الهجرة إلى اليمن.. رحلة عذاب مثخنة بالاستغلال والحرب وكورونا
- الجزيرة نت الأحد, 10 مايو, 2020 - 01:26 مساءً
الهجرة إلى اليمن.. رحلة عذاب مثخنة بالاستغلال والحرب وكورونا

[ مهاجر أفريقي يتلقى العلاج بمستشفى العارة بلحج (الجزيرة نت) ]

في وقت بدأ فيه فيروس كورونا المستجد يسري بين اليمنيين منذ العاشر من أبريل/نيسان الماضي، ورغم الحرب الطاحنة، لا تزال بلادهم قبلة لآلاف المهاجرين في رحلة عبور غير منظمة وما تمثله من مخاطر حقيقية في بلد تفتك به الأوبئة، ووسط نظام صحي دمرته الحرب الدائرة بالبلاد منذ أكثر من خمسة أعوام.

 

تقول منظمة الهجرة الدولية إن عدد المهاجرين الذين عبروا البحر إلى اليمن يفوق أولئك الذين وصلوا أوروبا عبر البحر المتوسط.

 

وتقدر المنظمة الدولية عدد هؤلاء المهاجرين في العام 2019 بنحو 138 ألف شخص، 94% منهم إثيوبيون، والبقية صوماليون، توفي منهم 60 شخصا خلال رحلتهم إلى الشواطئ اليمنية. ومعظم هؤلاء المهاجرين (نسبة 97%) وصلوا للسعودية المجاورة بحثا عن عمل وبقي 3% منهم باليمن.

 

رحلة مخاطر

 

يقول عاشكه (23 عاما) وهو مهاجر إثيوبي إنه وصل إلى اليمن قبل ثلاثة أشهر بعد رحلة مخاطرة كبيرة بدأت من لحظة خروجه من بلده، حيث سار على قدميه أياما حتى وصل إلى جيبوتي، وبعدها اجتمع مع مهاجرين آخرين في بلدة نائية بإحدى الجزر البحرية، وظلوا ثلاثة أيام دون أكل ولا ماء حتى وصول القارب الذي نقلهم لليمن.

 

ويحكي زميله محمد (20 عاما)، وهو إثيوبي أيضا، معاناة الخوف والجوع والعطش قبل وصوله إلى اليمن قبل شهرين في رحلة عبور للسعودية.

 

يقول للجزيرة نت "عند ركوب القارب تبدأ المخاطرة، حيث وضعونا في القارب مثل المواشي دون مراعاة للإنسانية، وسط أمواج متلاطمة وتهديد وضرب وألفاظ نابية من قبل المهرب، حتى وصلنا إلى اليمن الذي يعني حياة جديدة".

 

ويضيف محمد "عند الوصول لشواطئ اليمن بدأ المهرب سؤالنا عمن لديه حوالة مالية، ثم بدؤوا في تفتيشنا، وإذا وجدوا لدى أحدنا مالا أو هاتفا يأخذوه ثم يخلوا سبيله".

 

وظل محمد في المكان الذي يتخذه المهربون لإنزال المهاجرين (يبعد 15 كلم عن الساحل) ثلاثة أشهر بعد دفعه للمبلغ المطلوب، وبسبب كورونا لم ينقل وزملاءه للسعودية، وأطلق سراحه ليكمل رحلته بنفسه بعد أن تسلم حوالة من أهله.

 

سماسرة ووكلاء

 

يتراوح أعداد الواصلين يوميا إلى سواحل غرب اليمن بين 200 و500 شخص قبل ظهور جائحة كورونا، حيث خفّت هذه الأعداد عقب نشر قوات أمنية في الساحل الممتد بين منطقة رأس العارة وذباب المتاخمة لباب المندب.

 

وتوجد في المناطق المتاخمة لباب المندب زهاء 30 مقرا بناها مهربون من منطقتي المخا وموزع، في حين يعمل سماسرة وسطاء بين المهربين في القرن الأفريقي ووكلائهم في اليمن، ويكون السمسار من الجنسية المهاجرة، حيث يجري إنزال المهاجرين من الساحل وإيصالهم للمقر، وهو مكان بمثابة مكان احتجاز ريثما يدفع المهاجر ثلاثة آلاف ريال سعودي للوكيل، ثم يطلق سراحه.

 

يتعرض المهاجرون لجملة من الانتهاكات من المهربين إذا لم يدفعوا المبلغ المالي، منها التعذيب الوحشي والاغتصاب، ويصل بعضها حد القتل، كما روى بعضهم للجزيرة نت.

 

ويستقبل مستشفى رأس العارة الساحلي (150 كلم غرب عدن) العديد من المهاجرين الأفارقة، وفق اتفاقية وقعتها منظمة الهجرة الدولية مع المشفى لاستقبال الحالات الطارئة من المهاجرين، الذين ينزلون ساحل العارة بلحج المتاخم للمستشفى.

 

ووفقا لمطهر يوسف ناصر مدير مستشفى العارة الريفي بلحج، لا يزال المستشفى يستقبل أعدادا من المهاجرين الأفارقة، ولكن بوتيرة أقل من السابق لانخفاض أعداد المهاجرين عبر البحر بالآونة الأخيرة.

 

وبحسب ناصر فإن المستشفى يستقبل يوميا من ثلاثة إلى خمسة مهاجرين بالمعدل، ولا يتجاوز عشرة مهاجرين، حيث جرى تخصيص مكان للعزل لهم، و"جميع من استقبلناهم لا توجد حالات اشتباه بينهم، بعضهم يعاني من ضيق تنفس شديد، لكنه يستجيب للعلاج ويخرج معافى".


التعليقات