النص الكامل لكلمة توكل كرمان بمناسبة الذكرى الـ33 لتحقيق الوحدة اليمنية
- متابعات الأحد, 21 مايو, 2023 - 09:55 مساءً
النص الكامل لكلمة توكل كرمان بمناسبة الذكرى الـ33 لتحقيق الوحدة اليمنية

[ توكل كرمان ]

بسم الله الرحمن الرحيم

باسمِ الوحدة اليمنية، باسمِ اليمنِ العريق الضاربةِ جذورُه في أعماقِ التاريخ؛ أحييكم جميعاً إخواني وأخواتي أينما كُنتُم في ربوعِ يمننا الحبيبِ وفي بلدانِ المهجرِ والاغتراب.

 

أحييكم جميعا شعبَنا اليمني الأبي في ذكرى تحقيقِ وحدةِ الوطنِ اليمني، في الذكرى الثالثةِ والثلاثين لتحقيقِ الوحدةِ اليمنية وإعلانِ قيامِ الجمهوريةِ اليمنية، ارتفعت رايتُها خفاقةً شامخةً يومَ الثاني والعشرين من مايو عامَ ألفٍ وتسعِمائة وتسعين، تتويجاً لنضالاتٍ طويلة وتضحياتٍ كبيرة، قدمها شعبُنا من أجل تحقيقِ الوحدة التي كانت هدفاً لأجيالٍ من المناضلين اليمنيين.

 

نحتفلُ بالعيد الوطني لليمن ورؤوسُنا مرفوعةٌ لأننا نتمسكُ بوحدة بلدِنا ونرفضُ تمزيقَه. من عليه أن يخجلَ هم أولئك العملاءُ الذين ينفذون مخططاتِ أعداءِ اليمن ويسعون لتمزيقِه.

 

مؤامرةُ تقسيمِ اليمنِ إلى دويلات، اتُخِذَ قرارُها في الرياض وأبو ظبي، عشيةَ تدخلِهم وإعلانِهم الحربَ على اليمن، ذلك هو الهدفُ والغايةُ من التدخل، وها هم يعتقدون أن الوقت حان ليعلنوا فجورَهم في وجهِ اليمنِ واليمنيين بتقسيمِ بلدهم إلى دويلاتٍ ومحمياتٍ تدينُ بالولاء لمن يمولُها من خارجِ اليمن.

 

لقد تجاوزوا كلَ حد!

وزينت لهم أمانِيهِم تقسيمَ اليمن!

وتلك محضُ أوهامٍ وأماني.

 

وفي مواجهتهم سينهضُ شعبُنا اليمني العظيم متمسكا بثوابته الوطنيةِ المتمثلة بالوحدةِ، والجمهوريةِ، والسيادةِ والاستقلال.

 

سيواجه شعبُنا مؤامرةَ تمزيقه، دفاعا عن وحدةِ اليمن وسيادتِه واستقلاله.

 

مصائرُ البلدانِ وسلامةُ ترابِها الوطني فوقَ كلِ اعتبار، وأعلى من أيِ غاية، حولَها يتوحدُ الناس وعندَها تتلاشى التباينات، ومن أجلِها تُرصُ الصفوف.

 

ومثلما كانت الوحدةُ اليمنية تتويجا لنضالاتِ شعبنا وكفاحه الوطني، فسوف يكون شعبُنا هو الحامي لوحدةِ اليمن التي تتعرضُ اليومَ لمؤامرةٍ كبيرة تستهدفُ اليمن ووحدتَه وجمهوريتَه وسيادتَه واستقلاله، وتسعى لإعادةِ اليمن إلى عهدِ السلطناتِ والمشيخاتِ والإمامةِ والمحمياتِ والاحتلالِ والوصايةِ الخارجية.

 

 إخواني وأخواتي في اليمن وفي كلِ مكان

 

واحديةُ المصيرِ اليمني راسخةٌ رسوخَ هذا الشعبِ وشامخةٌ شموخَ جبالِه العالية.

 

واحديةُ المصيرِ اليمني هي خيارُنا الوطني، خيارُ التمسكِ بالدولةِ اليمنية، دولةِ الجمهوريةِ اليمنية، منجزِ اليمنيين الأكبرِ في تاريخِهم الحديث.

 

تشرذمُ اليمن وتجزئتُه إلى دويلاتٍ متناحرةٍ هو مشروعُ أعداءِ اليمن ولا مصلحةَ ليمني في تقطيعِ أوصالِ بلاده. الانفصالُ يعدُ اليمن بمهانةٍ تاريخيةٍ لن تغفرَها لنا الأجيالُ القادمةُ إن نحن صمتنا عنها وقبِلنا بها. 

 

نتذكرُ في هذا اليومِ الأغرِ أجيالا من الحركةِ الوطنية اليمنية الذين ناضلوا من أجلِ لم شملِ اليمنيين وتوحيدِ اليمن. نتذكرُهم لنستمدَ منهم القوةَ والعزيمةَ لمواجهةِ أعداءٍ يهددون حاضرَنا ومستقبلنا. 

 

إن أعداءَ شعبِنا يعملون اليومَ لتمزيقِ يمنِنا العظيم لتسهُلَ لهم الهيمنةُ على يمنِنا وشعبِنا والعبثُ بثرواتِ اليمنِ وجزرِه وسواحلِه ومقدراتِه ومكتسباتِه الوطنية.

في مواجهةِ هذه التحدياتِ لا ملاذَ لنا بعدَ اللهِ إلا الاعتصامُ بحبلِ ثوابتِنا الوطنية، وعلى رأسِها الوحدةُ اليمنية التي كانت تتويجًا للثورتين العظيمتين سبتمبر وأكتوبر. التمسكُ بالثوابتِ الوطنية سيكون حاميا لنا من السقوطِ في الارتهانِ للأجنبي والإذعانِ لأهدافِه المشبوهةِ التي تهددُ اليمنَ ووحدتَه وجمهوريتَه وسيادته بالضياع.

 

لقد سقطت الأقنعةُ الزائفةُ، وأظهرَ الأعداءُ حقيقةَ ما كنا نُحذِّرُ منه في سنواتِ الحربِ الغاشمة ضدَ بلدِنا وشعبنا ومقدراتِه وبنيتِه التحتية ومدنِه وكلِ ما فيه.

 

وها هُمُ اليومَ يرسمون خطوطَ حصصِهم على دمائِنا وفوقَ أنقاضِ بلدِنا ومدنِنا المدمرة، يتقاسمون النفوذَ ويتبادلون الأدوار، بينما هم عدوٌ واحدٌ بوجهين، مثلما كانت الإمامةُ المتوكليةُ والاستعمارُ البريطاني. 

 

أيها اليمنيون الأحرارُ في كلِ اليمن شمالِه وجنوبِه وشرقِه وغربه؛ ينبغي أن نتحلى نحن اليمنيين بمسؤوليةٍ أكبرَ عند الحديثِ عن قضايانا الوطنية، وأن نتبعدَ عن الخضوعِ وتقديمِ التنازلاتِ المجانيةِ لأي أحد.

 

بالأمسِ في اجتماعِ جامعةِ الدولِ العربية، دعا رشاد العليمي إلى احترامِ وحدةِ الأراضي السوريةِ وسلامتِها لكنه لم يقل الأمرَ ذاتَه عن ضرورةِ وحدةِ الاراضي اليمنيةِ وسلامتِها، أنا بصراحة لا ألومُه ، لسببٍ وحيد، فلا لومَ على الأدوات بل على مالكيها، والمالكون هم في الرياض وأبو ظبي، هؤلاء من يتحملون كاملَ المسؤولية في التآمرِ على وحدةِ اليمن وسلامته ، وشعبُنا  لن يُسقطَ مؤامراتِهم فحسب، بل سيردُ لهم كيلَ الصاعِ بالقنطار. ليس لدي أدنى شكٍ في ذلك.

 

غير أن من يلامُ بشدةٍ أيضا ويتحملُ المسؤوليةَ الأكبرَ هي  الأحزابُ السياسيةُ اليمنية، فالصمتُ خيانةٌ وجريمةٌ كبرى بحقِ الوطن ، هو ليس دهاءً ولا سياسة، بل خيانةٌ وغباءٌ وجُبن ، وحين تكون قائدَ حزبٍ ولا تفعلُ شيئا، ولا وتقولُ شيئا أمامَ مؤامرةِ تمزيقِ وطنِك على هذا النحوِ المعلن وليس الخفي- وما خفي أعظمُ- فأنت خائنٌ كبيرٌ وهذا ألطفُ تعبيرٍ استطعتُ الوصولَ إليه لوصفِ هؤلاء

 

كثيرةٌ هي المؤامرات، لكن قدرَ اليمن أن يُحبطَ كلَ تلك المؤامرات، اليمنُ بلدُ المفاجآت، كلما اعتقد العدوُ أنه نال منه، فاجأه بما لا يسرُّه.

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن الكِيان اليمني الذي سوف يتداعى أكثرَ فأكثر، في حال التسليمِ بمنطقِ التقسيم، ونحنُ لا نريدُ لبلدِنا أن يكون أجزاءً متفرقة.

 

 إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن شرعيةِ الجمهوريةِ اليمنية، العضوِ في الأممِ المتحدة، وليس من حقِ أحدٍ أن يغيّرَ من معالمِ هذه الدولة، أو ينتقصَ من أراضيها أو حدودِها، وأيُ عملٍ في هذا السياقِ لا يعدُ أمرا مشروعا، يحقُ لليمنيين مقاومتُه بكلِ تأكيد.

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن نضالاتِ الحركةِ الوطنيةِ اليمنيةِ وتضحياتها الكبيرة، هذه النضالاتُ التي منحتنا تاريخًا مشرِّفًا والتي أَكدت في مناسباتٍ متعددةٍ أن اليمني جديرٌ بالحريةِ والكرامةِ والعيشِ دونَ وصايةٍ من أحد.

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن الاستقلال، فتقسيمُ اليمن لن يجلبَ سوى التبعيةِ للخارج، ولعل الانفصاليين الجددَ مثالٌ حيٌ على التبعيةِ لحكامِ أبوظبي، ما هو الثمنُ الذي سوف يدفعونه، سوى التوقيعِ على اتفاقياتٍ مجحفةٍ بحقوقِ الشعبِ اليمني. 

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن النظامِ الجمهوري، إذ يصعبُ أن يعلنَ أحدُهم تخليَهُ عن الوحدة، ثم يكون مخلصا في الدفاعِ عن الجمهورية.

 

إن الوحدةَ شرطٌ أساسيٌ للقضاءِ على المشروعاتِ الطائفيةِ والجهويةِ وفي مقدمتِها الإمامةُ والحكمُ العائلي.

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن الديمقراطية وعن حقِ الناسِ في اختيارِ حكامِهم، فاليمني سئمَ الاستبدادَ والفساد، فالدولُ التي يُراد أن تنشأَ على أنقاضِ اليمن الكبير لن تكون سوى مزارعَ استبدادية، يتحكمُ فيها مجموعةٌ من الأشخاصِ وبعضُ المقربين منهم بالسلطةِ والأموال.

 

لن تكون الديمقراطيةُ هي الضحيةَ الوحيدة، ولكنْ حقوقُ الإنسانِ وحرياتُه، لذا نعتقدُ أن المحافظةَ على الوحدةِ توفرُ قدرا كبيرا من التنوعِ يصعبُ ادارتُه إلا بالديمقراطية.

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدةِ، فإننا ندافعُ عن الأمن والسلمِ الاقليمي والعالمي إذ إن تقسيمَ اليمنِ فضلا عن أن الشعبَ اليمني العظيمَ لن يقبلَ به وسيتخذُ كافةَ السبلِ لإيقافه ، فإنه سوفَ يحوّلُ بلادَنا لساحةِ استقطاب، يتم فيها تنفيسُ الصراعاتِ الاقليميةِ والعالمية، ونحن سنظلُ وقودَ حروبِهم الباردةِ والساخنة. وتبقى اليمن ساحةَ توترٍ وصراعاتٍ وهي ذاتُ الموقعِ الجغرافي بالغِ الأهميةِ للتجارةِ العالمية

 

إننا عندما ندافعُ عن الوحدة، إنما ندافعُ عن اليمنِ الكبير، اليمنِ الكبيرِ الذي لن نسمحَ لأحدٍ أن يفصلَ لنا مقاسَه، اليمنِ الكبيرِ الذي ندافعُ عنه ونناضلُ من أجله، هو يمنٌ متعددٌ، متنوعٌ، يُحترَم فيه الأفرادُ ومعتقداتُهم، يمنٌ اتحاديٌ، تتقاسمُ فيه الحكومةُ المركزيةُ والأقاليمُ صلاحياتِ الحكم بما يسعدُ المواطنين،وبما يجعلُ الدولةَ قادرةً على إداءِ وظائفها دونَ تقصير.

 

نعم، اليمنُ الاتحادي الذي نناضلُ بشجاعةٍ لتحقيقِه هو يمنٌ ليس فيه أفضليةٌ لأحدٍ على أحد، الجميعُ متساوون أمامَ القانون، لا تمييزَ ولاعنصريةَ، ولا مناطقية.

 

هذا هو اليمن الذي نريدُه، أما خصومُ اليمنِ وأعداؤه، فإنهم

يريدون يمنا متشظيا، متقاتلا فيما بين مكوناته، لديهم مالٌ كافٍ

لإشعالِ البلادِ لمئاتِ الأعوام، ولديهم خبرةٌ في استقطابِ العملاءِ

الذين يبررون وينفذون.

إذن هي معركةٌ فاصلةٌ في تاريخِ اليمن، إما أن يكون كبيرا أو أن

يتلاشى، إما أن يكون جمهوريا أو إمامةً ومرضا وجوعا، إما أن

يكون قويا مستقلا أو تابعا منزوعَ القرارِ والسيادة!

الأمورُ واضحة، والقوى اليمنيةُ المختلفةُ مطالَبَةٌ باتخاذِ مواقفَ سياسيةٍ واضحة، تنحازُ لأغلبيةِ الشعبِ اليمني الذي ترفضُ التقسيمَ

ويرفضُ حكمَ المليشياتِ ويرفضُ المشروعاتِ الطائفيةَ والمناطقية.

إن الوحدةَ اليمنيةَ ليست مشروعا للاستحواذ، أو السيطرة، هذا ما

ينبغي أن يكونَ مفهوما وواضحًا للجميع، الوحدةُ ليست مصدرَ

تهديدٍ لأحد، هذا ما ينبغي أن يدركَه أولئك الذين ينفقون أوقاتَهم

وأموالَهم للتآمرِ عليها.

 

 

اليمنون الأحرار في كل مكان

لا قيمةَ لأيِ إجراءاتٍ تُتَّخذُ في هذا المسارِ غيرِ القانوني، لا أحدَ يملك تغييرَ شيءٍ في الوضعِ القانوني للجمهوريةِ اليمنية إلا اليمنيون أنفسُهم وحسب، وكلُ ما يصدرُ من أي تنظيمٍ سياسي أو عسكري تحتَ أي دعوى، هو والعدمُ سواء، ولا شرعيةَ له، ولا اعتبار.

إن هذه الظروفَ الصعبةَ التي تمر بها بلادُنا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ما ينبغي أن نتمسكَ به هو بلادُنا، حقوقُنا، مصيرُنا، والذي يريدُ أن يتنازلَ، فليفعلْ ذلك من ممتلكاتِه الشخصية، ولن يلومَه أحد.

نعم، نتمسكُ بوحدتنا ونظامِنا الجمهوري ولا شك أننا سوفَ ننتصرُ في النهاية، فالمشاريعُ غيرُ الوطنيةِ مهما تضخمت فسوف تنهارُ حتما. لديّ ثقةٌ بأن الغدَ أفضلُ من اليوم.

لنعملْ بكل إرادةٍ حرةٍ وضميرٍ وطني، وحتما سنحققُ أهدافَ ثوراتنا المجيدة، هذه الثوراتُ التي طالما كانت دليلا قويا على وحدةِ شعبنا وبلدنا.

هذا البلدُ كبيرٌ بتاريخِه وأبنائه، عصيٌّ على الكسرِ والبلعِ والإلحاق، لا يصلحُ اليمن إلا كما بدا لأبنائه منذُ فجرِ التاريخ، موحَّدا مستقلا جديرا بالحياةِ والتواجدِ بين الكبار.

 

 

في ختامِ كلمتي أقول: المجدُ لشعبِنا اليمني العظيم في ذكرى إعادةِ تحقيقِ وحدةِ الوطنِ اليمني، التي تكمل اليومَ عامَها الثالثَ والثلاثين، شامخةً أمامَ المؤامراتِ والمخططاتِ المتكالبةِ عليها من كلِ أعدائها الداخليين والخارجيين.

لا أحدَ يزايدُ اليومَ باسمِ الوحدةِ في النخبِ السياسيةِ والأحزاب.

وحدَهُ شعبُنا اليمني العظيم يحمي الوحدةَ اليوم.

بعد أن تنكّرَ لها الانتهازيون والمزايدون واللصوصُ والفاسدون عادت الوحدةُ للشعبِ لتُثبتَ أنها قدرُ ومصيرُ هذا الشعب.

في اليمن شعبٌ أَبيٌّ ماردٌ شرسٌ، عصيٌ على المحوِ والتجاوز.

اليمن الموحدُ قضاءُ الله وقدرُه ومصيرٌ أبديٌ لا تمحوه الحروبُ والمؤامراتُ الصغيرة.

ليمنِنا الكبيرِ وشعبِنا العظيمِ نقول: قدسُ أقداسِنا هي اليمن. قبلتُنا وكعبتنا هي اليمن. عيدنُا الوطني هو يومُ إعادةِ تحقيقِ وحدةِ الوطنِ اليمني الكبيرِ في الثاني والعشرين من مايو، المجدُ لليمنِ في عيدِ وحدته المجيد.

 

ها هُنا نحن وقد وحَّدَنا

وطنٌ أصبحَ منا أثْمَنَا

وغدت أصقاعُه معبَدَنا

لم ولن نعبدَ فيها وثنا

أو يرى نخاسُ أرضٍ أننا

نأخذُ الدنيا ونُعطي اليمنا


التعليقات