تمولها مؤسسة قطرية.. مشاريع تحيا مجددا وفرص واعدة لـ40 ألف شاب يمني
- الجزيرة نت الجمعة, 24 فبراير, 2023 - 01:21 مساءً
تمولها مؤسسة قطرية.. مشاريع تحيا مجددا وفرص واعدة لـ40 ألف شاب يمني

[ الشاب اليمني عبد الرحمن يعيد فتح متجره من جديد بعد أن تلقى تمويلا من مؤسسة قطرية (الجزيرة) ]

حين اندلعت الحرب في اليمن مطلع 2015 تراجعت تجارة عبد الرحمن في دكانه الصغير بمحافظة حجة (شمال غربي البلاد)، وبات عمله على حافة الانهيار مع ندرة الزبائن وصعوبة وصول المواد الغذائية إلى الدكان إثر إغلاق الطرق وانعدام الوقود.

 

أما منى فاستسلمت للأوضاع الراهنة فأغلقت مشغل الخياطة الخاص بها بعد عجزها عن شراء ماكينة حديثة، كما أثقلت الأسعار المرتفعة للأقمشة كاهل الفتاة التي تعيل 10 من أفراد أسرتها إثر وفاة والدتها التي عملت أيضا خيّاطة.

 

كان الاثنان ضمن الآلاف من الشبان اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم دون مصدر دخل في بلد تشهد فيه البطالة ارتفاعا كبيرا، وقدرت إحصائيات البنك الدولي عام 2021 معدل البطالة بين الشباب في اليمن بـ13.6% من إجمالي القوى العاملة، علما أن مواطني اليمن من أصغر السكان عمرا عبر العالم، حيث تقل أعمار أكثر من نصف السكان عن 25 عاما.

 

ودفعت الحرب والممارسات المصاحبة لها نحو 26% من الشركات اليمنية للإغلاق، كما اضطرت 41% من الشركات إلى تسريح جزء من موظفيها أو تقليص رواتبهم.

 

ووفق البنك الدولي، فإن الاقتصاد اليمني استمر في الانكماش خلال السنوات الماضية متأثرا بعدم الاستقرار وتصاعد الأعمال العدائية وتوقف الخدمات الأساسية والتشوهات الناجمة عن القرارات السياسية من قبل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثيين، وأدت الحرب الروسية الأوكرانية لتدمير سبل عيش اليمنيين.

 

فرص لـ40 ألف شاب

 

لكن قبل أن يغلق عبد الرحمن متجره للأبد تقدم بطلب لبرنامج تموله مؤسسة "صلتك" القطرية والاتحاد الأوروبي، ولحسن حظه كان مشروعه ضمن المشاريع التي تمت الموافقة على تمويلها.

 

حصل عبد الرحمن عبر البرنامج على تدريب وإرشاد حول كيفية إدارة مشروع ناجح، وتلقى دعما ماليا لشراء سلع جديدة وإجراء إصلاحات في دكانه، فقدّم منتجات وخدمات جديدة وجذب عملاء جددا.

 

وكان معمل منى أيضا واحدا من المشاريع التي حصلت على تمويل، وانخرطت في دورة تدريبية حول إدارة المشاريع، وبدأت في تطوير مشروعها من خلال المنحة المالية بشراء ماكينات جديدة لمواكبة طلبات العملاء.

 

والأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي توقيع اتفاقية مشروع يستمر 4 سنوات مع مؤسسة "صلتك" بتكلفة 10.9 ملايين دولار، بهدف توفير فرص عمل ومصادر دخل وإدماج مالي لأكثر من 40 ألف شاب وشابة في اليمن.

 

ووفق المؤسسة، فإن عبد الرحمن ومنى يعملان بجد بعد إنقاذ مشروعيهما، بل إن منى نجحت في توسيع نشاطها بامتلاك مشغل يضم 6 ماكينات خياطة جديدة، وساعدت في توظيف 8 عاملات معها.

 

مشاريع الاستدامة

 

ويهدف مشروع المؤسسة القطرية -الذي ينفذ على مرحلتين- إلى تمكين الشباب في اليمن اقتصاديا والاستثمار في أعمالهم الخاصة لخلق فرص اقتصادية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، كون الأمر يعد حاسما لنمو واستدامة أي اقتصاد ودفع التغيير الاجتماعي الإيجابي.

 

ويقول فهد عبد الله ملك مدير الشراكات وحشد الموارد في مؤسسة "صلتك" القطرية للجزيرة نت إن مشروع "دعم ريادة الشباب والشمول المالي" يقدم منحا مالية لتمويل مشاريع رواد الأعمال من الشباب، وبناء قدراتهم لتوفير مصدر دخل لهم، وتوظيف شباب آخرين في تلك المشاريع والشركات الناشئة.

 

وأوضح أن المؤسسة لمست رغبة كبيرة من جانب الشباب اليمنيين في النجاح وتحقيق الذات على الرغم من الصعوبات التي تواجهها البلاد، وكانت هناك أفكار مشاريع مبتكرة نفذوها لكسب لقمة العيش وإعالة أسرهم، بل وحتى تشغيل شباب آخرين في هذه المشاريع.

 

وبحسب ملك، فإن الشمول المالي وتسهيل وصول الشباب إلى التمويل هما أساس الاقتصاد المستدام، كما أن وصول الشباب إلى الموارد المالية اللازمة لإطلاق مشاريعهم وريادة الأعمال يعد الحل الأمثل لأزمة البطالة.

 

ويقول إن مؤسسة "صلتك" تسعى من خلال برامجها إلى تخفيف آثار حدة الفقر وتعزيز فرص حصول الشباب على التمويل وبناء قدراتهم وإكسابهم الخبرة اللازمة لإطلاق مشاريعهم.

 

تنمية مجتمعية      

 

وأطلق الشباب المستفيدون من تمويل المؤسسة القطرية مشاريع ريادية، مثل تدوير المخلفات وإنتاج الأثاث والزراعة والخياطة والحدادة، ومنهم من افتتح شركات لخدمات الإنترنت وأخرى لتركيب ألواح الطاقة الشمسية.

 

وبحسب المسؤول القطري، فإن هذه المشاريع ساعدت في الحفاظ على البيئة أيضا، ويقول "حينما يكون هناك مصدر دخل للفرد فإنه يشعر بالثقة ويساهم بفعالية في النهوض الاقتصادي لمجتمعه، ومن هنا تحدث التنمية المجتمعية التي نسعى إليها جميعا، وبالتالي استقرار وتطور العالم الذي نعيش فيه".

 

ومؤخرا، اتجهت عدد من المؤسسات العاملة في اليمن إلى مشاريع الاستدامة، غير أنها لا تزال قليلة جدا بالنظر إلى حجم التمويل المخصص للمساعدات الغذائية المباشرة.

 

ووفق تقارير بحثية، فإن الأمم المتحدة تلقت على مدى السنوات الماضية أكثر من 19 مليار دولار لتمويل خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، لكن أرقام المتضررين من الأزمة لا تزال تتصاعد.

 

ويقول عبد الفتاح الطفاف القائم بأعمال مكتب وزارة التخطيط والتعاون الدولي في محافظة مأرب بالحكومة اليمنية إن معظم المساعدات التي تلقاها اليمن كانت مساعدات إنسانية ومخصصة للطوارئ، لكن البلاد بحاجة أيضا لمشاريع التنمية المستدامة.

 

ويضيف الطفاف للجزيرة نت "نحتاج إلى المركز الصحي والمدرسة وبنية تحتية تبقى، من المهم أن ننتقل للتنمية من خلال دعم المشاريع الصغيرة وإعادة تفعيل المؤسسات".


التعليقات