روسيا .. مواقف متأرجحة بين دعم الشرعية والانقلابيين في اليمن
- وئام عبدالملك - خاص السبت, 06 أغسطس, 2016 - 09:38 مساءً
روسيا .. مواقف متأرجحة بين دعم الشرعية والانقلابيين في اليمن

[ مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة ]

تعود روسيا إلى الواجهة مرة أخرى في الملف اليمني، هذه المرة بمعارضتها صدور بيان، يدعو مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية إلى التعاون مع المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، ويدين رفض الأخيرين التوقيع على رؤية الأمم المتحدة التي قدمتها ووقعت عليها الحكومة اليمنية.
 
يأتي هذا في الوقت الذي دعت الخارجية الروسية فيه قبل أيام إلى تسوية الأزمة اليمنية بشكل سلمي وعبر الحوار، مجددة دعمها للمبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ في هذا المسعى.
 
وفي أغسطس/ آب العام الفائت، أبلغت روسيا الحكومة اليمنية رسميا، موقفها المساند لتطبيق قرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن لدعم الشرعية في البلاد.
 
فما الذي يحدث، هل تؤيد موسكو الشرعية في اليمن، أم تساند الانقلابيين ولو بشكل غير معلن؟.
 
سياسة التناقضات
 
منذ ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس أواخر العام 2010، كان لروسيا مواقف غير واضحة، حاولت فيها أن تمسك العصا من المنتصف، ولم تتخذ موقفا صريحا إزاء الأحداث التي عصفت بالمنطقة العربية.
 
هذا الأمر حدث أيضا في اليمن، ففي الوقت الذي احتفظت فيه بعلاقات قوية مع الشرعية في البلاد، وتجلى هذا مؤخرا في الاتصال الهاتفي الذي دار بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أكد فيه الأول، رفضه للانقلاب على الحكومات، سواء كان في تركيا أو اليمن، أو أي دولة أخرى، وكذا تأكيد روسيا لأكثر من مرة دعمها للشرعية.
 
لكنها في المقابل ما تزال تحتفظ بعلاقات قوية مع الانقلابين في اليمن، فروسيا وإلى جانب إيران، ما زالتا تفتحان أبواب سفارتيهما في صنعاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، على الرغم من توقف عشرات السفارات عن العمل في اليمن، كما التقى عدد من المسئولين الروس مع قيادات في المؤتمر الشعبي العام أو في مليشيا الحوثي، كالاجتماع الذي تم بين السفير الروسي لدى اليمن فلاديمير ديدوفشكين، ورئيس ما يُسمى" اللجنة الثورية" محمد على الحوثي، خلال مايو/ أيار الماضي.
 
فبدت روسيا كالقشة التي تتعلق بها المليشيا الانقلابية كلما اتجه العالم للضغط عليهم، وكالسياط الذي يلقى من الخلف على الشرعية في اليمن، باتخاذها لمواقف تدّعي فيها حيادها.
 
كيف نفسر موقفها؟
 
في ظل سباق النفوذ المحموم للاعبين الجدد في المنطقة العربية، وخطط التقسيم التي أثيرت زوبعتها وارتفعت، لا يبدو بأن اليمن من أولويات روسيا، لكنها في المقابل وسيلة الأخيرة للضغط على المملكة العربية السعودية الداعمة للمعارضة السورية، وورقة مقايضة بين البلدين. فالأولى تريد المحافظة على نفوذها في سوريا، وموقفها الأخير في مجلس الأمن إلا تفسيرا لذلك، خاصة أن العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لم تعد علاقة ندية وصراع، بعد أن تحولت موازيين القوى العالمية، وحلت الصين المنافس الأبرز للأخيرة.
 
ومع استمرار مساندة روسيا لإيران التي تُعد ذراعا غربية في المنطقة، لا تبدو العلاقة بين روسيا والمملكة العربية السعودية جيدة، على الرغم من محاولات الأخيرة التقارب بين البلدين عن طريق الملفات الاقتصادية، وهذا ما ينعكس بشكل أو بآخر على الملف اليمني.
 
أصبحت روسيا باتخاذها لمواقف تبدو غامضة، تلعب دورا، يبدو بشكل جلي أنه يشكل الغطاء الذي يتستر خلفه اللاعبين الكبار في المجتمع الدولي، بعد أن أصبحت وسيلتهم لتمرير خططهم، للمضي في مشروع تقسيم المنطقة، وهو ما يفسر اتخاذها لمواقف مساندة للمليشيا الانقلابية في اليمن، عبر دعم الحل السياسي، الذي يبقي عليهم أقوياء، وإفراغ قرار 2216 من محتواه، وبالتالي فانتهاء الصراع في اليمن، سيكون مرهونا بقضايا أخرى شائكة في الإقليم.
 
مصالح روسيا في اليمن
 
تربط اليمن بروسيا علاقة وطيدة، بدأت منذ ستينيات القرن المنصرم، وتمخض عنها العديد من النجاحات طوال العقود الماضية.
 
روسيا التي لا تبحث إلا عن مصالحها، تقوم بالدور المطلوب منها جيدا بما يضمن الوصول إلى أهدافها، الاقتصادية منها أولا، فهي تخسر حوالي أربعين مليار دولار سنويا، وفرضت عليها عقوبات جديدة جراء تدخلها في سوريا، وهو ما زاد من حجم العبء الاقتصادي عليها.
 
وحرصا منها على عدم الغرق أكثر، تسعى للقيام بدورها في اليمن بالشكل المطلوب، فاليمن بامتلاكها لواحد من أهم ممرات الطاقة في العالم" باب المندب"، يمكنها أن تضغط على المملكة العربية السعودية لتقدم التنازلات في الملف السوري، عبر دعم المليشيا الانقلابية للسيطرة على مضيق باب المندب، وتهديدها الملاحة البحرية في المضيق، خاصة ما نسبته 57% من النفط الذي تصدره الدول العربية، وتحديدا دول الخليج الغنية بالنفط، وسيؤدي ذلك إلى رفع أسعار النفط، لتعويض خسائرها، بعد أن تضررت كثيرا نتيجة انخفاضه.
 
وفي ظل كل ما يجري، باتت اليمن، كرة في ملعب لاعبين دوليين، يتحكمون بها، وصار لا بد من أن تتخذ الشرعية والتحالف العربي موقفا واضحا، يخلص اليمن من الضربات الموجعة التي تتلقاها، قبل أن تنحوا منحى خطيرا، يفتح أبواب حرب أخرى أشد مرارة، كالحرب تحت ستار" مكافحة الإرهاب" وهو ما سيكون القشة التي قصمت ظهر البعير.
 


التعليقات