معركة الحديدة اليمنية.. تغير في موازين الحرب لكن نهايتها ليست وشيكة
- عاصم عبد السلام / الأناضول الاربعاء, 30 مايو, 2018 - 10:20 مساءً
معركة الحديدة اليمنية.. تغير في موازين الحرب لكن نهايتها ليست وشيكة

[ قوات الجيش الوطني في الساحل العربي ]

بدأت المعركة الدائرة على مشارف محافظة الحديدة غربي اليمن تقلب موازين القوى على الساحة اليمنية، بعد تحقيق القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي تقدما ميدانيا في الأيام الأخيرة.
 
ففي مقابل دفعة معنوية كبيرة حصلت عليها قوات الحكومة الشرعية والتحالف العسكري العربي، بفضل تحقيق مكاسب نوعية في الساحل الغربي، تعيش جماعة "الحوثي" حالة من الترنح والارتباك.
 
وعقب الخسائر التي أفقدتهم مساحات جغرافية واسعة في زمن قياسي، ظهر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي مساء الأحد، مرتبكا وفي حالة انكسار غير مسبوقة، في خطاب له للتعليق على تطورات معركة الحديدة، ولسان حاله يقول: "قد نُهزم في معركة الحديدة، لكن لن نخسر الحرب".
 
في تعليقه على معركة الساحل الغربي، بعد إعلان القوات الحكومية انتصارات مهمة خلال اليومين الماضيين، قال الحوثي في خطاب متلفز: "صحيح في بعض المعارك حصل تراجع، هذا يحصل عادة في الحروب لأسباب كثيرة وعوامل موضوعية، لكنها لا تعني بأي حال من الأحوال نهاية المعركة، فالحرب كر وفر".
 
واستشهد بخسارة قواته لمدينة عدن (جنوب) منتصف يوليو / تموز 2015 قائلا: "عقب سقوط عدن والمحافظات الجنوبية، توقع البعض أن العدو سيفرض سيطرته على كامل أراضي اليمن، لكن لم يحدث شيء".
 
وتابع: "وكثير من المحافظات التي سقطت منا كانت بسبب غياب الحاضنة الشعبية، نتيجة تعبئة خطيرة من العدو مهدت للعدوان، واستطاعت التأثير على الناس تحت العنوان المذهبي".
 
وفي نبرة انكسار، اعترف الحوثي بالهزيمة وتراجع قواته، وتحدث عن حدوث اختراق وعد باحتوائه.
 
وخلافا للجبهات الأخرى، تتقدم معركة الحديدة قوة ضاربة ضد الحوثيين لاستعادة المحافظة التي يسيطر عليها الأخيرون منذ ديسمبر / كانون الأول 2014.
 
وتتألف هذه القوة من قوات موالية للعميد الركن طارق محمد عبد الله صالح المعروفة بـ "ألوية حراس الجمهورية"، وقوات من المقاومة التهامية و"ألوية العمالقة" في الجيش اليمني، وكذلك قوات إماراتية وسودانية ضمن التحالف العربي.
 
** ضوء أخضر
 
كانت معركة الحديدة محتملة منذ بداية الحرب، نظرا للأهمية العسكرية والاقتصادية للمدينة الساحلية على البحر الأحمر.
 
لكن الولايات المتحدة الأمريكية ومنظمات الأمم المتحدة وقفت بقوة ضد قرار التحالف خوض معركة في الساحل الغربي لليمن، وإغلاق ميناء الحديدة.
 
وعلى مدار ثلاث سنوات، ظلت وكالات الإغاثة تحذر من أن محاولة تحرير المدينة ستؤدي إلى عواقب كارثية.
 
هذه العواقب لن تضر فقط بالمدنيين الذين يعيشون في الجوار، بل أيضا بملايين اليمنيين الذين يعتمدون على السلع التي يوفرها الميناء.
 
لكن المشهد تغير مع اختفاء أي أصوات مناهضة للمعركة، رغم أن كيلومترات محدودة تفصل القوات الحكومية عن الميناء الأكبر في اليمن.
 
ويرى مراقبون أن السعودية قائدة التحالف العربي، انتزعت ضوءا أخضر دوليا لبدء معركة تحرير الحديدة.
 
واستغلت الرياض تهديد الحوثيين للملاحة الدولية باستهداف سفن التجارة وناقلات النفط في البحر الأحمر، خاصة بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 8 مايو / أيار الجاري، من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران المتهمة بدعم الحوثيين.
 
واعتبر الباحث والمحلل السياسي اليمني ماجد المذحجي، أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي "أدخل اليمن في قلب العاصفة الإقليمية المتوقعة".
 
وأضاف "المذحجي" للأناضول أن "معركة الحديدة واحدة من أدوات التصعيد التي لجأت إليها الولايات المتحدة بالشراكة مع التحالف العربي ضد إيران".
 
ويعتبر التحالف العربي والولايات المتحدة أن الحديدة هي إحدى نقاط قوة الحوثيين، وعبرها تستقبل الجماعة الأسلحة الإيرانية.
 
كما يعتبران أنه من خلالها تنفذ الأجندة الإيرانية بتهديد الملاحة الدولية، وكذلك استهداف بوارج التحالف العربي، كونها آخر منفذ بحري للحوثيين في اليمن.
 
** معركة لا تنهي الحرب
 
ورغم أهمية معركة تحرير محافظة الحديدة التي تحتضن ميناءين استراتيجيين على البحر الأحمر هما الحديدة والصليف، إلا أنها لن تشكل خط النهاية للحرب اليمنية المتصاعدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بحسب مراقبين.
 
لكن المعركة ستضعف من قوة الحوثيين، وستمهد لتحرير محافظات قريبة منها، وهي "ريمة" و"المحويت"و"حجة".
 
وبدأ زعيم الحوثيين بالتمهيد لأنصاره بعدم الاستسلام حتى وإن خسروا الحديدة التي كانت تشكل أحد أهم مصادر قوتهم العسكرية والاقتصادية.
 
وقال الحوثي في خطابه الأخير: "لا تزال بيدنا المناطق التي تمثل العمق الاستراتيجي والتاريخي للبلد، لمواجهة الغزاة".
 
وهو يشير بالعمق الاستراتيجي إلى العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ 21 سبتمبر / أيلول 2014.
 
واعتبر المحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع، أن حسم القوات الحكومية المدعومة من التحالف لمعركة الحديدة، لا يعني نهاية الحرب في اليمن.
 
وقال المودع للأناضول: "على افتراض أنه تمت السيطرة على الحديدة، فلن يقسم ذلك ظهر الحوثيين، فهم مستمرون في السيطرة على المنطقة الجبلية، وهي المنطقة الحصينة من اليمن والكثيفة بالسكان".
 
وما تزال جماعة الحوثيين تسيطر على العاصمة صنعاء وعدد من محافظات شمالي وشمال غربي اليمن، رغم تلقيها ضربات جوية على مدى ثلاث سنوات من جانب التحالف العربي.
 
وخسرت الجماعة مناطق في الساحل الغربي، منها بلدات الخوخة وحيس والدريمهي والتحيتا، وأجزاء من زبيد والحسينية، التابعة لمحافظة الحديدة.
 
لكن لا يزال الحوثيون يسيطرون على نحو 600 كم مربع من الساحل الغربي لليمن، من مدينة الحديدة إلى أطراف مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة (شمال غربي).
 


التعليقات