الموديلز وعارضات الأزياء في اليمن.. ظهور يُثير التحفظات ويصطدم بالسلطات والمجتمع (تقرير خاص)
- علي السلامي الخميس, 27 يونيو, 2024 - 04:18 مساءً
الموديلز وعارضات الأزياء في اليمن.. ظهور يُثير التحفظات ويصطدم بالسلطات والمجتمع (تقرير خاص)

[ عارضات الازياء في اليمن في السجون ]

"انتصار الحمادي" و "خلود باشراحيل"، أول موديلز أو عارضات أزياء يمنيات، مارسن هوايتهن وانتهى بهن المطاف خلف القضبان، في مجتمع لم يألف هذا النوع من المهن، ويوصف بالمحافظ، ويرى هذه الأعمال مخالفة للدين والشرع، بل والأعراف والتقاليد.


برزت في الآونة الأخيرة مهن جديدة اقتحمنها نساء يمنيات لم يكن اليمنيون يعرفونها، من بين هذه المهن "الموديل أو عارضات الأزياء" التي تعتمد على مقاييس جمالية ومواصفات جسدية من حيث جمال الوجه ونعومة البشرة والطول، والوزن، والصحة، والرشاقة.


ورغم أن عدد اليمنيات اللواتي يمارسن مهنة الموديل لا يُعد بالأصابع، إلا أن عارضات الأزياء اليمنيات أصبحن يعانين من قمع السلطات الأمنية في مختلف المناطق اليمنية.


ويقابل هذا القمع جدل في مواقف المجتمع اليمني، ونظرته تجاههن، ما بين رفض مطلق لمثل هكذا مهنة، وتأييد لهن ولما يقمن به تحت يافطة مناصرة حقوق المرأة والحريات العامة.


آخر فصول القمع ما تعرضت له الموديل "خلود باشراحيل" في إحدى سجون مدينة المكلا التابعة للحكومة اليمنية، وقبلها ما حدث للموديل "انتصار الحمادي" من انتهاكات من قبل جماعة الحوثي وصفتها منظمات حقوقية بالخطيرة، فيما تخشى أخريات أن يكن مصيرهن مشابه لما سبقهن.


كيف بدأن؟


مريم ناظم، انتصار الحمادي، جور الشوافي، خلود باشراحيل، ديانا ضبعان، سالي فؤاد، أريج السيد، هن أبرز عارضات الأزياء اليمنيات، وتُعد مريم ناظم أول موديل يمنية لكنها تمارس مهنتها في كلاً من روسيا موطن والدتها وفي أوزباكستان.


تقول ناظم لـ"الموقع بوست" إنها تفتخر بمهنتها وتشجع الفتيات اليمنيات الراغبات في خوض غمار تجربة الموديل على أن يكن مستعدات لدخول عالم الشهرة.


في ذات الوقت تتضامن ناظم مع زميلاتها اللواتي تعرضن للسجن في صنعاء والمكلا وتدعو إلى إيلاء النساء اليمنيات المزيد من الحرية.


ارتداء الزي


معظم عارضات الأزياء اليمنيات يعملن على نشر صورهن وهن مرتديات مختلف الأزياء التراثية وغير التراثية في صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أكسبهن شهرة واسعة، وحقق لهن ظهور عبر القنوات الفضائية، من خلال مشاركتهن في تمثيل مسلسلات تلفزيونية حققت، نجاحات لافتة خلال سنوات الحرب التي اندلعت في اليمن منذ ما قبل عشرة أعوام.


انتصار الحمادي


في شباط/فبراير 2021 اعتقلت السلطات الأمنية التابعة لجماعة الحوثي في صنعاء عارضة الأزياء اليمنية انتصار الحمادي، بتهمة ارتكابها فعل فاضح ومخالف للشريعة الإسلامية.


قبيل اعتقالها كانت الحمادي تنشر صورها وهي ترتدي أزياء تراثية، وأخرى مسايرة للموضة العالمية عبر صفحتها بموقعي فيسبوك وانستغرام، يقول محامون لوسائل إعلام إن انتصار تم استجوابها وهي معصوبة العينين، وتعرضت للإيذاء الجسدي واللفظي، وبسبب سوء المعاملة التي لاقتها في سجون صنعاء حاولت انتصار الانتحار.


عقب تضامن ناشطين ومنظمات محلية ودولية مع مظلومية انتصار أدى هذا الضغط الى سماح جماعة الحوثي لعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى وعدد من المحاميات والصحافيات لزيارة ومقابلة انتصار داخل السجن، حينها كشفت انتصار عن أن جماعة الحوثي حاولت استخدامها لاستقطاب بعض المعارضين السياسيين.


ذلك التصريح أدى إلى سجن انتصار خمسة أعوام بحكم صدر يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 من محكمة خاضعة لسيطرة الجماعة في صنعاء وماتزال الحمادي قابعة في السجن المركزي بصنعاء حتى وقتنا الراهن رغم المناشدات بإطلاق سراحها.


خلود باشراحيل


في يوم الثلاثاء 18يونيو/حزيران الجاري اعتقلت السلطات الأمنية خلود باشراحيل وتم استجوابها في إدارة أمن المكلا عاصمة محافظة حضرموت، جاء الاعتقال على خلفية نشر خلود صور تجمعها مع زوجها في جلسة تصوير بمناسبة ذكرى زواجهما وصور أخرى لها في كورنيش المكلا، نشرتها خلود في صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي.


ودعت باشراحيل في تسجيلات مصورة إلى التحرر ورفض الأفكار التقليدية والمتشددة، تم اطلاق سراح خلود بعد أخذ تعهد منها ومن زوجها بالتزام خلود بترك مهنة العمل كعارضة أزياء، وحذف صورها من صفحتها في مواقع التواصل، وهو ما تم يوم الأحد الماضي.


رفض أم تحول مجتمعي؟


على الرغم من عدم وجود منصات استعراض لهن أمام الجمهور، واقتصار عمل العارضات بعرض ازيائهن في السوشيال ميديا، إلا أن المجتمع اليمني يرفض مهنة العارضات لأنها تخالف معتقده الديني وعاداته وتقاليده كما يرى الصحفي اليمني مصطفى الشامي، ويقول لـ"الموقع بوست"،" تكمن مشكلة عارضات الأزياء في محاولة فرضهن ما يرغبن بتحقيقه على المجتمع اليمني وهو مجتمع خليط بين القبلي والجماعات الدينية".


ويُسمي الدكتور محمد المحفلي المدير التنفيذي السابق لمركز إنصاف للدفاع عن الحقوق والحريات ما قامت به خلود جزء من التحدي الكبير للمرأة اليمنية في مجالات مختلفة.


يقول المحفلي لـ"الموقع بوست" هناك نمط معين مقبول اجتماعيا للتحدي، ومع ذلك التحدي مستمر وأي امرأة تحاول تخطي هذه المربعات المرسومة من قبل المجتمع تواجه مقاومة شرسة".


ويرى المحفلي الذي عمل محاضراً في جامعة حضرموت، أن ثمة خلل كبير في مفهوم المجتمع اليمني للقيم. فالمجتمع يتسامح مع كل الانتهاكات الحاصلة في الواقع، في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكنه لا يتسامح مطلقا مع أي اختراق يتعلق بالمرأة، إذ تم اختصار مفهوم الأخلاق في الجانب المتعلق بالتعامل مع المرأة وتم تجاهل مفاهيم الأخلاق فيما يتعلق بالصدق والأمانة والتعامل، بحسب المحفلي.


بين القانون والدين


في حديثه مع "الموقع بوست " يؤكد المحامي والمستشار القانوني عبدالرحمن برمان أنه لا يوجد نص في القانون اليمني حول مهنة عارضة أزياء، يقول برمان أي جهة في أي قضية ما متصلة بالموضوع قد يستندوا إلى موضوع الآداب العامة.


الداعية الإسلامي والباحث في القضايا المعاصرة الدكتور سلام الموجري يلفت إلى أن الأوضاع العامة في اليمن والبلدان العربية تتغير وتتبدل آلياتها ووسائله كتبدل العصور والازمان، منها التكنولوجيا ووسائل الإعلام والتقنيات والسوشيال ميديا التي يتفنن بها أصحابها والقائمين عليها من أجل كسب متابعة الناس وكسب المال والبعض يعمل على سرقة أموال الناس بطرق وأساليب ملتوية.


في حديثه لـ "الموقع بوست" لا يستبعد الموجري أن تكون قضية عارضات الأزياء اليمنيات في الوقت الراهن من باب حاجة النفس للمال والقضاء على الفاقة والفقر، الذي يعاني منه الناس في اليمن، إذ أن البعض أصبح يتخلى عن أخلاقه ومبادئه التي كان يحافظ عليها من أجل المال.


يضيف "لا مانع للمرأة أن تعمل عارضة أزياء، ولكن تكون عارضة للنساء، فقط يراها النساء، ويصبح الأمر مقصوراً على النساء فقط، ولكن أن تلفت مفاتنها وزينتها وأجزاء من جسدها أمام النخاسين الذين يلتفون حولها، فهذا الأمر يتنافى مع الحشمة والدين والأخلاق ومع الشهامة".


يتابع الموجري بالقول "خلود باشراحيل قضيتها قضية أشخاص لديهم تلف أو لوثة فكرية في عقولهم، الناس جعلوا القضية أكبر من حجمها، ولو أمطوها بالسكوت عنها كان أفضل، الطرف الآخر جعل القضية كبيرة وهم يريدون ذلك، كما قال عمر بن الخطاب "أميطوا الباطل بالسكوت عنه".


التعليقات