبر الممرات البحرية والجوية، وأخيرا تهيئة فتح الموانئ والمعابر في اليمن أمام المساعدات.
وتتضمن الخطة على صعيد الدعم المالي والاقتصادي تقديم 1.5 مليار دولار، تغطي أكثر من 50% من خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، كما يتضمن هذا المحور إيداع ملياري دولار كوديعة في حساب البنك المركزي اليمني.
وتهدف الخطة -بحسب المصادر ذاتها- إلى تخفيف ومعالجة الأزمة الإنسانية في كل المناطق اليمنية، وضمان وصول المساعدات والسلع لكافة المدن والمحافظات، فضلا عن الحد من "التهريب والابتزاز" من قبل الحوثيين، وتعزيز ورفع كفاءة موانئ اليمن، لضمان انسيابية وصول المساعدات، وتعزيز قدرة البلاد على التصدير والتجارة عبر عدة موانئ.
على أجنحة الموت
ولكن بعض المعلقين شككوا في الدوافع الفعلية للحملة الإغاثية، خاصة أنها تأتي في ظل استمرار عمليات القصف الجوي لقوات التحالف، وما تسفر عنه غالبا من خسائر بشرية ومادية كبيرة، هذا فضلا عن استمرار الحرب بين الفرقاء اليمنيين في أطراف البلاد المختلفة.
ويقول البعض إن إيقاف القصف الجوي ووضع حد للحرب التي أنهكت البلد أهم وأعمق أثرا من حملات المساعدات العابرة مهما كان حجم المستفيدين منها والمبالغ المالية المرصودة لها.
وبينما يرى البعض أن هدف حزمة المساعدات الحالية هو محاولة "تجميل" وجه التحالف لدى اليمنيين عبر البوابة الإنسانية والتخفيف من الضغوط الدولية المتصاعدة بسبب الأزمة الإنسانية؛ أثنى آخرون على الخطوة، ورأوا فيها تجاوبا محمودا وتفاعلا كريما مع الحاجات الإنسانية للشعب اليمني.
ومن الواضح أن التحالف العربي يحاول دعم اليمنيين، وتضميد جراحهم عبر الخطة الإغاثية الجديدة التي لا تتضمن أي وقف أو تخفيف للعمليات العسكرية التي تحمّلها هيئات ومنظمات دولية المسؤولية عن جزء كبير من معاناة اليمنيين.
وسبق للتحالف أن فرض حصارا مشددا على اليمن بعيد إطلاق الحوثيين صاروخا بالستيا على الرياض، وهو الحصار الذي أعلنت الرياض قبل أسابيع تخفيفه، بعد ضغوط دولية مكثفة.
وجاء إطلاق الخطة الإغاثية الجديدة بعد نداءات دولية وضغوط متصاعدة وانتقادات حقوقية لحرب السعودية في اليمن، وما أسفرت عنه من ضحايا بين المدنيين، ودمار واسع في البنى التحتية، وتشريد أعداد كبيرة من اليمنيين.
وينفي مسؤولو الإغاثة السعوديون أي دور لهم في المعارك العسكرية الجارية، وتحدثوا لوكالة الأسوشيتد برس عن مساعيهم للوصول بمساعداتهم حتى إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وبغض النظر عن خلفيات وأهداف الخطة الإنسانية المذكورة، فالراجح أن اليمن سيبقى يتخبط في أزماته السياسية والأمنية والإنسانية ما دامت الحرب مستمرة، التي مضى على اندلاعها أكثر من ألف يوم، وتحول معها الوضع في اليمن إلى ما يشبه "يوم القيامة"، حسب تعبير الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك.