[ مسلحون من المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في عدن ]
لم يعد انحراف التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن والذي تقوده المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، عن مسار أهدافه المعلنة في اليمن خافيا على أحد، فقد بات مكشوفا ومتداولا أمام المحافل الدولية، ومصرح به من قبل الرئاسة والحكومة اليمنية، والتي كان آخرها تأكيد وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي في كلمته أمام الجمعية العامة الامم المتحدة، أن دولة الامارات انحرفت بأعمالها عن مسار أهداف التحالف العربي في اليمن.
وإزاء كل ذلك ومع سير الأحداث في الداخل اليمني وحلول الذكرى 57 للثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين تبرز التساؤلات المهمة: أي مشروع يجري هندسته من قبل التحالف العربي في اليمن؟
وهل تسير خطى التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن نحو إعادة اليمن إلى عهد ما قبل الثورة اليمنية بتشكيل دولتين ملكية إمامية في شمال اليمن، وأخرى في الجنوب اليمني تحت مسمى الجنوب العربي؟
دلائل
تشير الأحداث الجارية في جنوب اليمن والتي يتزعمها ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم عسكريا وماليا وسياسيا من أبو ظبي، إلى سعي التحالف العربي لإعادة الجنوب اليمني، إلى مشروع ما قبل ثورة أكتوبر.
وهو المشروع الذي لا يخفي المجلس الانتقالي تزعمه وسعيه لتحقيقه، فمنذ أول يوم لتأسيسه أكد أن هدفه هو استعادة دولة الجنوب العربي، وهو ذات المسمى الذي سعى الاستعمار البريطاني لفرضه في جنوب اليمن قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر.
كما أنه المشروع ذاته الذي لم يجد معارضة من قبل الرياض والتي برغم تأكيدها على استمرار دعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ووحدة وأمن واستقرار اليمن، فإن الواقع يشير إلى تفاهم بين الجانبين، فغالبا ما تعمل الرياض على إطفاء حرائق أبو ظبي في المحافظات الجنوبية، دون المساس بمسار مشروع استعادة الجنوب العربي، الذي يجري هندسته -بدعم من أبو ظبي- على قدم وساق في المحافظات الجنوبية من اليمن.
تثبيت الحوثيين
أما في شمال اليمن، فبعد مرور خمس سنوات على حرب التحالف العربي للحوثيين، فإن الواقع يشير إلى تصاعد قدرات الحوثيين، وسيطرتهم على الجزء الأكبر من المحافظات الشمالية لليمن.
ووفقا لتصريحات رسمية، ووقائع ميدانية، فإن التحالف العربي عمل جاهدا على تثبيت سلطة الحوثيين في المحافظات الشمالية وفقا لعدة مسارات معظمها صبت نتائجها في ذات السياق.
ولعل أحد أهم الدلائل التي لم تعد خافية، هو منع قوات الجيش الوطني من إحراز أي تقدم، خصوصا في جبهتي نهم وصرواح اللتين نالتا الجزء الأكبر من استهداف مقاتلات التحالف العربي لقوات الجيش الوطني فيهما، خصوصا عند إحراز أي تقدمات ميدانية.
وباستثناء التقدم الحاصل في جبهة الساحل الغربي، والذي يأتي وفقا لرغبات وأطماع إماراتية لا علاقة لها بالحرب ضد الحوثيين، فقد عمل التحالف العربي جاهدا على منع القوات الحكومية من إحراز أي تقدم في الجبهات في المحافظات الشمالية من اليمن.
وهو الأمر الذي اضطر قيادة الجيش اليمني لإيقاف زحف القوات الحكومية، نحو العاصمة صنعاء من جبهة نهم، بعد أن كثر ضحايا القوات الحكومية بقصف مقاتلات التحالف العربي، الهادفة لكسر أي تقدم، وإبقاء العاصمة اليمنية صنعاء تحت سيطرة جماعة الحوثي.
وبوضوح أكثر، فإن محافظة تعز تعد أحد أهم الأدلة على صحة القول بعدم جدية التحالف العربي في الحرب ضد الحوثيين، وسعيه لتنفيذ مشاريع أخرى.
فتعمد إهمال قوات الجيش الوطني في تعز وعدم دعمها بما يلزم لتحرير المحافظة، وفرض الحصار عليها لم يعد خافيا.
وعلاوة على ذلك، فقد عملت أبو ظبي على خلخلة الجبهة الداخلية في تعز، عبر إنشاء ودعم كيانات موازية للقوات الحكومية، عبر دعم مليشيات أبو العباس، برغم ورود اسم الرجل في قوائم الإرهاب لدى دول التحالف العربي.
وهو الأمر الذي أدى لتفجير الأوضاع عسكريا أكثر من مرة بين الكتائب المدعومة إماراتيا والقوات الحكومية، فحولت أبو ظبي مسار المعركة إلى الداخل بدلا من توجيه كل الجهود نحو استكمال تحرير المحافظة.
هيكلة
ويبدو أن هدف التحالف العربي الأخير المعلن من قبل وزير الخارجية السعودي، والذي أكد فيه سعي أبو ظبي والرياض إلى هيكلة الجيش اليمني، قد تجاوز ذلك إلى هيكلة اليمن بأكملها، وإعادة مشروعي الإمامة الملكية إلى شمال اليمن ومشروع الاستعمار البريطاني (الجنوب العربي) إلى جنوب اليمن.
ويبقى السؤال الأهم: هل بمقدور الأشقاء الأعداء رسم الخارطة الجديدة لليمن، أم سيقف الشعب اليمني لكل ذلك بالمرصاد وسينتصر الشعب لحلم اليمن الاتحادي الكبير؟