في السادس والعشرين من مارس من العام 2015، انطلقت عملية «عاصفة الحزم» ضد الانقلابيين في اليمن، وبدأ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عملياته ضد ميليشيات الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، بناء على طلب من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي لدعم الشرعية وإنهاء الانقلاب.
مرت الذكرى الأولى لـ«عاصفة الحزم»، فيما قوات الشرعية تطرق أبواب العاصمة صنعاء، في ظل انحسار لرقعة الأرض التي تسطير عليها الميليشيات.
إحباط مشروع إيران
بُعيد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، راح الإيرانيون يستبشرون بهذا «النصر»، واعتبروه امتداداً لـ«ثورة الخميني»، ولم يخفِ مسؤولون حكوميون هذا الأمر، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك من خلال الحديث عن «عاصمة عربية رابعة» تسقط بيد إيران بعد بيروت وبغداد ودمشق، وتصبح امتداداً لما يسمون «الثورة الإسلامية».
لكن «عاصفة الحزم» قطعت الطريق على المشروع الإيراني الذي كان يخطط لتحويل الحوثيين في اليمن إلى ذراع مسلحة لإيذاء السعودية والجيران.
دفع التحالف العربي بكل ثقله في اليمن، وخاض، ولا يزال، حرب وجود، فإما أن ينتزع صنعاء من فك الميليشيات وإما أن تغرق المنطقة في دوامة من الصراع، وتتحول الحركة الحوثية إلى خنجر مسموم في خاصرة المملكة ودول المنطقة، وفقاً لإملاءات إيران، التي كانت تود أن تصفي حساباتها مع دول الخليج، وعلى وجه الدقة السعودية، من خلال ميليشيات الحوثي وحلفائها.
ضرب ترسانة الأسلحة
تعرضت ترسانة الأسلحة ومنظومة الصواريخ والمعسكرات التي سلّمها رجالات المخلوع في الجيش إلى الحوثيين لتدمير شبه كامل من قبل طيران التحالف، وهذا بدوره هزّ معنويات مقاتلي الميليشيات وفتك بقواها، وبعضها ترك مواقعه وفرّ بجلده.
ونتيجة لذلك، استطاع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية اللذان أشرفت دول التحالف على تدريبها، وبإسناد جوي وبحري من التحالف أن يوجه أكثر من صفعة في وجه مشروع الحوثي، فأخرجهم من عدن، كبرى مدن الجنوب، وحرر أجزاء واسعة من مأرب الاستراتيجية والنفطية، والآن تجري معارك لاستكمال طردهم من الجوف، فيما تقدمت في جبهة صنعاء لتصبح على بعد كيلومترات من العاصمة، في الطريق إلى تحريرها.
الاستنزاف البشري
خسر الحوثي وصالح الآلاف من مقاتليهم في الحرب التي شنوها على الشرعية، وهناك حديث أنه في محافظة مأرب وحدها قدم الحوثيون ما يفوق أربعة آلاف قتيل، ومئات الأسرى، في حرب هي الأشد من نوعها، وكذلك بالنسبة لتعز والبيضاء، التي دفع الحوثي بآلاف من رجاله إلى هناك، وهم اليوم يتعرضون لاستنزاف يومي على مستوى القيادات والأفراد.
وفي الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية يتلقى الحوثي ضربات قاسية، وقدم خلال الأشهر الماضية آلاف الضحايا من مقاتليه، تحت غارات مكثفة ومركزة قصف جوي وبحري وبري من كل الاتجاهات.
تحالف الانقلابيين يتآكل
منذ اليوم، كان كل طرف، الحوثي والمخلوع، ينوي أن يجعل من الآخر كبش فداء للحرب الدائرة ضدهما منذ نحو عام، واستطاع المخلوع أن يحافظ على بعض رجالاته في «الحرس الجمهوري» سابقاً، فيما زج الحوثي برجاله، فمنهم من قُتل وآخرون أُسروا على أيدي المقاومة.
والأيام القليلة الماضية، بدأت هوة الخلافات تتسع، وظهرت أصوات متشددة داخل كل طرف تحرض على الآخر.
فالمستشار الصحفي للمخلوع أحمد الصوفي قال في حوار مع صحيفة «المدينة» السعودية إن الحوثي امتداد لإيران ووصف سيطرته على الحكم في اليمن بالانقلاب، داعياً الحوثيين إلى تنفيذ القرار 2216 وتسليم المدن للدولة وإيقاف الحرب.
في المقابل، قال القيادي الحوثي عبدالوهاب قطران إنه ينبغي على جماعته اتخاذ قرار بحل حزب المخلوع «المؤتمر الشعبي العام» ومصادرة أمواله ومنعه من التظاهر في ميدان السبعين، أكبر ميادين العاصمة صنعاء، متهماً إياه بأنه «ضد الثورة» التي قام بها الحوثيون، على حد تعبيره.
هذه الأصوات التي تدل على أن هناك خلافاً حقيقياً بدأت تتعالى مع اقتراب أي بوادر حلول سياسية، كون كل طرف يشعر بأنه سيكون «كبش الفداء» لأي مصالحة يمنية-يمنية.
الحل السياسي
هناك بوادر لانفراج سياسي على أساس قرار مجلس الأمن 2216 وهناك حديث للمبعوث الأممي بأن الحوثيين وافقوا على الانسحاب من المدن وتسليم السلاح، وعقد جولة جديدة من المفاوضات في الـ18 من أبريل المقبل في الكويت، هذا سيزيد من قاع الخلافات بين الحوثي-صالح، لأن كل منهما يبحث عن مكاسب سياسية من خلال المفاوضات، ووصلاً إلى قناعة تامة بأن الحل العسكري سيعني طي صفحتهما السياسية، لذا فهما يبحثان عن «مخرج طوارئ» يستطيعان من خلاله تحقيق أي مشاركة سياسية مقبلة مع القوى السياسية.
يراهن الانقلابيون على أي صيغة للمفاوضات للحفاظ على ما تبقى من قوتهما التي استنزفت على مدى عام، لذا لن يعارضا أي صيغة قادمةـ شريطة أن تنص على مشاركتهما في أي تشكيل وزاري قادم.
موقف التحالف العربي، ومنذ انطلاق «عاصفة الحزم»، ثابت، وهو أن الحرب ستتوقف متى ما أُعيدت الشرعية وانتهى الانقلاب وطلبت الحكومة الشرعية ذلك، وأن الحل سيكون يمنياً-يمنياً.
موقف
يدعم جانب الشرعية ومعه التحالف العربي تسوية سياسية تخرج البلاد من حالة الحرب، شريطة أن يكون أساسها قرار مجلس الأمن 2216 والذي تقضي بنوده بانسحاب الميليشيات من المدن وتسليم سلاح الدولة وعودة الشرعية وإنهاء الانقلاب.
لكن الحوثيين والمخلوع يحاولون المماطلة، ويبدون قبول الحلول السلمية المفصلة وفق مصالحهم، أي التلاعب بمضمون بنود القرار الأممي مع الإبقاء على حالة الانقلاب على مؤسسات الدولة قائمة.