موسم عسل السدر.. إقبال كبير وتدني الإنتاج.. ونحالون يسعون لتجاوز تحديات الجودة العالمية (تقرير)
- خاص الخميس, 03 ديسمبر, 2020 - 10:57 صباحاً
موسم عسل السدر.. إقبال كبير وتدني الإنتاج.. ونحالون يسعون لتجاوز تحديات الجودة العالمية (تقرير)

[ العسل الدوعني أحد أشهر أنواع العسل اليمني ]

تعيش مدن وادي حضرموت (شرقي اليمن) الأيام الحالية موسم جني العسل المعروف بـ"الجنوة" وسط كساد في البيع.

 

ويشتهر وادي حضرموت بعسل السِدر أو البِغِيّة، الذي يعتبر الأفضل والأغلى، والذي سمي بذلك نسبة إلى أشجار السدر المعروفة في حضرموت، والتي يزدهر مرعاها في بداية الشتاء ويبدأ من أول شهر أكتوبر وحتى شهر نوفمبر ويستغرق هذا النوع في إنتاجه 40 يوماً.

 

تلك الشهرة دفعت الفنان الراحل أبوبكر سالم بلفقيه إلى ترتيب قصيدة في مديح عسل سدر وادي دوعن قال فيها "منك يا عسل دوعن، قوت العاشقين، يا سبحانه الشافي، لي خلى العسل شافي، في دنيا ودين".

 

واشتكى عدد من النحالين العاملين في تربية النحل في أحاديث متفرقة لمراسل "الموقع بوست" من تراجع بيع العسل وكذا تصديره إلى دول الخليج بسبب الحرب التي تشهدها اليمن منذ 2014.

 

ضعف الإنتاج

 

استشاري نحل رئيس جمعية حضرموت التعاونية للنحالين المهندس خالد أحمد التميمي اعتبر في حديثه لـ"لموقع بوست" الإنتاج بالموسم الحالي ضعيف جدا، مرجعا ذلك إلى الإجراءات بالمنافذ والموانئ العالمية وجائحة كورونا وتأثر المرعى بالرطوبة العالية وكذا الجراد الذي اجتاح وادي حضرموت خلال الأشهر الماضية.

 

وأشار التميمي إلى أن قرابة 780 نحالا من مديرية تريم شرق وادي حضرموت لديهم ما يقارب 20 ألف خلية نحل، لافتا إلى أن معظم النحالين يعملون بطرق تقليدية في تربية النحل وإنتاجه ووفق معلومات وأدوات تقليدية.

 

وأكد التميمي الذي يقوم بعقد دورات تدريبية وتوعوية للنحالين أن الإقبال على العسل ذي الجودة العالية بالموسم الحالي كبير لكن الإنتاجية ضعيفة.

 

وأرجع ذلك إلى أسباب متعددة تتمحور حول عوامل ومتغيرات تتعلق بشجرة السدر "مرعى النحل" والتي تعرضت لسيول وأمطار غزيرة بداية الربيع، إلى جانب تسبب الرطوبة العالية في ضعف تركيز عصارة السدر في الازهار فقلت رائحتها وانجذاب النحل نحو أشجار السدر.

 

ونوه إلى أن هناك نوعا من الأشجار أقض مضاجع النحالين  يطلق عليها "الدمس" تزهر أيام السدر وينبعث منها غاز النشادر ذو الرائحة الكريهة المنفر للنحل.

 

وناشد التميمي المواطنين والسلطة والنحالين إلى تكاتف الجهود في عدم زراعة تلك الشجرة أمام المنازل والحدائق واستبدالها بأصناف أخرى نافعة للبيئة.

 

وأشار في هذا السياق إلى صدور قرار من السلطة المحلية بالمحافظة في ديسمبر من العام الماضي 2019 بمنع زراعة شجرة الدمس، لكن القرار لم يحظ بالتفعيل من جهات الاختصاص وعدم تجاوبها في تعميم القرار، مطالبا السلطات بالضغط لتنفيذ القرار لمصلحة الاهتمام بثروة العسل واستمرارها.

 

وذكر التميمي أسبابا أخرى اعتبرها خارجية تقف خلف ضعف الإنتاج تمثلت في تكاثر النحل بكميات هائلة وتشكيل ضغط على أشجار السدر وتحملها فوق طاقتها من مد النحل بالرحيق الكافي، إضافة إلى توافد النحالين من خارج المحافظة نحو أودية أشجار السدر بحضرموت وخصوصا بعد أزمة الغاز المنزلي وما نتج عنها من توجه الناس نحو الاحتطاب منها وتجاوز ذلك استخدام الآلات الحديثة في تقطع البعض منها التي يعود عمرها إلى أكثر من مئة عام، الأمر الذي أدى إلى تشكيل ضغط فوق الضغط الموجود من تلك المحافظات نحو قرى وادي حضرموت على أشجار السدر.

 

وأضاف أن عمليات الانجراف للسدود وعدم صيانتها وإصلاحها بسبب السيول نتج عنه انقطاع مياه الأمطار عن كثير من أشجار السدر، مناشدا بكثرة زراعتها وإعادة إصلاح مجاري السيول لتتمكن من ريها.

 

جائحة كورونا وقيود الموانئ والمنافذ

 

وقال رئيس جمعية حضرموت التعاونية للنحالين إن قلة حركة المسافرين إلى دول العالم بسبب جائحة كورنا أدت إلى التضييق على النحالين في التصدير وعدم تمكنهم من توصيله إلى العملاء خارج اليمن.

 

ولفت إلى أن الأمور لم تتوقف عند جائحة كورنا بل اصطدمت بقيود وإجراءات مواصفات الجودة والمقاييس التي فرضتها الدول على دخول البضائع والسلع عبر الموانئ.

 

وشددت تلك القيود على ضرورة الالتزام بمواصفات حديثة في التعبئة والتغليف.

 

وفي محاولة تجاوز هذه الإجراءات لفت التميمي إلى جهود تتم حاليا من جمعيات النحالين بوادي حضرموت للاتجاه إلى نظام الجودة العالمية في تغليف وتعبئة وتجهيز وتحليل العسل لمواكبة تلك التحديات من خلال تأسيس مختبر محلي يختص بتحليل العسل بأحدث التقنيات (تحليل إلكتروني للجودة)، إضافة إلى الاهتمام بالتعبئة والتغليف في عبوات صحية ووفق معايير تراخيص عالمية.

 

آثار استيراد العسل

 

وحول العسل المستورد من خارج اليمن يقول التميمي إنه ينافس العسل المحلي ضعيف الجودة، إلى جانب عملية الخلط والغش عبر إعادة تعبئته وتصديره في عبوات محلية تؤثر سلبا على المنتج المحلي، مطالبا الجهات ذات العلاقة في الحكومة بوقف الاستيراد ومعالجة حالات الغش عبر التعبئة في عبوات جاهزة ومغلفة للاستخدام الشخصي.

 

منع التصدير للسعودية

 

والأسبوع الماضي، أعلنت السلطات السعودية بمنفذ الوديعة البري عن منع مرور العسل إلى أراضيها.

 

وقال عاملون في بيع العسل لـ"الموقع بوست" إن المنع جاء عقب اكتشاف السلطات بالمنفذ مخدرات وضعت بين العسل.

 

في حين أشار آخرون إلى أن السعودية تطالب بتعليب العسل مثل بقية المنتجات المعلبة، معتبرين العسل له خصوصية في التعبئة ولا تصلح معه عمليات التعليب.

 

ويتراوح سعر اللتر الواحد من عسل السدر بالموسم الحالي ما بين 70 ألف – 30  ألف ريال يمني بحسب جودته.

 

شهرة منذ القدم

 

وتشتهر مدينة دوعن بمحافظة حضرموت بإنتاج أجود أنواع عسل السدر الطبيعي الخالي من السكر. وبحسب الدراسات الأثرية، فإن تربية النحل في حضرموت كانت تمارس منذ القدم وفي أغلب مناطق الوادي خصوصا المناطق الغربية، التي تُعد من أخصب وأنسب المراعي بسبب كثرة أنواع الأشجار المدارية فيها كأشجار السدر والسمر التي تنمو في ظروف مناخية مناسبة بعد مواسم الأمطار.

 

وتراجع إنتاج العسل خلال العام 2018 إلى ما يقارب ألفين و381 طناً بعد أن وصل في العام 2012 خمسة آلاف طن سنويا بقيمة تقدر بـ13 مليار ريال.

 

ووفقا للإحصائيات في العام 2019 فإن محافظة حضرموت تصدرت قائمة المحافظات إنتاجا لعسل النحل تليها شبوة.

 

وللعسل الحضرمي ثلاثة مواسم أبرزها موسم "السدر" ويبدأ عادة من شهر أكتوبر ويستمر إلى منتصف شهر نوفمبر، وقد يتقدم قليلاً أو يتأخر، بينما الموسم الثاني يطلق عليه  "السمر" ويبدأ في الفترة من مايو إلى يونيو، وتعد "مجاني" عسل السمر في الدرجة الثانية بعد السدر، وتمتاز بمرارة نسبية وطعم مميز، فيما الموسم الثالث "المَرْيَة" أو المراعي ويبدأ بعد موسم السمر أي من شهر يوليو إلى شهر سبتمبر، وتعتمد جودة هذا الموسم على هطول الأمطار في توقيت لا يُعد موسماً لهطول الأمطار بحضرموت.


التعليقات