[ سقاف الكاف عضو هيئة الإفتاء الحوثية والمفتي الحوثي شمس الدين محمد ومحمد علي مرعي ]
في إطار عمليات الفرز المذهبي في اليمن، تمكنت السلطة الدينية في إيران من دفع جماعة الحوثي إلى تقديم هيئة إفتاء يترأسها مفتي (الديار) شيعي (اثنى عشري) ينضح بكم كبير من الطائفية المقيتة، ولا يبدو أن حزب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح يملك حق الرضى أو الرفض، إلا بتسريب صحفي صغير يشير إلى تراجع حليفه عن تشكيل تلك الهيئة الطائفية.
آ
بغض النظر إن كان الحوثيون قد تراجعوا عن القرار أم لا، فمن الواضح أن الأسماء المُعلنة في تلك الهيئة هي من تقوم بعملية التوجيه وتقديم الفتاوى لليمنيين والدفع بهم إلى جبهات القتال من أجل محاربة إخوانهم اليمنيين وفق عَقيدة طائفية - سلالية تؤمن بالعنف كطريق آمن لنيل السلطة وثراء القادة المُختبئين.
آ
خلفية رئيس الهيئة وأعضائها
ولمعرفة هذه الهيئة فهم ستة، الأول هو شمس الدين محمد شرف الدين، وهو رئيس رابطة علماء اليمن (حوثية) ومسؤول جمع التبرعات والأموال من الحوزات الإيرانيَّة والشيعية في العالم العربي منذ عام 2012، وكان له دور بارز في جمع الأموال -إلى جانب تهريب السلاح- لجماعة الحوثي أثناء الحروب الستة ضد نظام علي عبدالله صالح (الحليف الحالي للحوثيين). الثاني في القائمة هو سهل إبراهيم عقيل، ويعتبره الحوثيون مفتي تعز، والتحق بالحوثيين قبل سقوط صنعاء ومحسوب على الصوفية وعمره قرابة (100 عام). الثالث، محمد علي مرعي، ويحسب كواحد من مشائخ الصوفية بالحديدة ومقرب من علي عبدالله صالح وأحد المنظرين لعملية قتل المتظاهرين في المحافظات اليمنية عام (2011)، ويمكن مشاهدة مقاطع فيديو على الإنترنت لتصريحاته للتلفزيون الرسمي في تلك الفترة. الرابع على القائمة يدعى محمد عبد الله عوض ولقبه "الضحياني"، ولا توجد معلومات كثيرة عن الرجل، لكن يبدو من نهاية اسمه أنه من منطقة ضحيان التابعة لمحافظة صعدة معقل الحوثيين. الخامس، يونس محمد المنصور، وهو نجل العلامة محمد بن علي المنصور، وهو شاب في الثلاثينات من العُمر. وأخيراً، محمد سقاف الكاف، ويحسب على "الصوفية" ويظهر بشكل دائم في وسائل الإعلام الإيرانيَّة.
آ
هؤلاء الستّة يقودون حملات في اليمن من أجل قِتال من يصفونهم بالخوارج، أنصار معاوية ضد الحسين بن علي (معركة تاريخية حدثت قبل 1400 عام)، وينضوون تحت ما يسمى "رابطة علماء اليمن" والتي أسسها الحوثيون ويتحرك المحدثون والمفتون التابعون للجماعة في إطارها.
زار شمس الدين شرف الدين خلال العامين الأخيرين معظم الحوزات الشيعية في الوطن العربي وإيران، والتقى بكبار علماء الشيعة "الاثنى عشرية" المسؤولين عن تصدير الطائفية إلى منطقة شبه الجزيرة العربية، ورافقه في معظم زياراته "المنصور" و"الكاف"، وشاركوا العام الماضي في المؤتمر الإسلامي المنعقد في إيران، وتقدر عدد زياراتهم إلى إيران وحدها خلال العام الماضي (8) زيارات. وبقوا عدة أشهر متنقلين بين العراق ولبنان وإيران وزيارة واحدة إلى العاصمة الروسية (موسكو).
آ
هدف إيران من تشكيل هيئة الإفتاء
من خلال ظهور الأسماء في هذه الهيئة التي يبدو أن تشكيلها وإعلانها كان "إيرانياً"، تظهر السلطة الدينية في إيران عازمة بشكل أكبر على زيادة الشرخ الاجتماعي في البلاد، أفقياً بشكل مذهبي، ورأسياً بشكل مناطقي. فعلاوة على أن هذه الأسماء هي "شيعيّة" الفكر والعقيدة بما فيها الثلاثة الأسماء الصوفية وتدين بالولاء لإيران، فإن هذه الأسماء محسوبة على المحافظات الشمالية ولم تتضمن اسماً جنوبياً.
آ
وتحاول إيران دفع علماء اليمن (الحقيقيين) إلى تشكيل هيئة إفتاء موازية للحوثيين لزيادة عملية الشرخ الاجتماعي والمذهبي في البلاد، ويبدو أن اتحاد علماء اليمن لم ينجر إلى الرغبة الإيرانيَّة ولم يعطِ لهذا الموضوع اهتماماً.
سيكون على عاتق هذه الأسماء (الستة) العمل بجد من أجل دفع المقاتلين إلى الجبهات بالفتاوى المذهبية والتقسيمات العِرقية من أجل إدامة التدخل الإيراني في اليمن لمدة طويلة، وتهيئة المجتمع لعملية فرز طويل الأجل كحاضنة أكبر وأوسع لإيران.
آ
كما أن إيران تعتقد أن وجود هيئة إفتاء سيمكنها من السيطرة على جماعة الحوثي -بما فيهم أنصار صالح- بكسب "الرساليين" في حال حدث شرخ داخل جماعة الحوثي أو داخل تحالف الانقلاب نفسه لتخفيف الأضرار الناجمة عن ذلك الشرخ فيما يتعلق بدور إيراني أكبر في اليمن يبدو أن معالمه بدأت تتضح أكثر وأكثر كلما فقدت إيران أوراقاً أخرى في المنطقة تبعاً لتغيرات إقليمية ودولية.
آ