حراك المناسبات.. هل سينجح في تحقيق انفصال جنوب اليمن؟ (تحليل خاص)
- عبدالسلام قائد السبت, 03 ديسمبر, 2016 - 10:43 مساءً
حراك المناسبات.. هل سينجح في تحقيق انفصال جنوب اليمن؟ (تحليل خاص)

[ عدن- ارشيفيه ]

شهدت مدينة عدن، يوم الأربعاء الماضي، حشداً جماهيراً لأنصار الحراك الجنوبي الانفصالي، بمناسبة الذكرى الـ49 لجلاء آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن، ورفع المحتشدون أعلام دولة الجنوب سابقاً، رغم أن المناسبة ارتبطت بظروف رحيل الاحتلال البريطاني، ولا علاقة لها بمطالب الانفصال.
 
وخلال السنوات الأخيرة، تعمد بعض فصائل الحراك الجنوبي إلى استغلال المناسبات الوطنية الخاصة بجنوب اليمن قبل الوحدة للترويج لمطالب الانفصال، فما الذي يعنيه ذلك؟ وهل حراك المناسبات قادر على تحقيق الانفصال؟ ولماذا لم يعلن الجنوبيون الانفصال بشكل رسمي رغم أنه بات في حكم الواقع؟ وما هي عوائق تحقيق الانفصال؟ وأي مستقبل ينتظر جنوب اليمن بعد ما شهدته اليمن ومحيطها الإقليمي من تحولات سياسية وعسكرية؟
 
دليل الفشل
 
مما لا شك فيه، أن استغلال فصائل الحراك الجنوبي الانفصالي للمناسبات الوطنية لحشد الجماهير والترويج لمطالب الانفصال، يعكس فشل هذه الفصائل، ذلك أن استغلال القيمة المعنوية للمناسبات الوطنية، يؤكد أن هذه الفصائل غير قادرة على حشد الجماهير في الأيام الأخرى طوال العام، وأنه لا يوجد الحماس المطلوب للانفصال في أوساط المواطنين.
 
وهذا الأمر لا يمكن تبريره بالمزاج العام لدى المواطنين الجنوبيين، بأنهم يكتفون بالتعبير عن مطالبهم في الانفصال في المناسبات الوطنية فقط، فخلال العام 2011، شهدت مدن عدن والمكلا وسيؤون احتجاجات متواصلة تزامناً مع ثورات الربيع العربي، استمرت لعدة أشهر متواصلة، فيما فصائل الحراك الجنوبي المختلفة عجزت طوال أكثر من سبع سنوات أن تقيم فعالية احتجاجية لمدة شهر أو أسبوع للدعوة الانفصال، رغم الفرق الشاسع بين أن تطالب بإسقاط رئيس فاسد أو أن تطالب بانفصال جزء من البلاد.
 
يدرك زعماء فصائل الحراك الجنوبي طبيعة الأوضاع الحالية، محلياً وإقليمياً، وما تشكله من عوائق أمام إعلان الانفصال، لكنهم حريصون على استغلال المناسبات الوطنية للترويج والحشد لمطالب الانفصال بغرض ابتزاز الأطراف الأخرى، ولتسجيل حضور إعلامي.
 
وبما أن مطالب الانفصال تلقى رواجاً في أوساط الفئات المهمشة، لكن حالة الشك، والخوف من المجهول، واجترار خلافات وصراعات الماضي بين فصائل الحراك المختلفة، وتدهور الأوضاع الأمنية، وتنامي دور الجماعات الإرهابية أو المتشددة، وظهور جماعات وشخصيات بارزة معارضة للانفصال في حضرموت والمهرة ومؤيدة لفكرة الأقاليم الفيدرالية، بل وتهدد بانفصال حضرموت عن الجنوب في حال تم الانفصال، وعدم وجود تأييد إقليمي أو دولي لمطالب الانفصال، بل فهناك توجه إقليمي للحفاظ على الوحدة اليمنية، كل ذلك يشكل عوائق كبيرة أمام مطالب الانفصال، ويبرز مقابل ذلك فكرة الأقاليم الفيدرالية، كأفضل صيغة حكم للتوزيع العادل للسلطة والثروة، للحد من همينة المركز وما يثيره من أزمات سياسية من جانب، وللحفاظ على الوحدة الوطنية من جانب آخر.
 
أخطاء الحراكيين
 
تمثل الأخطاء التي ارتكبتها فصائل الحراك الجنوبي المختلفة أبرز عوائق الانفصال، من أهمها، أن هذه الفصائل لم تحمل رؤية جديدة تنطلق بها نحو المستقبل، وتكسب بها ثقة الجماهير، وتلهب حماسهم للانفصال، ولكنها حملت أفكاراً من الماضي، واجترت معها صراعات الماضي، وزاد من سوأة ذلك، أنه تم تعيين قيادات لهذه الفصائل ملوثة بصراعات الماضي، ولا تتمتع بكاريزما القيادة، وليس لديها شعبية في مختلف محافظات الجنوب، وبرز الصراع فيما بينها على قيادة الحراك بشكل عام، واستهلكت الصراعات البينية معظم الجهود التي كان يفترض أن تبذل للمطالبة بالانفصال.
 
اندلعت ثورات الربيع العربي أواخر العام 2010 (الحالة التونسية) وبداية العام 2011 (مصر واليمن وسوريا وليبيا)، وكان الحراك الجنوبي الانفصالي في ذلك الوقت في ذروة حماسه، لكنه همد فجأة، ذلك أن طبيعة شعارات ومطالب هذه الثورات سببت إحراجاً كبيراً لفصائل الحراك، ففي الوقت الذي يطالب فيه الشباب في عدة بلدان عربية برحيل زعمائهم ومحاكمتهم، كانت بعض فصائل الحراك الجنوبي ترفع صور علي سالم البيض وتطالب بعودته ليحكم الجنوب، حيث بدا وكأن فصائل الحراك تسبح عكس التيار.
 
وبعد أن خفت جذوة ثورات الربيع العربي، واتخذت مسارات مختلفة من بلد لآخر، وبدأت الثورات المضادة بالظهور، وبروز الحالة الطائفية بقوة في الجوار الإقليمي المحيط باليمن، اكتشفت بعض وأهم فصائل الحراك الجنوبي أنها أخطأت في تحالفها مع إيران، وأن هذا الخطأ دفع دول الخليج ودول التحالف العربي المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" بقيادة السعودية، إلى معارضة مطالب الانفصال، بسبب الاختراق الإيراني لفصائل الحراك الجنوبي، وما يشكله ذلك من تهديد أمني لدول الجوار يضاف إلى التهديد الذي يشكله تحالف الانقلابيين (المخلوع علي صالح والحوثيين).
 
قوة غير فعالة
 
اكتشف الحراكيون الانفصاليون أنهم قوة غير فعالة على الأرض، فخلال سبع سنوات وأكثر لم يتمكنوا من تنظيم فعالية احتجاجية لمدة شهر أو أسبوع، فيما استطاع شباب حزب الإصلاح في الجنوب وغيرهم الاحتشاد بشكل دائم أكثر من عام للمطالبة برحيل علي صالح من السلطة.
 
وخلال سبع سنوات وأكثر، لم يستطع الحراكيون الانفصاليون طرد حتى كتيبة عسكرية واحدة موالية للمخلوع علي صالح، فيما المقاومة الشعبية، التي ينتمي أغلبها عناصرها لحزب الإصلاح وجماعات غير انفصالية، وبدعم عسكري من دول التحالف العربي، استطاعت طرد أعتى الألوية العسكرية الموالية للمخلوع علي صالح من الجنوب، وطرد ميليشيات الحوثيين المتحالفة معها.
 
وهكذا، يمكن القول إن الحراك الجنوبي الانفصالي تحول إلى ظاهرة إعلامية في المناسبات، والترويج للعنصرية والمناطقية التي يتضرر منها المواطنون الشماليون البسطاء الذي يعملون أو يقيمون في بعض مدن الجنوب.
 
وبعد الفعالية الانفصالية التي تمت في عدن، يوم الأربعاء الماضي، سينتظر الحراكيون الانفصاليون حتى تأتي مناسبة أخرى للخروج في ذات المكان، وترديد نفس الشعارات، لساعات قليلة، وسيعودون إلى منازلهم حتى تأتي مناسبة أخرى، وهكذا!!
 


التعليقات