[ أحمد عبيد بن دغر ]
انتقل ملف أزمة الحكومة اليمنية الشرعية مع "التحالف العربي"، والإمارات على وجه التحديد، إلى العاصمة السعودية الرياض، للحسم بمصير الخلافات التي تصاعدت في الأشهر الأخيرة، ونجحت الرياض باحتوائها الشهرين الماضيين، إلاّ أنها لا تزال مرشّحة للعودة في أية لحظة، في ظلّ عدم توصّل الطرفين إلى أي نوع من التفاهمات التي تنهي عوامل الاحتقان.
ونفى مصدر في مكتب رئيس الوزراء اليمني، أحمد عبيد بن دغر، لـ"العربي الجديد"، أمس الخميس، الأنباء التي تحدّثت عن عوائق منعت بن دغر، الذي غادر عدن في السادس عشر من فبراير/شباط المنصرم، من اللقاء بالرئيس عبدربه منصور هادي، مشيراً إلى تعرّض رئيس الوزراء لوعكة صحية، في الأيام الأخيرة. وأوضح أنه سيستأنف بعدها مهامه بالشكل المعتاد.
وبعد أيام من الجدل الذي أثير حول أسباب عدم ظهور بن دغر في اجتماع مع هادي، منذ مغادرته إلى الرياض قبل أسبوعين، كشفت وكالة الأنباء اليمنية بنسختها التابعة للشرعية، الخميس، عن زيارة قام بها كل من الرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن الأحمر، إلى بن دغر في المستشفى الذي يُعالج فيه في العاصمة السعودية، بعد أن "تعرّض لوعكة صحية عارضة". ونقلت الوكالة عن هادي إشادته بـ"الجهود الدؤوبة التي بذلها بن دغر في سبيل تطبيع الأوضاع وتوفير الخدمات واستتباب أمن البلد واستقراره"، وتمنى له "موفور الصحة والسلامة ليعاود نشاطه ويضطلع بمهامه وواجباته الوطنية الجسيمة تجاه وطنه ومجتمعه".
وكان بن دغر قد غادر عدن، منتصف الشهر الماضي، للمرة الأولى، بعد الأزمة التي شهدتها المدينة، على إثر تصعيد حلفاء أبوظبي المطالبين بإسقاط الحكومة الشرعية، في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي. وأعلن بن دغر، أنه سيلتقي هادي الذي يقيم في الرياض بصورة شبه دائمة، منذ تصاعد الحرب في البلاد، بالإضافة إلى لقاءات مع المسؤولين السعوديين حول جوانب الدعم التي أعلن الجانب السعودي، عن تقديمها لليمن.
وعلى الرغم من ذلك، فقد مضى أسبوعان، عقب مغادرته، من دون أن يُعقد اجتماع رسمي (معلن على الأقل)، يضم الرئيس اليمني برئيس الحكومة ومستشاريه، وهو ما فتح الباب أمام التساؤلات عن الأسباب وراء ذلك، في ظلّ الظروف المحيطة بإقامة هادي، والتي ينظر إليها بأنها "جبرية"، بفعل القيود المفروضة على عودته إلى البلاد، من قبل التحالف (الرياض – أبوظبي).
غموض سعودي
وفي السياق، انتقلت الأزمة بين الحكومة - أبوظبي، إلى الرياض، التي يوجد فيها غالبية مسؤولي الشرعية، وفي مقدمتهم، هادي والأحمر وبن دغر، ووزراء في الحكومة، بما فيهم وزير النقل، صالح الجبواني، والذي كان قد أطلق منذ أيام تصريحات وصفت بأنها الأخطر منذ تصاعد أزمة الشرعية - الإمارات، في ظلّ غموض يلف الموقف السعودي. وتقول مصادر قريبة من الرئاسة اليمنية وأعضاء في الحكومة إن السعودية تقدم دعماً علنياً للحكومة الشرعية، لكن يعتقد آخرون أن الرياض، تقف بموقف "المتفرج" أو الداعم غير المباشر، لممارسات أبوظبي وسياساتها في البلاد، ولكن بما لا يضر بصورتها (أي السعودية)، وما يمكن أن يترتب على أي دعم مباشر منها، للدعوات الانفصالية، كما هو الحال في موقف أبوظبي.
يشار إلى أن وزير النقل اليمني الجبواني، كان قد أطلق منذ أيام، اتهامات خطرة، تأخذ طابعاً رسمياً من الحكومة الشرعية لأبوظبي حول دورها في اليمن، إلاّ أنّ الحكومة التي يوجد أغلب مسؤوليها في الرياض، لم تخرج ببيان رسمي، يحدّد موقفاً من تصريحات الجبواني، وهو مؤشر آخر على استمرار الأزمة في حدود غير مسبوقة، مفتوحة على كل الاحتمالات في المرحلة المقبلة، بما فيها دخول التحالف (بشقيه أبوظبي والرياض) بتفاهمات جديدة مع الحكومة اليمنية، أو قيامه بممارسة ضغوط تدفع نحو تغيير أو تعديل وزاري يطال مناصب رفيعة في الحكومة. في حين أن استمرار الأزمة والتصريحات الحكومية اليمنية، التي تتهم أبوظبي باتهامات خطرة، يعد مؤشراً على أن الرياض لا تمانع على الأقل، من الرفض الحكومي اليمني، للممارسات الإماراتية في جنوب البلاد.
وكانت الرياض قد تدخلت أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، بإيقاف الاشتباكات بين القوات الموالية للشرعية، وأخرى موالية لما يُسمى بـ "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، والمدعوم بشكل غير محدود من أبوظبي، بعد أن كاد الموالون للأخيرة، أن يكملوا السيطرة على العاصمة المؤقتة عدن. ولا تزال التهدئة السعودية صامدة حتى اليوم، لكن عوامل تفجّر الأزمة، وفي المقدمة منها، الخلافات القوية بين الشرعية ــ الإمارات، تجعل من الوضع مفتوحاً على العودة إلى التصعيد في أية لحظة، إذ لم تعد الشرعية غطاءً كافياً لممارسات أبوظبي، بعد أن خرج مسؤولون في الحكومة، يرفضون ممارساتها بصورة علنية.