التحالف والحوثيون: هجمات دامية تعيد شبح الأيام الأولى للحرب في اليمن
- العربي الجديد - زكريا الكمالي الأحد, 26 ديسمبر, 2021 - 07:09 مساءً
التحالف والحوثيون: هجمات دامية تعيد شبح الأيام الأولى للحرب في اليمن

[ غيّر التحالف استراتيجيته في التعامل مع الحوثيين منذ بداية ديسمبر (Getty) ]

بعد أسابيع طويلة من هجمات دقيقة متبادلة بين التحالف السعودي وجماعة الحوثيين، طاولت أهدافاً عسكرية رسمية أو مفترضة في صنعاء أو في العمق السعودي، عادت الهجمات المتبادلة بين الطرفين إلى استهداف مدنيين وأعيان مدنية.

 

وأعادت الهجمات الدامية التي وقعت أول من أمس الجمعة، شبح الأيام الأولى من الحرب اليمنية التي اقتربت من إنهاء عامها السابع، وذلك مع سقوط ضحايا مدنيين، وتصاعد نبرة التهديدات التي تنذر بجولات أشد عنفاً بين الطرفين خلال العام المقبل.

 

تهديدات متبادلة للحوثيين والتحالف السعودي

 

وسقط خمسة قتلى من المدنيين، في هجمات أول من أمس الجمعة. وأعلنت السلطات السعودية، مقتل أحد مواطنيها ومقيم من الجنسية اليمنية، وإصابة 7 أشخاص، بعد سقوط "مقذوف عسكري" على متجر أطلقته "المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران من داخل الأراضي اليمنية تجاه محافظة صامطة في منطقة جازان"، بالإضافة إلى تضرر محلين تجاريين و12 مركبة من جرّاء الشظايا المتطايرة.

 

وأشار التحالف في بيانه، إلى أنه "يقوم بالتحضير لعملية عسكرية بنطاق أوسع (ضد الحوثيين) وفي إطار القانون الدولي الإنساني".

 

من جهتها، تبنت جماعة الحوثيين الهجوم، وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، أمس، إنّ الهجوم تم بصواريخ بالستية، مضيفاً أنّ "القوة الصاروخية دكّت مواقع هامة وحسّاسة جداً للعدو السعودي في جازان بثلاثة صواريخ بالستية ذات دقة عالية وتقنية متطورة، وذلك بعد إعلان الجماعة يوم الجمعة، مقتل ثلاثة مدنيين، من بينهم امرأة وطفل، إثر غارات جوية لـ"التحالف" على مديرية المحويت (محافظة المحويت)، شمال غربي اليمن.

 

ولم تُعرف نوعية الصواريخ التي عجزت الدفاعات السعودية عن اعتراضها، إذ لم يحدد سريع ما إذا كانت من طراز "بدر" أو "ذو الفقار"، التي يُعتقد بأنّ خبراء إيرانيين يقفون وراء تطويرها.

 

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي، النظام السعودي بـ"عمليات موجعة ومؤلمة" في حال استمر تصعيد التحالف على مواقع الجماعة في صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية.

 

ومن المرجح أن تلجأ الجماعة إلى الاعتماد في ذلك على صواريخ قصيرة المدى لاستهداف المناطق الجنوبية للمملكة، نظرا لقربها من الشريط الحدودي لليمن.

 

ولم يقتصر الوعيد الحوثي على المتحدث العسكري، إذ هدّد المتحدث السياسي للجماعة وكبير مفاوضيها، محمد عبد السلام، التحالف السعودي بـ"أسوأ العواقب" رداً على ما وصفه بـ"التمادي في الإجرام".

 

وانتقد المسؤول الحوثي، في تغريدة على "تويتر" نشرها أمس السبت، الصمت الأممي والدولي إزاء الهجمات التي يشنها التحالف، وآخرها تلك التي طاولت إحدى منشآت الاتصالات في المحويت، وقال التحالف إنّها استهدفت مخازن أسلحة.

 

وفيما لم يصدر أيّ موقف أممي تجاه الهجمات على المحويت، إذ تعتمد المنظمات الأممية في أرقامها على ما يصلها من بلاغات تقدمها السلطات الحوثية نظرا لصعوبة الوصول إلى تلك المناطق والتحقق من دقة الأرقام، كان الهجوم الحوثي على منطقة جازان يُقابل بتنديد إقليمي ودولي واسع.

 

وبالإضافة إلى بيانات التضامن المعتادة من حلفاء الرياض في دول الجوار الخليجي، وصفت الخارجية المصرية الهجوم الحوثي بـ"الإرهابي"، وقالت إنه يشكل "تهديداً سافراً لأمن واستقرار المنطقة"، كما أكدت دعمها لأيّ إجراءات تتخذها السعودية لحماية أمنها.

 

ويعكس البيان المصري شديد اللهجة، غياب أي مؤشرات لوساطة تقوم بها القاهرة بين السعودية والحوثيين لتقريب وجهات النظر، كما كان يتم الترويج له خلال الأسبوعين الماضيين.

 

بدورها، وصفت السفارة الأميركية في الرياض، الهجمات الحوثية بـ"المتهورة"، وقالت إنها تطيل أمد الصراع ومعاناة الشعب اليمني، وتعرّض الشعب السعودي للخطر إلى جانب أكثر من 70 ألف أميركي يقيمون على أراضي المملكة.

 

ودعت السفارة، في بيان على "تويتر"، جماعة الحوثيين إلى "وقف هجماتها المتهورة على السعودية، والانخراط في الجهود الدبلوماسية تحت رعاية الأمم المتحدة لإنهاء الصراع وتحقيق السلام للشعب اليمني".

 

ومن المؤكد أنّ الجولة الجديدة من التصعيد بين التحالف والحوثيين، لن تتوقف عن هذا الحد، في ظلّ الوعيد المتبادل بإشعال حرائق وعمليات كسر عظم شاملة لن تقتصر على أهداف عسكرية أو مسرح العمليات العسكرية داخل الأراضي اليمنية.

 

ومنذ مطلع ديسمبر/كانون الأول الحالي، غيّر التحالف استراتيجيته في التعامل مع الحوثيين.

 

وخلافاً للضربات القياسية التي تطاول تحركات وأرتال الحوثيين الزاحفة صوب مدينة مأرب عاصمة محافظة مأرب، شمالي اليمن، دشّن التحالف عمليات استهداف يومية على أهداف عسكرية للحوثيين في صنعاء.

 

تحدي معركة مأرب

 

ويسعى التحالف إلى شن ضربات "تأديبية" للحوثيين بعضها تكون فاقدة لأيّ ميزة عسكرية، إذ بدأ خلال الأيام الماضية برفع الحصانة القانونية عن مواقع مدنية محمية بالقانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها مطار صنعاء الدولي.

 

وكان التحالف يزعم أنّ الهجمات المسّيرة العابرة للحدود تنطلق من مطار صنعاء، لكن على الرغم من الضربات التي أعلن الحوثيون أنّها أخرجت المنفذ الجوي الوحيد الخاضع لسيطرتهم عن الخدمة، تعرضت أهداف سعودية لهجمات في وقت لاحق.

 

ويهدف التحالف إلى خنق الحوثيين بشكل أكبر، والاستفادة من غياب رجل إيران الأول في اليمن، حسن إيرلو (السفير الإيراني لدى حكومة الحوثيين)، الذي توفي بشكل غامض، على الرغم من إعلان السلطات الإيرانية رسمياً أنّ وفاته ناجمة عن تأثره بإصابته بفيروس كورونا.

 

ورأت مصادر عسكرية يمنية، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ غياب إيرلو عن المشهد العسكري أربك الحوثيين وجعل الجماعة تتخبط، خصوصاً أنّ تكهنات عدة تشير إلى أنّه قُتل متأثراً بإصابته جرّاء غارة جوية استهدفت موقعاً عسكرياً في صنعاء في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

 

وبحسب المصادر، فقد ظل إيرلو يتلقى العلاج في أحد مستشفيات صنعاء لمدة 22 يوماً، ومعه قيادات حوثية وخبراء إيرانيون، حتى ساءت حالته الصحية، وطلبت طهران من وسطاء عراقيين التوسط لدى السعودية وسلطنة عُمان لنقله إلى بلاده.

 

وبالفعل، فقد كان آخر ظهور رسمي لإيرلو في صنعاء قد سجّل في 21 نوفمبر الماضي، عندما التقى وزير خارجية حكومة الحوثيين غير المعترف بها، هشام شرف، فيما تم الإعلان عن نقله من صنعاء إلى مسقط في 18 ديسمبر، أي بعد قرابة شهر من التواري.

 

ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة التصعيد بين التحالف والحوثيين على الجبهات كافة برّاً وجواً وبحراً، خصوصاً بعد استئناف الحوثيين نشاط الزوارق المفخخة التي يتم تسييرها من سواحل محافظة الحديدة باتجاه سفن أو موانئ سعودية.

 

وينظر الجانبان إلى معركة مأرب على أنّها نوع من التحدي، إذ تشير جماعة الحوثيين إلى أنّ اجتياح مدينة مأرب، على الرغم من الكلفة البشرية العالية، سيكون بمثابة نصر مكتمل على السعودية في الحرب، وهو ما يرفضه التحالف.

 

وصعّد التحالف من ضرباته الجوية على مواقع الحوثيين في جبال البلق الشرقية. وعلى الرغم من أنّ عمليات الاستهداف التي تصل إلى 40 عملية يومية لم تنجح في إجبار المليشيات الحوثية على الفرار من جبال البلق، فقد كبحت تقدمها نحو نقطة الفلج، التي تعد مفتاح مدينة مأرب.

 

وأرجع مصدر عسكري في الجيش اليمني في حديث لـ"العربي الجديد"، محدودية نتائج الضربات، إلى اعتماد الحوثيين في هجماتهم على أنساق بشرية تتحرك مشياً أو على متن دراجات نارية، وهو ما يصّعب على الطيران استهدافهم.

 

وتحتاج العناصر البشرية إلى استخدام مروحيات "أباتشي" من علو منخفض، لكنّ السعودية لا تريد المغامرة خشية إسقاط أيّ مروحية مع تطور الدفاعات الجوية للحوثيين.


التعليقات