حسابات مصرية صعبة في البحر الأحمر
- العربي الجديد الإثنين, 15 يناير, 2024 - 04:38 مساءً
حسابات مصرية صعبة في البحر الأحمر

[ شكري ووانغ يي في القاهرة أمس (خالد دسوقي/ فرانس برس) ]

مع تصاعد التوترات في منطقة البحر الأحمر والهجمات التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا على مواقع لجماعة الحوثيين في اليمن، ومع تهديد الأخيرة بالرد بقوة على تلك الهجمات، أصبحت مصر من جديد في وسط معادلة إقليمية صعبة، تفرض عليها حسابات دقيقة.

 

وقالت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، إن "الإدارة المصرية تعكف حالياً على دراسة الموقف بدقة على أساس أولي، وهو علاقاتها الاستراتيجية بالولايات المتحدة، وأيضاً على أساس الحفاظ على علاقات متوازنة مع إيران وحلفائها في المنطقة، خصوصاً جماعة الحوثيين، لما يمكن أن تشكله من تهديد للأمن القومي المصري، والملاحة في قناة السويس، نظراً لوجودها في باب المندب".

 

وعُقدت في القاهرة، أمس الأحد، مباحثات بين وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، أثناء زيارة الأخير إلى مصر. وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً توافقا فيه على "متابعتهما الحثيثة لتطورات الأوضاع في البحر الأحمر وأهمية قراءة تلك التطورات ارتباطاً بالأوضاع في غزة باعتبارها مسبباً رئيسياً لها"، كما أعربا عن "القلق إزاء اتساع رقعة الصراع بالمنطقة، مع التشديد على أهمية تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل الوقف الفوري للاعتداءات على قطاع غزة، والعمل على خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة"، كذلك أكدا "أولوية تأمين سلامة وأمن الملاحة في البحر الأحمر".

 

وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "احتمالات دخول مصر على خط الأزمة غير قائمة، لأن النظام المصري لا يفكر في الدخول في مواجهة بأي حال من الأحوال مع أي طرف من الأطراف، ولا مجال للتفكير في أن يكون طرفاً في مواجهة عسكرية".

 

وأضاف عبد الشافي: "أما بالنسبة لإيران، فهي تراقب الوضع بمنتهى الدقة والحذر، وهي حريصة كل الحرص على ألا تنتقل المعارك إلى أراضيها، وألا تصبح مسرحاً للعمليات، ولذلك فهي تدير المواجهات من خلال أذرعها الأساسية في المنطقة".

 

وقال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إن "توسيع العمليات من جانب الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، تحت المظلة الكبرى التي يتحركون تحتها وهي حماية الملاحة في البحر الأحمر، وراءها هدف أكبر وأهم، وهو توفير الدعم الأمني واللوجستي والعسكري للكيان الصهيوني حتى يستمر في حربه على غزة"، لافتاً إلى أن "الحديث الأميركي عن أن الهجمات على الحوثي هدفها خفض التصعيد، غير دقيق، لأن خفض التصعيد يمكن أن يتحقق الآن وفوراً بوسيلة واحدة، وهي إجبار إسرائيل على وقف عملياتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أما دون ذلك فهو يدفع باتجاه التصعيد المستمر".

 

مظاهر لتوسع الصراع

 

بدوره، قال الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري وشبه جزيرة سيناء، مهند صبري، لـ"العربي الجديد"، إن "مظاهر توسع الصراع مستمرة منذ بداية الحرب مع الجنوب اللبناني، والآن على اليمن بالقصف الأميركي، وهذا بالإضافة إلى الحديث الإسرائيلي عن محور فيلادلفيا والحدود المصرية أيضاً"، مضيفاً أن "كل هذه المظاهر من توسع الصراع، تطرح سؤالاً: هل تتحول فعلاً إلى إشعال صراع إقليمي لم نشهده حتى الآن؟".

 

وقال صبري إنه "حتى الآن، كل الأطراف تُحاول بقدر ما تستطيع ألا تشعل الصراع كاملاً، أما بالنسبة لعدم اتخاذ مصر موقفاً واضحاً، فأعتقد أنه منذ بداية الحرب وحتى الآن، مواقف مصر كلها كلامية ليس لها أي وقع فعلي ولا أثر فعلي في مسار الحرب وتشظياتها في اليمن ولبنان، وهذا أمر مؤسف"، مضيفاً أن "مصر ليس لها ثقل ملموس على المستوى الإقليمي".

 

وحول إمكانية أن يقوم الحوثيون في اليمن برد فعل على الهجمات، يزيد من اشتعال الوضع في البحر الأحمر، قال صبري: "أعتقد أن هذا الاتجاه هو الحاصل حالياً، ولكن علينا مراقبة كل هذه الأحداث، والتحسب لأن تأخذنا إلى صراع إقليمي أوسع".

 

من جهته، قال الخبير العسكري الفلسطيني يوسف الشرقاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الولايات المتحدة "تقوم بتضليل استراتيجي وخداع ما يسمى بمحور المقاومة في المنطقة، للاستفراد بكل قطب منه على حدة، وهي تريد من وراء ذلك، ضمان عدم انخراط الجبهة الشمالية في الحرب على غزة، لأنها تعلم أن انخراط تلك الجبهة سيؤثر إيجابياً لصالح غزة".

 

وأضاف الشرقاوي أن "أميركا هي من تقود العمليات في المنطقة، تعويضاً عن خسارتها في أوكرانيا، وهي تسعى بذلك إلى التخلص من كل قوى المقاومة في المنطقة".

 

بدوره، قال الخبير في الشؤون العسكرية، رشاد الوتيري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "ما قامت به الولايات المتحدة ومعها بريطانيا، يعدّ تدخلاً سافراً وعدواناً على السيادة اليمنية، لأن وجودهما غير شرعي في البحر الأحمر"، مضيفاً أن "العدو أراد أن يعسكر البحر الأحمر، خدمة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإطالة أمده، ولفكّ الحصار الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية (التابعة للحوثيين)".

 

وتابع الوتيري: "نحن اليوم أمام مرحلة جديدة من التطورات الملحوظة، فعندما أقدم الأميركيون على العدوان على اليمن، أرسلوا رسالة إلى العالم، وأكدوا أن قرار الحوثيين باعتراض السفن الإسرائيلية، كان له صدى ونجاح كبير في شلّ الحركة التجارية في ميناء إيلات، وأيضاً في الداخل الإسرائيلي".

 

وكانت مصر قد أعربت في بيان صادر عن وزارة الخارجية، الجمعة الماضي، عن "قلقها البالغ إثر تصاعد العمليات العسكرية في منطقة البحر الأحمر، والغارات الجوية التي تم توجيهها لعدد من المناطق داخل جمهورية اليمن"، داعيةً إلى ضرورة "تكاتف الجهود الدولية والإقليمية من أجل خفض حدة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك أمن الملاحة في البحر الأحمر".


التعليقات