تحولت محافظة مأرب٬ شرق اليمن٬ إلى مركز رئيسي لإدارة العمليات العسكرية لتحرير العاصمة صنعاء. وكشف قيادي بارز في المقاومة٬ رفض الكشف عن هويته٬ لـ«الشرق الأوسط»٬ عن أن مأرب أصبحت المركز الرئيسي لإدارة معظم العمليات القتالية في شمال وشرق البلاد٬ وأن هناك عمليات متزامنة يجري التخطيط لتنفيذها للتحرك نحو العاصمة صنعاء٬ منتقدا الدعوات التي وصفها بالمتعجلة نحو تحرير صنعاء٬ مشيرا إلى أن هناك خططا عسكرية يجب الالتزام بها لضمان نجاح العمليات العسكرية.
وقال المصدر إن «مأرب أصبحت رأس حربة عملية صنعاء»٬ وإن «مسار هذه العملية هو مأرب الجدعان نهم بني الحارث – صنعاء»٬ وإن هناك جبهتين أخريين تتحركان بالتزامن «من اليمين جبهة الجوف حرف سفيان (عمران) صنعاء٬ ومن اليسار جبهة صرواح (مأرب) خولان وسنحان (محافظة صنعاء) ومنها إلى العاصمة»٬ إضافة إلى جبهة فرضة نهم «التي يتواصل التقدم فيها نحو المديريات المتاخمة للعاصمة من الجهة الشمالية الشرقية».
ورغم استمرار وجود الميليشيات الحوثية في مديرية صرواح بمأرب واستمرار المعارك في هذه المديرية وسط قصف مكثف لطيران التحالف على مواقع المتمردين٬ فإن القيادات الميدانية تؤكد أن حسم المعركة في هذه المديرية «قريب جدا». وأرجع القيادي في المقاومة بمأرب٬ الشيخ أحمد بن صالح العقيلي٬ لـ«الشرق الأوسط» تأخر الحسم في جبهة صرواح «إلى وجود الميليشيات وقوات المخلوع صالح في أوساط المدنيين وفي الأسواق٬ وهو ما يصعب عملية التقدم وحتى القصف الجوي٬ حيث تخشى قوات الشرعية على حياة المدنيين وتتفادى أن يلحق بهم أي أذى»٬ مشيرا إلى أن «وجود بعض المتعاونين من المتحوثين من أبناء المنطقة مع المتمردين أسهم في تأخير الحسم قليلا».
وتتخذ قيادة أركان الجيش الوطني من محافظة مأرب مقرا رئيسيا لإدارة العمليات العسكرية في المحافظة والمحافظات المجاورة٬ وذهب مصدر خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن مأرب «ستشكل٬ إلى جانب كونها مركزا لإدارة عملية تحرير صنعاء٬ مركزا للانطلاق نحو تحرير مناطق أخرى٬ وإنها «أصبحت أشبه بالفرقاطة التي بإمكانها أن تطلق الجبهات في كل اتجاه بما فيها جبهة حريب بيحان البيضاء وجبهة للخلف٬ متوقعة إعادة سيطرة الشرعية على المكلا وكل مدن الساحل بمحافظة حضرموت٬ والتي تخضع لسيطرة تنظيم القاعدة٬ منذ أبريل (نيسان) العام الماضي.
وتتعرض مأرب لمحاولات قصف متكررة٬ من قبل ميليشيات الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح٬ بصواريخ باليستية. وفي أحدث التطورات٬ في هذا الجانب٬ اعترضت المنظومة الدفاعية لقوات التحالف بصواريخ «باتريوت» في محافظة مأرب٬ بشرق البلاد٬ صاروخين باليستيين أطلقهما المتمردون خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية. وأكدت مصادر قوات الشرعية في مأرب أنه تم اعتراض الصاروخ الأول وتفجيره شمال مدينة مأرب٬ فيما جرى اعتراض الصاروخ الآخر وتفجيره في مديرية صرواح. وذكرت المصادر أن أحد الصاروخين أطلق من منطقة قيفة في مديرية رداع بمحافظة البيضاء٬ بوسط البلاد.
ورغم الضربات الجوية لطيران التحالف على مواقع ومخازن الأسلحة للحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح٬ فإنهم ما زالوا يطلقون٬ بين وقت وآخر٬ بعض الصواريخ باتجاه أهداف معينة داخل اليمن أو نحو الأراضي السعودية٬ غير أن كل الصواريخ٬ التي أطلقت خلال الأشهر الماضية٬ جرى اعتراضها وتدميرها. فيما يشير مراقبون ومحللون عسكريون إلى أن المخلوع صالح يحتفظ بمعظم الترسانة من الصواريخ الباليستية في مناطق تقع بين الأحياء السكنية٬ وفي مناطق جبلية نائية.
وأكدت مصادر «الشرق الأوسط» في مأرب أن المحافظة تحظى بوضع أمني مستقر٬ رغم محاولات الميليشيات إثارة الاختلالات الأمنية٬ خلال الفترة الماضية٬ وجر المحافظة إلى صراع قبلية٬ بعد عمليتي اغتيال شهدتهما المحافظة لضباط في قوات الشرعية.
وفي هذا السياق٬ وقال مصدر قبلي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع مستقر٬ باستثناء محاولات يائسة من صالح والحوثيين لإحداث أي التفافات أو فبركات إعلامية قد تؤدي لأي عمليات تخريب في مأرب المدينة أو صافر (المواقع النفطية) وهذا ما يحاول الجيش والمقاومة التصدي له على مدار الأربع والعشرين الساعة»٬ مؤكدا أن الضربات الصاروخية الفاشلة والتي يتم التصدي لها «تستهدف المدينة القديمة والمنشآت الحيوية بالمحافظة»٬ وأن أحد الصاروخين اللذين جرى اعتراضهما٬ أمس٬ كان موجها نحو محطة الكهرباء الغازية في منطقة صافر.
وتضم صافر إلى جانب هذه المحطة مصفاة النفط٬ الذي يجري تصديره عبر الأنابيب إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر في محافظة الحديدة بغرب البلاد٬ إضافة إلى أن صافر تعد منطلقا لتصدير الغاز عبر ميناء في محافظة شبوة المجاورة٬ على بحر العرب.
وأشارت مصادر «الشرق الأوسط» في مأرب إلى أن المحافظة تشكل بالنسبة لتحالف المتمردين (الحوثي صالح) أهمية بالغة٬ كونها نفطية وتتحكم في الوصول إلى عدد من المحافظات الاستراتيجية. وكان الحوثيون توعدوا مأرب بما سموه «اليوم الأسود» وقاموا بحشد آلاف المقاتلين في صنعاء نحو المحافظة٬ غير أن زحفهم فشل٬ مقابل تقدم كبير للمقاومة والجيش الوطني في صرواح التي كانت منطلقا لذلك الزحف.