كيف دفع اليمن واليمنيون ثمن انقلاب أيلول الأسود ؟ (تقرير)
- وئام عبدالملك الخميس, 22 سبتمبر, 2016 - 12:36 صباحاً
كيف دفع اليمن واليمنيون ثمن انقلاب أيلول الأسود ؟ (تقرير)

قبل خمسة أيام فقط من احتفاء اليمنيين بالذكرى الـ54 لثورة الـ26 من سبتمبر، اجتاح الحوثيون بمساندة من قوات موالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، العاصمة صنعاء واستولوا عليها بقوة السلاح، في 21 سبتمبر 2014، وهو ما اعتبره معظم اليمنيين بمثابة انقلاب مسلح على السلطات الشرعية في البلاد.
 
وأدت الآثار الكارثية للانقلاب إلى شعور معظم اليمنيين، بالخطر الذي يحدق بالجمهورية، وبخطورة مشروع الإماميين الجدد، وبارتهان المليشيا الانقلابية للخارج، الأمر الذي جعلهم يتصدون له، خاصة مع توالي اقتحامات الانقلابيين للمدن، والتنكيل بالمناوئين.
 
وتشكل وعي أكبر من قبل شباب ثورة فبراير/شباط 2011، الذين حاول الحوثيون والمخلوع صالح إجهاض ثورتهم، والعودة بالبلد عشرات الأعوام إلى الوراء، فخرجوا من طور السلمية التي تشبثوا بها، إلى أن أجبروا على تركها، بعد استغلال المليشيا لذلك، وتوجيه المدفعية إلى صدور الأبرياء.
 
ثمن باهظ
 
ودفع المواطن ثمن ذلك الانقلاب الذي تستروا فيه بعباءة "إسقاط الجرعة السعرية"، فبدلا من ذلك ارتفعت الأسعار أضعافا كثيرة، كما خلف هذا الانقلاب منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014- بحسب الأمم المتحدة- في تقرير صدر عنها مؤخرا عشرة آلاف قتيل خلال 18 شهرا، مضيفة أن الحرب التي أشعل فتيلها الحوثيون أدت إلى تشريد أكثر من ثلاثة ملايين يمني، فضلا عن إجبار نحو 200 ألف آخرين للبحث عن مأوى خارج البلاد.
 
فيما ذكرت إحصائية حديثة صادرة عن منظمة حماية الطفولة التابعة للأمم المتحدة "اليونيسيف" أن 1121 من الأطفال اليمنيين قتلوا منذ مارس/آذار 2015، فيما جرح 1650 آخرين.
 
وفي تقرير صدر حديثا عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، أعلنت عن وجود ما يقرب من 11 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، منهم 4.8 مليون يواجهون حالة طوارئ، فيما يعاني أكثر من 1.3 مليون طفل من سوء التغذية، واحد من كل ثلاثة أطفال دون سن الخامسة يعاني من سوء التغذية الحاد، و850 ألف طفل مهددون بالمجاعة الحقيقة، كما أن أكثر من سبعة ملايين لا يحصلون على الرعاية الصحية الأساسية نتيجة إغلاق حوالي 600 مستشفى ومرفق صحي بسبب القصف، أو نقص الوقود.
 
وبحسب إحصائية حكومية أعلنت مؤخرا فإن حرب الحوثيين دمرت 100 منشأة صحية، ونحو ألف مدرسة تحولت إلى ثكنات ومراكز إيواء، لافتة إلى أن 19 مليون شخص يفتقرون للمياه النظيفة، و21 مليون يمني يحتاجون للرعاية، فيما تشير إحصائيات أخرى إلى ارتفاع نسبة الفقر في اليمن إلى 85%، وهي النسبة الأعلى في تاريخ اليمن.
 
هذه الأرقام المخيفة كانت حصيلة الانقلاب الذي نفذه الحوثيون وحليفهم المخلوع صالح، وعلى الرغم من ذلك ما زالوا مصرين على تدمير البلاد ومقدراتها حتى النهاية، بدعوى ثورتهم المزعومة.
 
خدمة مشروعهم الكهنوتي
 
وفي هذا السياق يقول المحلل السياسي سمير الصلاحي: "عبر التاريخ وفي كل معارك اليمانيون مع دعاة الإمامة والاستبداد، لم يحدث أن سلموا الوطن حقنا للدماء أو تنازلوا عن السلطة، وهم في وضع يسمح لهم بالقتال، بل كانوا في كل مرة يقاتلون حتى النهاية، ولا يتورعون عن استباحة دماء المواطنين؛ خدمة لمشروعهم الكهنوتي المستبد".
 
وأضاف الصلاحي في تصريح لـ(الموقع بوست): "لا غرابة فيما يقوم به أحفاد الإمامة اليوم، فقد ساروا على نهج أجدادهم، بدءا بتفجير دور القرآن، وبيوت المواطنين، ونهب الممتلكات العامة، وسلب الحقوق، ونهب موارد الدولة".
 
وذلك وفقا لـ"الصلاحي"، لا يفسح  أي مجال للحديث عن حل سياسي مع جماعة كهنوتية تتكئ  في حربها على اليمنيين، على معتقدات تاريخية مغلوطة، تمنحها أحقية السلطة والحكم.
 
والحل كما يراه المحلل السياسي يكمن في "أحرار سبتمبر وثوارها، وبفوهة البندقية، وصوت الرصاص، حتى استعادة الوطن بأكمله".
 
واختتم حديثه بالقول: "ومع اقتراب ذكرى 26 سبتمبر نقول لهم ما يقوله كل الأحرار: اليوم لستم أقوى من أجدادكم، ولسنا أضعف من أجدادنا".
 
احتفاء بنكبة وطن
 
ويوم أمس الأول، أطلق ناشطون حملة تحت عنوان (21 سبتمبر نكبة وطن)، تفاعل معها عدد كبير من الشباب الرافضين للانقلاب، ولممارسات الانقلابيين التي أتت على كل شيء في البلد.
فيما سخر آخرون من إعلان مليشيا الحوثي وصالح ليوم الانقلاب إجازة رسمية، مؤكدين مضيهم في طريق استكمال استعادة الدولة، لينعم كافة أبناء الوطن بالحرية والكرامة.
 
وعلى هذا الصعيد قال المحلل السياسي فيصل علي إن "الحوثيين يحتفلون بإنجازهم الأهم وهو استعادة الهاشمية السياسة السلطة التي سلبها منهم شعبنا، في 26 سبتمبر العظيم قبل 54 عاما".
 
وأضاف لـ(الموقع بوست): "أحلام الإمامة في الحكم لم تنتهِ، استخدموا قرابتهم من الحجاز إلى أن نفذت، والآن يستخدمون ثوب فارس ودعم إيران، وكانوا قد استخدموا على الطريق فكر ماركس"، مؤكدا أنهم لم يتوقفوا عن التفكير في السلطة، فهي كما يرون حقهم الإلهي المنصوص عليها في ذكرى "الغدير" المكذوبة جملة وتفصيلا، التي يحتفلون بها هذه الأيام.
 
وتمضي الشرعية في اليمن المسنودة من التحالف العربي، بخطى ثابتة نحو استكمال استعادة الدولة اليمنية، ويتساءل البعض عن قدرتهم على إنهاء الانقلاب خلال فترة قصيرة، وحول ذلك قال "علي" في معرض حديثه: "هذه حرب وقد تطول لسنوات قادمة، لا أحد يملك إيقافها بلمسة زر".
 
و"الانقلاب سيذهب ولن يكون هناك دولة باطنية في اليمن، ومع ذلك لا أحد يستطيع التوقع متى تنتهي الحرب، ربما الانهيار الاقتصادي يسهم في تسريع هزيمة المتمردين الحوثيين"، حد قوله.
 


التعليقات