ملامح صراع داخل أجنحة الحوثيين في صنعاء بعد صعود المشاط
- صنعاء - خاص الثلاثاء, 05 يونيو, 2018 - 08:53 مساءً
ملامح صراع داخل أجنحة الحوثيين في صنعاء بعد صعود المشاط

[ المشاط أصدر العديد من القرارات مؤخرا ]

بدأ الواقع السياسي في صنعاء يتكشف بشكل أكبر، بعد خسارة مليشيات الحوثي رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد بغارة لطيران التحالف العربي قبل أسابيع في محافظة الحديدة، وتعيين زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مهدي المشاط خلفا له.

المشاط وبحسب معلومات يعتبر الصندوق الأسود لعبد الملك الحوثي، وكان يشغل مديرا لمكتبه، وتعيينه حمل رسالة منذ البداية، مفادها أن صنعاء أمام واقع جديد ومختلف.

بحسب معلومات خاصة حصل عليها "الموقع بوست" من مصادر خاصة ومطلعة في جماعة الحوثي، فإن المشاط جاء إلى صنعاء حاملا معه عقلية صعدة المتمثلة بعقلية السيد، وهي العقلية الضيقة والتي تعتمد على الإقصاء والإلغاء والمحاربة لكل معارض، بل تعتمد على غرس ثقافة النهب والفيد وما إلى ذلك.

المصادر وهي تشرح لـ "الموقع بوست" جزءا من هذا الواقع، أكدت على أن المشاط سعى منذ بداية الأمر إلى إلغاء قرارات بالجملة كان قد قام بها الصماد، ومن ضمن تلك القرارات تلك التي تمت في وزارات حكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها، وقرارات أخرى.

هذا الأسلوب وهذا التصرف أزعج كثيرين من الموالين مع الجماعة الذين أقالهم المشاط، ومن بين أولئك شخصيات محسوبة على حزب المؤتمر الشعبي العام، وبعضها الآخر من الطبقة التي يطلق عليها المتحوثين الجدد، وليس الحوثيين الأصل والمذهب.

صراع خفي

وأكدت المصادر، على أن هناك صراعا خفيا يدور في صنعاء بين المتحوثين وبين الحوثيين الأصل، وهذا التيار أعاده إلى الواجهة وبقوة مهدي المشاط، مشيرة إلى أن هناك مواقف خفية بدأت تتخذ، حيث إن كثير من القيادات السياسية والمؤتمرية والقبلية بدأت تتخذ مواقف، على سبيل المثال توقفها عن القيام بأي نشاط في إطار الحشد العسكري للجبهات، أو غيرها من الأنشطة المتعلقة بصنعاء ومجرياتها.

وبحسب المصادر، فإن هناك تململا كبيرا في صفوف الجماعة، حيث إن البعض أيضا الذين قرر الاصطدام بهم المشاط، بدؤوا يعودون إلى مناطقهم القبلية والبعض الآخر بدؤوا يغادرون صنعاء بطريقة أو بأخرى، إما إلى عدن ومناطق جنوبية وإما إلى القاهرة وبعض الدول الخارجية.

المشاط ومنذ تعيينه وبداية ممارسة نشاطه ظهر مركزا أيضا على مجلسي النواب والشورى، ويبدو أن هناك إستراتيجية في ذهنه وذهن زعيمه عبد الملك الحوثي، مضمونها إحياء مجلس الشورى، ليكون مجلسا تحت قبضتهم وسيطرتهم بشكل كامل، ومن خلاله يستطيعون أن يضيفوا شرعية لقراراتهم الجديدة وإستراتيجيتهم الجديدة.

ولطالما ظل غياب جماعة الحوثي عن مجلس النواب، وعدم وجود أي تمثيل لهم، يشكل ضغطا كبيرا عليهم، حيث إنه ظل ورقة بيد حزب المؤتمر الشعبي العام، وظل ورقة تهديد على الرغم من محاربة الجماعة لهذا المجلس وإشرافها الكامل على كل جلساته وما يقوم به خلال الفترات الماضية.

وحتى الأمس القريب، يظهر المشاط بتعيينات جديدة في إطار مجلس الشورى، وجميع الذين يتم تعيينهم محسوبين على الجماعة بدرجة رئيسية وموثوقة، أو من الموالين لها والمنتمين لأحزاب أخرى.

وفي إطار تشكل هذا الواقع الجديد، بدأت الأصوات التي كانت محسوبة على الجماعة ترتفع بشكل كبير في وجه الجماعة، في حين عززت سلطة المشاط ثقافة الاعتقالات وتكتيم الأفواه، وأعادت إلى الواجهة إصدار الاتهامات والقرارات القضائية بإحالة الكثيرين إلى المحاكم المتخصصة في صنعاء، بينهم ناشطون وسياسيون ورجال قانون، والخطوات التصعيدية هذه من قبل المليشيات لتكتيم الأفواه سارية على قدم وساق.

نماذج

لن نذهب نحن في "الموقع بوست" لاستعراض كل ما تم وجرى خلال الأسابيع الماضية من اعتقالات وانتهاكات ومحاكمات، ولكننا سنركز على آخر تحديث وعلى آخر حالات متعلقة بهذا الشأن، إضافة إلى استعراض بعض الخطاب السياسي الذي تغير في هذا الاتجاه.

القيادي في جماعة الحوثي، عبد الملك العقيدة، وهو رجل قانون ومحامي شهير، كشف أمس الاثنين أنه تفاجأ برفع قضية ضده إلى النيابة الجزائية المتخصصة، بسبب منشورات له ينشرها في حائطه على شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك، يتناول فيها مظاهر الفساد في أواسط جماعة الحوثي.

وكتب العقيدة في صفحته فيسبوك، عارضنا نظام صالح سنوات، وعارضنا الإخوة في حزب الإصلاح ونحن في أوساطهم، ولا زلنا نعارضهم جميعا أشخاصاً وجماعات وأتباعاً وأفراداً، وقلنا فيهم بأكثر مما قاله مالك في الخمر، والشهادة لله لم يقم أيا منهم بالتفكير بإحالة أيا منا للجزائية المتخصصة في قضية نشر، وكان أقصى خطوة وإجراء يتخذونه ضدنا نحال إلى نيابة الصحافة في قضايا النشر والانتقاد على الفساد والأخطاء أما حكام اليوم أبسط منشور أو انتقاد صادق على فساد أو ظلم أو خطأ تُرحل رأساً للجزائية المتخصصة، ومؤخراً علمت أن هناك ثلاث قضايا وملفات جهزت لي أحدها تم  فيها جمع كتاب كامل بمنشوراتي وهو في طريقه للجزائية المتخصصة، والآخر أُحيل إلى نيابة استئناف شمال الأمانة والثالث لا زال في مراحل الاستدلال.

وأضاف: "تخيلوا هذا كله وأنا معهم وأحد المناضلين إلى جوارهم منذ 14 عامل دون اعتبار لمواقفنا الوطنية الصادقة والمخلصة والتضحيات التي قدمناها من أجل الله والوطن كواجب علينا، وللأمانة منا من يجيدون صناعة الخصوم والتخلي عن المخلصين.

وأضاف: " يشوفوا منك أي انتقاد، فتقوم القيامة وتضج دنياهم ولا ينظرون إلى إيجابياتك ودفاعك عنهم فيما يحسنون فيه، والكارثة أن هذه الملفات يقف خلفها الملتحقون بالأنصار من أربعة أعوام يريدون أن نصمت على أي فساد، على أي تكريس للعنصرية عن الظلم عن الأخطاء حتى تغرق البلاد والعباد في الفوضى، وبتنا في نظرهم منافقون وطابور عاشر، وفي نظر خصومهم روافض ومجوس".

وقبل أيام أكد قاضي الجزائية المتخصصة بالعاصمة صنعاء أن المحكمة أصدرت مؤخراً أحكاماً بإعدام مشرفين محسوبين على مليشيات الحوثي.

وقال القاضي محمد المفلحي إن الزمن البغيض للظلم والمحسوبيات والاتصالات التي تضغط على القضاء وتوجه تحركاته قد ولى ولن يُسمح بعودته ودماء الشهداء شاهدة على ذلك.

وخاطب المفلحي القائمين على الأعمال في بعض مؤسسات الضبط الأمني والجهات القضائية والمؤسسات السياسية للدولة "أن يكونوا على قدر من المسؤولية وأن يتقوا الله في عدم التدخل في شؤون القضاء، وإخراج السجناء أو  المحكومين أو محاولة التوسط لهم، مضيفاً "نحملهم المسؤولية الكاملة سواءً كانوا مدراء بحث جنائي أو أقسام شرطة أو نقاط أمنية أو لجان شعبية أينما كانوا وأينما كان كائنهم".

وأكد القاضي المفلحي، في تصريح صحفي أن القضاء تصدى للعديد من الضباط الذين يستغلون مناصبهم للتلاعب بالقضايا أو حماية الفاسدين والمحكومين.

تتعدد مظاهر الاحتقان الداخلي في جماعة الحوثي بشكل كبير، وطالت شخصيات رئيسية فيها، كمحمد عزان المنظر الأول لتنظيم الشباب المؤمن، والذي تم منعه من الخطابة في أحد الجوامع بالعاصمة صنعاء، وفقا لمقربين منه.


التعليقات