معركة الحديدة بين ترتيبات الانطلاق ونذر المواجهة
- ياسين العقلاني الاربعاء, 12 أبريل, 2017 - 12:23 صباحاً
معركة الحديدة بين ترتيبات الانطلاق ونذر المواجهة

[ ميناء الحديدة ]

الاستعدادات العسكرية واللوجستية لتحرير ميناء ومدنية الحديدة جاهزة من قبل نحو شهر تقريباً، فقد دفع الجيش الوطني بقوة عسكرية ضخمة تضم دبابات وعربات ومدفعية وأسلحة مختلفة، وبدأت قوات التحالف تلمح لبدء العملية العسكرية، وفعلاً كان الجيش الوطني قد توغل في قرى تابعة للحديدة.
 
ولكن توقفت لسببين:
 
أولا: لا زالت المليشيات تسيطر على معسكر "خالد" والذي يمثل مركزا لإدارة العمليات العسكرية، ولا زال يحتوي على مخازن أسلحة، وهو ما يستدعي السيطرة عليه وقطع الطريق الرابط بين تعز والحديدة لتأمين ظهر الجيش الذي سيتوجه إلى هناك.
 
ثانياً: مارست الأمم المتحدة ضغوطات على التحالف لوقف العملية العسكرية بمبرر أن الميناء يمثل الشريان الوحيد الذي يمد اليمنيين بالاحتياجات الإنسانية، كما أعربت موسكو عن قلقها من خطط التحالف العربي لاقتحام الميناء بحجة أنه سيمنع إيصال المساعدات الإنسانية إلى صنعاء.
 
أعقب بيان الخارجية الروسية دعوة وجهها الناطق باسم التحالف العربي اللواء أحمد عسيري للأمم المتحدة طالبها بالإشراف على عمل الميناء، وكانت هذه الدعوة خطوة ذكية من التحالف العربي الذي رمى بالكرة في ملعب الأمم المتحدة، وأوقعها في موقف محرج ووضعها أمام خيارين، إما تتسلم الميناء، وإلا عملية عسكرية، ولكن الأمم المتحدة رفضت تلك الدعوة.
 
بعد ذلك انتقد عسيري قرار الأمم المتحدة عبر شاشة قناة الجزيرة، وقال إن ميناء الحديدة تحول تحت سيطرة الحوثيين إلى قاعدة عسكرية ومنطلقا لهجمات على خطوط الملاحة في البحر الأحمر، معتبرا أن إشراف الأمم المتحدة على الميناء سيسهل وصول الإمدادات الإنسانية إلى الشعب اليمني، ويمنع استخدامه في تهريب الأسلحة والإتجار بالبشر.
 
توالت التصريحات لعسيري وقيادات الجيش الوطني ومسؤولين في الحكومة الشرعية تتحدث عن ضرورة تحرير ميناء الحديدة لما يمثل ذلك من أهمية إستراتيجية لحماية ممرر التجارة العالمية، والتأكد من وصول الإغاثية لليمنيين، كما دعت دولة الإمارات أمريكا للمشاركة في العملية العسكرية، معتبرة أن بقاء الميناء تحت سيطرة الانقلابيين يمثل تهديداً للإقليم والعالم.
 
قبل خمسة أيام تقريباً قال المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ في كلمة بمعهد الشرق الأوسط بواشنطن إن الأمم المتحدة لا تؤيد عملية عسكرية في ميناء الحديدة، وفي نفس الوقت اشار إلى إنه يحق للسعودية والإمارات الشعور بالقلق من استمرار واردات الأسلحة عبر الحديدة، وفرض الحوثيين ضرائب غير قانونية على الواردات التجارية، وقال أيضاً ينبغي أن "يؤخذ في الاعتبار ضرورة تجنب المزيد من التدهور في الوضع الإنساني".
 
وبما أن العملية العسكرية باتت أمراً ضرورياً، وقراراً لا رجعة عنه، يتطلب تجهيز موانئ بديلة لاستقبال السفن التجارية والإغاثية، وإزالة المبررات التي تتخذها الأمم المتحدة لإعاقة العملية العسكرية، بدورها أعلنت الحكومة تجهيز ثلاثة مونئ (عدن، المكلا، والمخا) إضافة إلى منفذ الوديعة البري.
 
اليوم بدأت قوات الجيش الوطني بعملية عسكرية شمال المخا وتمكنت من السيطرة على سلسلة جبال وتقدمت إلى تخوم معسكر "خالد" وفرضت عليه حصاراً من عدة جهات بعد أن قصفته مقاتلات التحالف بسلسلة غارات، وسبق هذه العملية عملية أخرى قبل يومين نفذتها قوات التحالف العربي وسيطرت على جزر محاذية لميناء الحديدة.
 
وهنا نستطيع القول إن قوات التحالف العربي قد امتصت الضغوطات الأممية، وأزالت المخاوف والحجج التي اتخذتها الأمم المتحدة لعرقلة أي عملية عسكرية، وبدورها الحكومة بعثت رسائل تطمئن المجتمع الدولي من خلال اتخاذ إجراءات تجهيز موانئ بديلة.
 
إذن عملية تحرير ميناء الحديدة بدأت فعلياً اليوم، فيما المليشيات الانقلابية بعثت برسالة للأمم المتحدة تستجدي التدخل لوقف العملية العسكرية التي ستنزع قوتهم وستقطع آخر شريان يغذيهم ويمدهم بالسلاح الإيراني، وستحشرهم في جبال صنعاء متقهقرين مشردين وتجعلهم على حافة السقوط وأيما سقوط.
 
ربما خلال الأيام القليلة القادمة قد تحكم قوات الجيش سيطرتها على معسكر خالد، وتطهر المناطق الواقعة بين تعز والحديدة، لتنتقل المعركة فعلياً إلى الحديدة، وفقاً للخطط المرسومة، والإستراتيجية المحددة، والخيارات المطروحة على طاولة قادة التحالف والجيش الوطني، وقريبا سيعلن موت الانقلاب سريرياً.
 


التعليقات