صالح والحوثي .. سيناريو التمرد والسقوط
- احمد الزرقة الإثنين, 04 يناير, 2016 - 07:58 مساءً
صالح والحوثي .. سيناريو التمرد والسقوط

[ عناصر من مليشيا الحوثي (ارشيف) ]

لا يختلف اثنان على أن ما حدث في تعز هو انعكاس طبيعي لما حدث سابقا في صعدة وعمران وحجة والبيضاء والضالع وعدن والجوف وشبوة ومأرب وإب ولحج وأبين، فانسحاب الدولة من صعدة، وتركها لمشكلتها كجرح مفتوح، وجعل ذلك الجرح يتقيح بالمليشيا، على حساب حضور الدولة في أشكالها المتعددة، فتركت صعدة بيد الجماعة الأكثر دموية ووحشية في تاريخ اليمن المعاصر، وغضت الطرف عن كل المؤشرات الواضحة على وجود علاقة محرمة بين تلك الجماعة وبين إيران منذ وقت مبكر.
 
تاليا كان هناك انقسام مجتمعي وانسداد سياسي وتقديرات خاطئة، جعلت الجميع أما قصدا وعمدا أو من باب النكاية، يصمون آذانهم ويغمضوا أعينهم عن تغول المليشيا في صعدة وتهجيرها عشرات الآلاف ممن يختلفون معها أو وقفوا ضدها في الحروب الستة، ومازال أكثر من مائتي الف من سكان صعدة مهجرون قسرا من محافظتهم، ومع انسحاب الدولة فرضت المليشيا شروطها على المجتمع هناك، وورثت مؤسسات الدولة وأجهزتها وبدأت في فرض رؤيتها واسلوبها هناك، وعزلت صعدة عن محيطها وطلبنة الحياة فيها بشكل لايصدق، وفرضت لونا واحدا وشكلا متطابقا للحياة في المحافظة.
 
 وكانت البداية بتهجير يهود بني سالم من ديارهم قبل أن تمارس نفس العملية مع سكان قرية دماج ذات الانتماء السني، لتصبح بعد ذلك محافظة مقفلة للحوثيين بتواطؤ الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع الدولي الذي دلل المليشيا كثيرا واستخدمتها بعض الأطراف السياسية، أو هكذا خيل لها باعتبارها حصان طروادة والمطرقة التي سيتم تفتيت بها رؤوس الخصوم وبعد انتهائها من ذلك سيكون الانهاك قد أخذ منها نصيبة أيضا فيسهل التخلص منها بعد ذلك.
 
وبدأت اللعبة الملعونة وتساقطت المدن والمناطق بيد المليشيا التي استفادت كثيرا من المخلوع الذي قرر أن يلعب دور نيرون واستطاع تحييد المؤسسة العسكرية التي ظلت تدين بالولاء المطلق له رغم خروجه من منصبه رسميا أو ظاهريا بينما كانت جذور دولة العميقة مازالت ضاربة في أعماق الدولة الهشة والفاشلة.
 
كانت صنعاء محطة الرحلة الأبرز التي سقطت بشكل درامي ولم تحصل المقاومة والممانعة ولم يحارب أحدا عن الدولة التي كانت قد نهبت ولم يتسلم الرئيس هادي منها سوى العلم ملفوفا.
 
بدأ هنا الدور الإقليمي واضحا عبر إملاءات إيرانية جاءت بعد التهليل على لسان القادة العسكريين والسياسيين الإيرانيين بكون صنعاء تحولت رابع عاصمة تدين بالولاء لطهران بعد بغداد ودمشق وبيروت، وفي خطوة مستفزة قررت المليشيا إقامة مناورة بسلاح الدولة وشعارات الثورة الايرانية بالقرب من الحدود السعودية، التي التزمت الحياد السلبي في الفترة السابقة لسقوط صنعاء، وعمدت لتوقيع الكثير من الاتفاقات والتفاهمات مع المليشيا في العاصمة البريطانية وغيرها من المدن، وتحدث وقتها صالح هبرة وغيره من قادة المليشيا عن تفاهمات مع الجانب السعودي تؤكد التزام الحوثيين بعلاقات حسن الجوار وعدم تهديد العمق السعودي بل وحمايته.
 
وفي ذلك الوقت كان المخلوع صالح يحث المليشيا على التورط في المحافظات الجنوبية والتمدد خارج صنعاء بينما كان يجهز نفسه للانقضاض من جديد على السلطة والعودة لحكم البلاد.
 ووصلت به البجاحة لحد التلويح بتكرار سيناريو حرب صيف 1994م ومطاردة الرئيس هادي ورموز دولته، وفي ذات الوقت كان يرسل نجله للتفاوض مع حكام السعودية لدعم عودته للحكم مقابل القضاء على الحوثيين ومحاربتهم.
 
هذه المرة كان صالح قد خسر القادة السعوديين الذين تعامل معهم تاريخيا خلال فترة حكمه فجاء الرد السعودي مخالفا لما أراده، وتم رفض طلبه جملة وتفصيلا، ولم يعتبر صالح ذلك الموقف رسالة واضحة تشير لعدم وجود أي رغبة دولية وإقليمية في وجودة على رأس المشهد السياسي في اليمن، فبدأ حملة تحريض على السعودية والأطراف اليمنية وأعلن صراحة عن تحالفه مع من كان يصفهم دوما بأعداء الجمهورية والثورة وايادي أيران في اليمن.
 
ولأن الجزاء من جنس العمل والمكر السيء لايحيق إلا بأهله ادخل الرجل البلاد في أتون حرب داخلية وأخرى إقليمية وادى تحالفه مع المليشيا لأكبر حملة عنف ودمار وتفتيت اجتماعي وفرز مناطقي وطائفي عرفته اليمن.
 
تدخلت السعودية وحلفائها في اليمن بشكل غير مسبوق وباستخدام القوة التي اذاق الحوثي وصالح الناس الويل بها وبالرغم من ذلك استمر في الرهان والمقامرة، وعرض حياة ملايين اليمنيين للخطر، وتحولت السعودية وعملياتها في اليمن لأحد الأسباب لاذاقة اليمنيين اصناف الويل والعذاب وطريقة لحشد آلاف الجهلة والمغفلين لحرب إخوانهم اليمنيين في كافة المحافظات والمدن، وقتلت الياته العسكرية ومليشياته عشرات الآلاف وبررت للتدخل الدولي في اليمن الذي رأي الكثير من الناس فيه كملاذ آمن، وأقل قسوة من العيش تحت وطأة مجموعة من اللصوص والافاكين الذين نهبوا البلاد وتاجروا بأحلام وحياتهم ولقمة عيشهم.


التعليقات