البهائيون في اليمن.. عملاء لإسرائيل أم دعاة للسلام؟
- صحيفة الاستقلال الإثنين, 30 ديسمبر, 2019 - 10:15 صباحاً
البهائيون في اليمن.. عملاء لإسرائيل أم دعاة للسلام؟

[ وقفة احتجاجية للبهائيين تندد باضطهاد الحوثيين لهم بصنعاء ]

معتقلون من المنتسبين للديانة البهائية في اليمن تنتظرهم أحكام بالإعدام، من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة، التابعة للحوثيين في صنعاء، بعد توجيه اتهامات لهم بـ"الخيانة العظمى، والعمل لصالح إسرائيل، وإخراج الناس من الإسلام وضمهم للبهائية".

 

في ديسمبر/كانون الأول 2019، شارك حقوقيون سويديون في جلسة برلمانية نظمها البرلمان السويدي لمناقشة واقع حقوق الإنسان من زوايا مختلفة، غير أن الناشطة اليمنية هند الإرياني ركزت في حديثها عن واقع حقوق الإنسان على الممارسات التي تتخذها جماعة الحوثي ضد البهائين في اليمن، وتحدثت عما أسمته "الانتهاكات في حقهم".

 

تحاكم الجماعة حاليا 24 شخصا من البهائيين، منهم 18 غيابيا، و6 أشخاص حضوريا، كانت قد اعتقلتهم في حملة شنتها على إحدى الفعاليات في أغسطس/آب 2016، واعتقلت نحو 67 بهائيا، قبل أن تفرج عن معظمهم لاحقا، بينما ينتظر آخرون أحكاما تتراوح بين الإعدام والسجن.

 

ولقي اعتقال البهائيين والحكم على أبرز أفرادهم بالإعدام تفاعلا كبيرا وحالة استنكار واسعة من قبل منظمات حقوقية وأممية، وأعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، عن "قلقه البالغ إزاء القيود الشديدة المفروضة على حرية الدين في اليمن".

 

ودعا المجلس إلى الإفراج عن "جميع المعتقلين البهائيين في اليمن بسبب معتقدهم الديني، ووقف إصدار مذكرات توقيف بحقهم، ووقف المضايقات التي يتعرضون لها".

 

أصدرت المحكمة حكما بالإعدام على حامد بن حيدرة بتهمة العمل لصالح إسرائيلمقام مؤسس البهائية بهاء الله في عكا المحتلةيصر البهائيون على أنهم دعاة سلام لا عملاء لإسرائيلأصدرت المحكمة حكما بالإعدام على حامد بن حيدرة بتهمة العمل لصالح إسرائيل

 

"بيت العدل الأعظم"

 

في ديسمبر/كانون الأول 2013 تم اعتقال ابن حيدرة، من مقر عمله في شركة الغاز المسال بمحافظة شبوة (جنوبا)، من قبل جهاز الأمن القومي، وبعد سيطرة جماعة الحوثي تم تقديمه للمحكمة الجزائية المتخصصة التي حكمت عليه بالإعدام ومصادرة كافة أملاكه قبل أن يستأنف على الحكم في أبريل/نيسان 2019.

 

حسب قرار الاتهام، فإن حامد بن حيدرة (51 عاما) حصل على الجنسية اليمنية، بعد ممارسته أنشطة تجارية في البلاد منذ العام 1991، وأن الجنسية الأصلية لحيدرة هي (إيرانية)، واسمه الحقيقي حامد ميرزا كمالي سروستاني.

 

ويضيف قرار الاتهام بأن "حيدرة اتخذ من النشاط التجاري الواسع في اليمن غطاء لمهمة أوكلت إليه من قبل ما يسمى (بيت العدل الأعظم) في إسرائيل، بتأسيس وطن قومي لمعتنقي الديانة البهائية على أراضي الجمهورية اليمنية، وذلك في جزر أرخبيل سقطرى والمكلا وحضرموت".

 

وتابع "قام حيدرة منذ العام 1991، وبتمويل من البيت الأعظم، بإقامة مشاريع اقتصادية ومساكن ومراكز إيواء تستوعب الوافدين من أتباع البهائية المنتشرين في الدول العربية وشرق آسيا، وحاول إغراء الكثيرين بالأموال والامتيازات الاقتصادية للانضمام إلى الديانة البهائية"، حسب القرار.

 

وينفي حيدرة أن يكون إيرانيا، أو أن له أنشطة تجسسية لصالح إسرائيل، وتقول أسرته: إنه "أجبر على الإدلاء ببعض المعلومات تحت التعذيب، وأنه يمني من مواليد سقطرى، وانتقل للعيش في الإمارات مع والده، قبل تأسيس الإمارات العربية المتحدة، ثم عاد لليمن بعد توحد الشمال والجنوب في 1990".

 

"عكا قبلتنا"

 

ويصر حيدرة ومن معه من المعتقلين على أنهم "دعاة سلام، كما هي تعليمات الكتاب الأقدس لبهاء الله، مؤسس الديانة، وأن أنشطتهم التطوعية كلها تصب في خدمة المجتمع، وأن مرجعيتهم للبيت الأعظم في عكا، هي مرجعية دينية، وأن مقام بهاء الله وجد في عكا، قبل تأسيس دولة إسرائيل، وهذا لا يعني العمالة لإسرائيل".

 

وأضاف حيدرة في محاضر التحقيق: "بالنسبة لعكا هي قبلتنا، وهذا لا يعني أننا عملاء لإسرائيل، فهي تشبه قبلة المسلمين في مكة، فهل وجود مكة في أرض آل سعود، يعتبر إقرار بعمالة المسلمين لآل سعود؟"، حد قوله.

 

وتحتفي إسرائيل بالديانة البهائية، وكتب موقع إسرائيل باللغة العربية الرسمي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قائلا: "بمناسبة مرور 200 عام على مولد الباب (الميرزا علي محمد رضا الشيرازي وأعدم في عام 1850) مؤسس الديانة البهائية. نهنئ البهائيين بهذه المناسبة داعين لجميع المؤمنين بالخير والبركة والعيش بأمان في ربوع المنطقة".

 

وأضاف: "تحتفي دولة اسرائيل بالجالية البهائية التي تعيش بحرية في ظهرانينا كغيرهم من الأقليات. ويؤم الألوف كل عام من كل حدب وصوب المركز العالمي للديانة البهائية في حيفا الذي يعمل على ترسيخ قيم السلام والتعايش بين جميع أبناء الطوائف".

 

تخوفات إيران

 

الجامعة البهائية العالمية عبارة عن منظمة غير حكومية، تضم في عضويتها البهائيين في جميع أنحاء العالم، ويصل عددهم نحو 6 ملايين رجل وامرأة يمثلون أكثر من 2100 مجموعة عرقية من جميع الأجناس، والأعراق، والجنسيات، والثقافات، والطبقات الاجتماعية، والمهن والوظائف والحرف.

 

الجامعة التي تتكون عن مجموعة من الهيئات المنتخبة انتخابا حرا تعرف باسم المحافل الروحانية المركزية، تؤكد أن طهران هي من تقف خلف الاضطهادات التي يتعرض لها البهائيون في اليمن، وفي الدول الخاضعة لسيطرة إيران، ومن بينها العراق التي حظرت الديانة البهائية وقامت بحلها، كما هدمت بيت بهاء الله (تولى بعد إعدام الباب) في بغداد.

 

وترجع تخوفات إيران من البهائيين إلى كون مقرهم الأساسي  يقع في حيفا في بالأراضي المحتلة، وهو ما يعني بالنسبة لطهران ارتباطهم بالحكومة الإسرائيلية، وتؤكد مصادر الدين البهائي أن ما بين 5 إلى 7 ملايين بهائي يوجدون في أكثر من 200 دولة حول العالم، يعتمدون على مقر الهيئة الإدارية الموجود في حيفا.

 

وسبق أن حذر زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي من نشاط الحركة البهائية التي قال: إنها "تحرك شيطاني يتغلغل بين أبناء اليمن ويسعى للطعن بالإسلام".

 

وأضاف زعيم الجماعة في خطاب متلفز: "اليوم استجد في ساحتنا اليمنية نشاط جديد يأتي ضمن هذه الحرب وهو البهائية، هذا الوافد الشيطاني إلى بلدنا يطعن في الإسلام بكل صراحة ووضوح ويشن حربا فكرية ضده كدين، ويسعى إلى إقناع البعض بالارتداد عنه، ويلقى هذا النشاط اهتماما ورعاية ودعما ومساندة من الغرب".

 

وأضاف الحوثي: "منشأ هذا النشاط وانطلاقته ومنبعه يتجه من مدينة عكا في فلسطين المحتلة. إسرائيل تحتضن وترعى هذا التحرك لينطلق من هناك إلى بقية العالم.."

 

مقام مؤسس البهائية بهاء الله في عكا المحتلةمقام مؤسس البهائية بهاء الله في عكا المحتلةيصر البهائيون على أنهم دعاة سلام لا عملاء لإسرائيلأصدرت المحكمة حكما بالإعدام على حامد بن حيدرة بتهمة العمل لصالح إسرائيل

 

بهائيو اليمن

 

البهائية ديانة دعا لها شاب إيراني يدعى علي محمد الشيرازي، منذ عام 1844 ولقب نفسه بـ"الباب"، وبشر بأن هناك رسولا سيبعث ويكون امتدادا للرسل من قبله، محمد وموسى وعيسى والأنبياء الآخرين عليهم السلام.

 

وفي عام 1852، قال أحد أتباع الباب: إنه شاهد في السجن رؤيا أنه الرسول الذي بشر به الباب (قبل إعدامه) ولقب نفسه بهاء الله، وفي عام 1863 أسس لهذه الديانة، وألف "الكتاب الأقدس" أهم الكتب لدى أتباع هذه الديانة وتوفي عام 1892، بعد قرار الدولة العثمانية بنفيه وحبسه في مدينة عكا بفلسطين عام 1868.

 

 ويعود تاريخ البهائية في اليمن إلى عام 1260 هجرية (الموافق 1844م)، عندما رست السفينة التي حملت علي محمد الشيرازي، المعروف بلقب "الباب" في ميناء مدينة المخا، واستقطب إلى الدين البهائي عددا من اليمنيين.

 

وتزايد عدد اليمنيين المنضمين للبهائية على نحو متباطئ حتى اليوم، ويقدر عددهم في اليمن بنحو 3 آلاف شخص، وينتشرون في المحافظات اليمنية وبدرجة رئيسية في العاصمة صنعاء.

 

لا تؤمن الديانة البهائية بتعاليم الإسلام، فلديها تعاليم خاصة، وكتاب خاص، ورسول خاص، وتقول إنها تؤمن بالله وهي امتداد للديانات السابقة. ويقول بهاء الله: إن ديانته تقبل كل الأديان الأخرى كالإسلام والمسيحية واليهودية والزرادشتية والبوذية والهندوسية.

 

 وفي البهائية 3 صلوات كبرى وصغرى ووسطى، وأي صلاة تغني عن الأخرى، ويحج البهائيون إلى المركز العالمي للبهائيين، والذى يقع في مدينتي عكا وحيفا شمالي إسرائيل، وتضم الأولى ضريح بهاء الله، فيما تضم الثانية ضريح الباب.


التعليقات