الأبعاد النفسية لإعلان الانقلابيين في اليمن تصنيع طائرات بدون طيار (تحليل)
- عبد السلام قائد الاربعاء, 01 مارس, 2017 - 04:40 مساءً
الأبعاد النفسية لإعلان الانقلابيين في اليمن تصنيع طائرات بدون طيار (تحليل)

[ يعتقد الانقلابيون أن الإعلان عن تصنيع طائرات بدون طيار سيؤثر نفسيًا على الطرف الآخر ]

أعلن الانقلابيون في اليمن (تحالف المخلوع صالح والحوثيين)، الأحد الماضي، عن تصنيع طائرات حربية واستطلاعية بدون طيار، وأطلقوا عليها أسماء "الراصد"، و"الرقيب"، و"الهدهد"، وذلك بعد أيام قليلة من كلمة لزعيم ميليشيات الحوثيين عبد الملك الحوثي قال فيها بأن مسلحيه سيستخدمون "الولاعات" في المعركة إذا نفد سلاحهم، وتحول ذلك إلى مادة للتنكيت على الجماعة وزعيمها في مواقع التواصل الاجتماعي.
آ 
غرابة إعلان الانقلابيين تصنيع هذا النوع من الطائرات تكمن في عدم امتلاك اليمن إطلاقًا لخبراء وتكنولوجيا وقدرات علمية لتصنيع هذا النوع من الطائرات، بل فاليمن لا تمتلك حتى قدرات لتصنيع مواد استهلاكية أو كمالية بسيطة ولا تحتاج لقدرات وخبرات تكنولوجية، مثل إبر الخياطة ولعب الأطفال والألعاب النارية وغير ذلك.
آ 
لكن الواضح أن هذا الإعلان يحمل أبعادًا ودلالات نفسية تعكس أثر تحولات سير المعارك لصالح السلطة الشرعية، وتعكس أيضًا تحولات العلاقات الدولية بعد التطورات التي شهدتها الأزمة السورية، والموقف المتشدد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد إيران، ومحاولة إيران تحسين علاقتها مع دول الخليج، والتأثير النفسي لكل ما سبق ذكره على طرفي الانقلاب. وفي ما يلي الدلالات والأبعاد والنفسية للإعلان المذكور.
آ 
- صرف الأنظار عن "حديث الولاعة": لا شك أن قيادات تحالف الانقلاب ساءها ما أورده عبد الملك الحوثي في آخر خطاب له من استعداد مسلحي جماعته إحراق الدبابات السعودية بـ"الولاعات"، ذلك أن التلويح باستخدام "الولاعات" يعني لدى الطرف الآخر -من الناحية العسكرية- أن الانقلابيين في الرمق الأخير، وأن ما تبقى لديهم من أسلحة لم تعد تكفي لمواصلة المعركة، ولذلك كان التلويح باستخدام "الولاعات" كنوع من التحدي لتعويض الهزيمة النفسية بسبب نقص الأسلحة.
آ 
كما أن التلويح باستخدام "الولاعات" أثار سخرية الناشطين السياسيين والحقوقيين والإعلاميين بشكل مبالغ فيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أزعج قيادات الانقلاب، ولهذا جاء الإعلان عن تصنيع الطائرات بدون طيار لصرف الأنظار عن السخرية من عبد الملك الحوثي، باعتباره شخصية مقدسة بالنسبة للانقلابيين، واستمرار السخرية منه تحط من قدره بين أتباعه، بحسب اعتقادهم.
آ 
- تبرئة إيران من تهمة تزويد الانقلابيين بالأسلحة المختلفة: جاء إعلان الانقلابيين عن تصنيعهم لطائرات بدون طيار بعد أيام من تمكن دفاعات التحالف العربي في مأرب من إسقاط طائرة بدون طيار يُعتقد أنها تابعة للانقلابيين، ووُجهت اتهامات لإيران بتهريب طائرات من هذا النوع إلى اليمن، وأنه يتم تسييرها عن طريق خبراء إيرانيين في اليمن يعملون مع الانقلابيين.
آ 
ولهذا، فالانقلابيون أعلنوا عن تصنيع هذا النوع من الطائرات بغرض تبرئة حليفتهم إيران من تهريبها لهم، وذلك بغرض إبعادها عن المساءلة القانونية والأخلاقية جراء ذلك، بالإضافة إلى التخفيف من حدة المواقف المتشددة إزاءها من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واتهامه لها بدعم الجماعات الإرهابية.
آ 
- تعويض الهزائم النفسية للمقاتلين: لا شك أن الميليشيات المسلحة للانقلابيين تمر بحالة من الانهزام النفسي، بسبب التطورات الميدانية في غير صالحهم، لاسيما وأنهم يتكبدون خسائر فادحة في العتاد والأرواح في مختلف الجبهات، بالإضافة إلى تحولات العلاقة الدولية، والحديث عن توقف إيران عن دعم الحوثيين مقابل ترميم علاقتها بدول الخليج، وعلى رأسها السعودية.
آ 
ومن أجل رفع معنويات مسلحي الميليشيات الانقلابية، كان الإعلان عن تصنيع طائرات بدون طيار، والمبالغة في الحديث عن مواصفاتها وقدراتها الاستطلاعية والهجومية، وذلك حتى لا تنهار الميليشيات بشكل مفاجئ وغير متوقع، بسبب حالة الإنهاك التي تمر بها في مختلف الجبهات.
آ 
- التشويش على جهود الحل السياسي ومحاولة تحسين الشروط التفاوضية: يعتقد الانقلابيون أنه بإعلانهم القدرة على تصنيع طائرات بدون طيار بأن ذلك سيؤثر على جهود الحل السياسي، وأن هذا التأثير سيحسن من شروطهم التفاوضية في حال أبدى الطرف الآخر مرونة بخصوص المفاوضات، ذلك أن السلاح والقدرة على الردع سيجعل الطرف الآخر يعيد التفكير بخصوص مواقفه المتصلبة بشأن الحل السياسي.
آ 
- الحرب النفسية: يعتقد الانقلابيون أن الإعلان عن تصنيع طائرات بدون طيار سيؤثر نفسيًا على الطرف الآخر، أي أن الإعلان يأتي في سياق الحرب النفسية والإعلامية، خاصة في ظل تراجع القدرة التسليحية للانقلابيين، وانكماش سيطرتهم على الأرض يومًا بعد آخر، حتى وإن كان ذلك بشكل بطيء.
آ 
وإجمالًا، فالإعلان عن تصنيع الطائرات المذكورة يعكس مدى المأزق النفسي للانقلابيين، الناجم عن الهزائم العسكرية في الميدان، وفقدان الأمل في تحقيق النصر والسيطرة على البلاد بشكل كامل، فضلًا عن اليأس من إمكانية لعب دور كبير ومؤثر في مستقبل البلاد.
آ 
ولو افترضنا أن الانقلابيين يمتلكون طائرات بدون طيار بالفعل، تم تهريبها لهم من إيران، فهذه الطائرات ليس لديها قدرات عسكرية لتحقيق تحول عسكري لصالح الانقلابيين، لأنه بمجرد أن يتم تسيير طائرة للقيام بمهمة ما، سيتم إسقاطها من قبل دفاعات التحالف العربي قبل أن تنفذ مهمتها، والنتيجة مزيد من الخسائر بدون فائدة تذكر.
آ 


التعليقات