المحقق والباحث المخلافي يصدر كتابه الجديد "ذات الفنون" وشرحها المسماة بـ "الدامغة في أنساب حمير"
- خاص الأحد, 05 ديسمبر, 2021 - 11:03 مساءً
المحقق والباحث المخلافي يصدر كتابه الجديد

أصدر المحقق والباحث في تاريخ اليمن القديم والجزيرة العربية، عبدالسلام المخلافي، كتابه الجديد من قصيدة ذات الفنون وشرحها (الدامغة في أنساب حمير) للقاضي محمّد بن الحسن الكلاعيّ.

 

وقال المحقّق، إن أهمية هذا الكتاب تتبدى في كونه أحد الأعمال المميّزة للقاضي محمّد بن الحسن الكَلاعي الذي يعد خليفة لسان اليمن الحسن الهمداني (334ه) وثالث ثلاثة اهتموا بتاريخ اليمن القديم وجغرافيته، إلى جانب القاضي نشوان الحميري (573ه).

 

وأضاف لـ "الموقع بوست" أن الكَلاعيّ مجهول عند كثير من المختصين عدا المهتمين، رغم أنه الذي حمل لواء الهمداني في الدفاع عن اليمانية والقحطانية، وتقريضه لمؤلفات الهمداني وبثها في الآفاق، يشهد بذلك، وبخاصة كتابه الإكليل الذي وصلتنا منه أجزاء عليها تقريض شعري للكلاعي يظهر مدى إعجابه بالكتاب وصاحبه.

 

ويعد المحقق "عبدالسلام محمد عبده المخلافي" عضواً في نقابة المحامين اليمنيين، وباحث في تاريخ اليمن القديم والجزيرة العربية، وله إسهامات في تحقيق التراث، ودراسة علمية فريدة عن نقش ترنيمة قانية (ترنيمة الشمس) أقدم قصيدة مكتوبة في تاريخ العرب.

 

وعن حياة الكلاعي قال المخلافي: بالرغم من أن جلّ المعلومات التي نعرفها عن الهمداني نقلها المؤرخين من مؤلفات الكلاعي، إلا أننا لا نعرف تاريخ ولادته ولا وفاته، لكننا نعلم أنه شرح قصيدته النونية (الدامغة الكلاعية) في 331ه، وهو ما نعتقد معه بأنه أدرك الهمداني وأخذ عنه. وأما وفاته فهي الأخرى مجهولة لكننا نعلم أنه كان حيّا في (412ه).

 

وعن نسبه يقول: الكلاعيّ نسبة إلى الكَلاع وهو تحالف قبلي مركزه المرتفعات الغربية الوسطى ومعظم جغرافيته متركزة فيما يسمى اليوم ببلاد العدين وذي السفال وبعدان. مضيفاً "أن الروايات التاريخية التي بين أيدينا نرجح منها أن الإقليم هو الجغرافية التي تقع بين بلاد بعدان في إب ومخلاف شرعب (القفاعة) في تعز، وهذا التحالف القبلي مؤثر في تاريخ اليمن القديم وله ذكر مستفيض في النقوش المسندية وتأثيره في مسيرة الإسلام أبلغ وأعظم بالنظر إلى مساهماتهم الفريدة في الفتوحات والإنتاج السياسي والفكري والثقافي".

 

وأضاف: أن الكلاعي يعدّ من العلماء القلائل الذين طالت أعمارهم، وله مصنفات مفقودة عن مآثر اليمن الكبير، والملاحظ من المصادر التي وقفنا عليها أنه تعرض لظلم تاريخي؛ إذ تجاهلت معظم المصادر الزيدية ذكره على الرغم من أنه كان عالمهم في عصره أثناء إقامته بصعدة لعقود.

 

وأكد أن عبقرية الكلاعي تتبدى في موافقة ما ورد في قصيدته لما كشفت عنه النقوش المسندية مثل قراءته لإسم الملك علهان نهفان، اسما واحدا، بعكس ما استقر عند الهمداني والحميري من أنهما اسمين لا اسم واحد، وغير ذلك كثير في قصيدتيه الرائية أو النونية التي تزيد عن ألف بيت والتي تكفلت موسوعة وصاب التاريخية بتمويل المرحلة الأخير من تحقيقها.

 

وأوضح أن النسخة التي قام بتحقيقها قصيدة مشروحة مكونة من 325 بيت شعري في مآثر حمير ومفاخرها، وأهميتها تتجلى في إيرادها معلومات تاريخية عن فترة مهمة من تاريخ اليمن مع نهاية القرن الرابع ومطلع القرن الخامس الهجري، حيث تكاد تنعدم المصادر القومية اليمنية التي تؤرخ لهذه الفترة.

 

وأردف المخلافي بالقول: أن الكلاعي في قصيدته هذه تطرق لذكر أقيال حمير في عصره ومناطق نفوذهم على كامل تراب الجزيرة العربية وعدد العشرات منهم، وهي معلومات -معظمها- يصلنا لأول مرة.

 

وأشار إلى أن النسخة التي قام بتحقيقها كانت محفوظة في جامعة ليدن الأمريكية وقام باستنساخها له المستشرق الأمريكي ديفيد لارسن، ثم قام بتحقيقها بجهود ذاتية. مؤكداً أن التحقيق الذي لهذه الأعمال الفريدة هو مهمة وطنية قبل أن يكون عملا علميا وفكريا، فاليمن لا زال معظم تراثه مدفونا وما أخرج منه لم يتلقَ العناية العلمية الواجبة لإخراجه على الوجه اللائق، كما أن المنهج الاستشراقي في التحقيق يبقى قاصرا عن تحقيق النصوص التاريخية وإثرائها بالتعليقات اللازمة للإفادة منها.

 

وأفاد المحلافي أن خروج هذا النص العتيق "يعد انتصارا لأحد اعمدة اليمن وأكثرهم مفاخرة بها أرضا وإنسانا، بل وأكثرهم تعصبا وإنصافا، ومن المؤسف أن يبقَ اهتمامنا بهذا التراث العظيم قائما على مبادرات ذاتية في الوقت الذي يجب أن تنهض الدولة والمؤسسات الاجتماعية بمهمة إعانة الباحثين على إخراج هذا التراث وفق منهجية علمية رصينة تجمع بين المنهج الاستشراقي في التحقيق - الذي اصبح رائجا ومتاحا للكثير؛ مع وفرة المشتغلين بعلوم الآلة - وبين منهج التحقيق الذي يجمع بين المنهج الاستشراقي والتعليقات التاريخية التي تحتاج إلى قراءة معمقة في المصادر وجمع المعلومات المعاصرة حتى يصبح النص مستساغا لجميع مستويات القراء".

 

وأضاف: "كنا في بداية عملنا على التحقيق يتم تحريضنا من قبل أساتذة كبار على أعمال القاضي الأكوع، ثم عندما عملنا على التحقيق وواجهنا مصاعبه قلنا لهم: إن منهج الأكوع في التحقيق رصين جدا؛ يدل على ذلك تعليقاته التي تكشف عن قيمة النص التاريخي وتجلّيه للقارئ، وهذا ما تميّز به الأكوع رغم قلّة عنايته بضبط النص لغويا على طريقة المستشرقين، ووقوعه في كثير من الأخطاء، لكنه نهض بأمر تحقيق التراث لا يبتغي بذلك درجة علمية ولا ترقية أكاديمية، ولا يعتاش ويقتات من عائداته، بل بذل لها من مدخراته".

 

وبين بأن "ضبط النص لغويا يمكن أن ينهض للعناية به المستشرق ومن يجيد علوم الآلة وله بصر بها، حيث سيستند في ضبطه إلى المصادر العالية المعتبرة، لكن هل سيثري النص بالتعليق ويربط بين الحاضر والنص؟ ويربط بين النص والتاريخ كما فعل القاضي الأكوع وغيره من المحققين الذين صححوا أخطاء النساخ المتوارثة؟".

 

ودعا المخلافي لتظافر جهود إخراج التراث المخطوط، وتوفير الإمكانات التي تمكن المحققين الشباب من منافسة مدارس التحقيق العربية وخدمة تراثهم اليمني والعربي والإسلامي.


التعليقات