الأزمة اليمنية.. وتأثيرها على الأمن القومي الخليجي (تحليل خاص )
- عبد السلام قائد الأحد, 13 نوفمبر, 2016 - 05:51 مساءً
الأزمة اليمنية.. وتأثيرها على الأمن القومي الخليجي  (تحليل خاص )

[ تشكل الأزمة الحالية في اليمن خطرا على الأمن القومي الخليجي ]

تشكل الأزمة الحالية في اليمن وما نتج عنها من انقسام سياسي واجتماعي وانهيار لكيان الدولة خطراً كبيراً على الأمن القومي الخليجي، ويضاف هذا الخطر إلى أخطار تحيط بالأمن القومي الخليجي من عدة جهات، بشكل يستنزف إمكانياتها ويهدد وجودها كدول وحكومات مستقرة.
 
ورغم أن الدول الخليجية تمتلك من الإمكانيات الذاتية والنفوذ السياسي ما يؤهلها لمواجهة هذه الأخطار، لكن طبيعة الأخطار وما تمتلكه من عوامل الاستمرار يعني أن المواجهات العسكرية والسياسية ستظل مفتوحة، خاصة في ظل تداخل الملفات الساخنة في العالم العربي مع ملفات تتعلق بطبيعة الصراع بين الدول الكبرى ومحاولة ترسيخ كل منها نفوذها في البلدان العربية التي تشهد اضطرابات سياسية، وما تفرضه هذه القوى من ضغوط سياسية وتدخلات عسكرية بغرض تمرير مشاريعها بما يتناقض مع استقرار الدول والحكومات حتى وإن كانت حليفة لها.
 
المعركة الأهم
 
وهنا يمكننا القول إن اليمن تعتبر المعركة الأهم بالنسبة للدول الخليجية وأمنها القومي، باعتبار أن اليمن حديقتها الخلفية، فإذا انتصر المشروع الإيراني في اليمن فإن ذلك يعني ترسيخ الانتصار في بقية مناطق النفوذ الإيراني، وبداية زعزعة دول الخليج من الداخل، عبر الجماعات الشيعية، وإذا انتصرت الدول الخليجية في اليمن، فإن ذلك يعني تأمين تماسك جبهتها الداخلية، وإحباط أي تحركات أو مساعي لزعزعتها من الداخل، وبالتالي التفرغ للمعركة مع المشروع الإيراني في البلدان الأخرى (العراق وسوريا ولبنان).
 
وإذا كانت الأخطار التي تحيط بالدول الخليجية وأمنها القومي من جهة الشرق والشمال تنحصر على الميليشيات الشيعية المسلحة، فإن الأخطار القادمة من اليمن تشمل عدة أطراف، وهو ما يعني أن الخطر القادم من اليمن سيتضاعف ما لم تحسم المعركة عسكرياً وفي أسرع وقت ممكن.
 
وتشمل الأطراف اليمنية العميلة لإيران وتشكل خطراً على الأمن القومي الخليجي كلاً من: ميليشيات جماعة الحوثيين، والقوات العسكرية الموالية للمخلوع علي صالح وعائلته، مضافاً إليها ميليشيات قبلية موالية له، وبعض فصائل الحراك الجنوبي الانفصالي المتحالفة مع إيران، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة.
 
لقد استطاعت إيران ترسيخ نفوذها في البلدان العربية التي توجد فيها أقليات شيعية -من بينها اليمن- في غفلة من حكام هذه الدول، تم ذلك خلال النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي عندما تحسنت علاقة إيران مع الدول العربية بعد الانتهاء من حربها مع العراق، حيث استغلت إيران لحظة انشغال الحكام العرب بتداعيات حرب الخليج الثانية، وتدخل الدول الغربية ضد نظام صدام حسين في العراق بعد احتلاله لدولة الكويت، وما أحدثه هذا التدخل من انقسام عربي عربي، صب في صالح المشروع الإيراني، خاصة بعد القبض على صدام حسين، ثم محاكمته وإعدامه، وتسليم العراق لإيران، وإثارة النعرات المذهبية والطائفية.
 
متاهة اليمن
 
لعل أدق توصيف للحالة الراهنة التي تمر بها الأزمة اليمنية هو تشبيهها بـ"المتاهة"، وذلك لصعوبة الوضع السائد في البلاد من مختلف الجوانب، ذلك أن تفرعات الأزمة اليمنية وتعدد اللاعبين المحليين والإقليميين أفرز وضعاً كارثياً من الصعب مواجهته ومعالجة آثاره خلال فترة زمنية قصيرة، وهذا الأمر يصب في خدمة المشروع الإيراني، وإذا لم تنتصر إيران ولا دول الخليج في اليمن، فإن استمرار المواجهات يعني أن الخاسر الأكبر هي دول الخليج، لأن إيران ستكون قد نجحت في تخفيف الضغوط الخليجية على حلفائها في العراق وسوريا ولبنان.

ورغم ذلك، إلا أن أقصر الحلول بالنسبة لدول الخليج لتحقيق الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن يتمثل في التدخل العسكري المباشر وتحرير العاصمة صنعاء وغير ها من المدن التي يسيطر عليها الانقلابيون، بنفس الخطة التي تم تحرير مدينة عدن بها، ثم دعم السلطة الشرعية حتى تتمكن من بسط نفوذها على كامل  تراب الوطن، بما يمكنها من تحجيم دور كل الأطراف العميلة لإيران، ثم تأهيل اليمن حتى تنهض وتتحول إلى دولة حليفة لدول الخليج في مواجهة النفوذ الإيراني، واستثمار الإمكانيات البشرية اليمنية في مواجهة النفوذ الإيراني في الخليج ودول شمال شبه الجزيرة العربية.
 
ولعل ما يؤكد أن اليمن تعتبر الجبهة الأهم بالنسبة لدول الخليج في صراعها مع إيران، تخاذل الدول الغربية الحليفة لها عن دعمها، بل وممارسة الضغوط عليها بما يخدم المشروع الإيراني التوسعي، بالإضافة إلى عدم استعداد الدول العربية السنية الكبرى لمواجهة إيران والتحالف مع السعودية وبقية دول الخليج في مواجهتها، مثل مصر والجزائر وغيرها.
 
وبالتالي، فاليمن تعد أكثر بلد مستعد لمواجهة النفوذ الإيراني، لأنه سبق له الاكتواء بناره، وهذا الأمر يتطلب من دول الخليج انتزاع اليمن من مخالب النفوذ الإيراني، وتأهيله بالشكل الذي يجعل منه دولة حليفة لدول الخليج في صراعها مع الفرس، بما يمتلكه من إمكانيات بشرية هائلة، بالإمكان تدريبها وتزويدها بالسلاح، لتقف صداً منيعاً أمام أذناب وعملاء إيران في اليمن والخليج وشبه الجزيرة العربية بشكل عام.
 


التعليقات