عمال النظافة في صنعاء.. حقوق مصادرة وحرمان مستمر (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 09 مايو, 2017 - 04:47 مساءً
عمال النظافة في صنعاء.. حقوق مصادرة وحرمان مستمر (تقرير)

[ أكوام من القمامة ارتفعت وسط حارات العاصمة صنعاء ]

غرقت شوارع صنعاء وحاراتها بين أكوام كبيرة من مخلفات القمامة، وأصبحت العاصمة مهددة بأكبر كارثة بيئية في تاريخها، بعد أن أعلن عمال النظافة الإضراب عن العمل احتجاجا على انقطاع رواتبهم الزهيدة منذُ أكثر من ثلاثة أشهر.
 
وتزامن تراكم القمامة والمخلفات مع سقوط الأمطار التي بدورها بللت أكياس القمامة، مما يزيد من تراكم البعوض والجراثيم التي تتسبب في نقل الأمراض المعدية للسكان.
 
ويأتي تراكم مخلفات القمامة بصنعاء في الوقت الذي توفي فيه كثير من الأشخاص نتيجة إصابتهم بوباء الكوليرا في العاصمة صنعاء، وظهور العشرات من حالات الإصابة.
 
ويوجد في العاصمة صنعاء، التي تخضع لسيطرة مسلحي الحوثي منذ أواخر العام 2014، 3200 موظف وعامل في مجال النظافة يعملون كل يوم حوالي 16 ساعة ويتقاضون مقابل ذلك مبلغا زهيدا يقدر بحوالي 30 ألف ريال يمني.
 
وتعالت التحذيرات من عدة جهات من كارثة بيئية وشيكة في مدينة صنعاء، نتيجة استمرار إضراب عمال النظافة والبلديات، وتوقف أعمال النظافة ورفع المخلفات وتكدس القمامة في شوارع وأحياء المدينة.
 
وتقابل سلطات الانقلاب في صنعاء كل ما يجري من تحذيرات ومناشدات بصمت مطبق، ولم تكلف نفسها البحث عن حلول عاجلة لكارثة بيئية تهدد صنعاء التي يقطنها ما يقارب أربعة مليون مواطن من جميع المحافظات اليمنية.
 
دموع حزينة وقهر
 
يقول عامل النظافة "مصلح" البالغ من العمر 35 عاما، والذي يعيل أكثر من 5 أطفال وزوجته ويسكن في منزل شعبي يتكون من غرفتين بمنطقة الصافية جنوبي صنعاء، إن وضعه المعيشي أصبح متدهورا والجوع يطارد أسرته بعد أن قُطع راتبه المتواضع الذي كان يساعد أسرته على البقاء.
 
وأشار مصلح -في تصريح لـ"الموقع بوست"- إن الحالة المتدهورة التي وصل إليها وجميع زملائه من عمال النظافة تسبب فيها من نهبوا المال العام ولم يتركوا حتى راتب عامل النظافة الذي ينظف حاراتهم من مخلفاتهم الكبيرة والعشوائية.
 
وأضاف "الآن يوقفون حقوقنا البسيطة، وها هي شوارع صنعاء تعج بالقمامة والمخلفات، بسبب سياساتهم العوجاء والأمراض بدأت تنتشر بشكل كبير".
 
مصلح أبدى استياءه كثيرا من الأخبار التي يسمعها عن انتشار المرض وهو يتمني أن يمارس عمله في أي وقت حفاظا على بلده ومدينته من انتشار الأوبئة والأمراض القاتلة.
 
وتحدث مصلح بنبرة حزينة قائلا "لقد وصلنا إلى حد لم نعد نطيق العيش فيه"، مشيرا إلى أن زوجته أصبحت في معظم الأيام تبحث كل يوم في كل مكان عن العمل أو الاستعانة بفاعلي الخير لإنقاذهم من ضنك العيش.
 
دمعت عينا مصلح وهو يتحدث عن معاناة زوجته وتضحياتها وأجهش بالبكاء، لكنه استدرك قائلا "إن الله على كل شيء قدير وهو العالم بما نعاني وسيرحمنا في القريب العاجل".
 
من يتحمل المسؤولية؟
 
قال مسؤول في قطاع البلديات والبيئة بأمانة العاصمة صنعاء إن "تراكم المخلفات في شوارع وأحياء العاصمة صنعاء جاء نتيجة إضراب العاملين في قطاع البلديات والبيئة بسبب عدم صرف مرتباتهم المتدنية والزهيدة والتي لا تفي بمتطلبات الحياة".
 
وأكد في تصريح لـ"الموقع بوست" أن إضراب العمال يأتي بسبب تجاهل الجهات المسؤولة في وزارة المالية والبنك المركزي مطالب صرف رواتبهم رغم تحصيل المبالغ المالية من موارد السلطة المحلية وصندوق النظافة الي البنك المركزي.
 
وحمل القطاع المسؤولين في صنعاء المسؤولية الكاملة عن أي كارثة بيئية وصحية، التي قد تحصل نتيجة انتشار الأمراض والأوبئة والحشرات والبعوض والبكتيريا وانبعاث الروائح الكريهة في شوارع وأحياء العاصمة صنعاء، التي تحتضن ما يقارب أربعة مليون مواطن من جميع محافظات الجمهورية.
 
وأكد أن حكومة تحالف الانقلابيين في صنعاء لم تبدِ أي تفاعل مع الإضراب أو البحث عن حلول تسعى من خلالها لإنقاذ صنعاء من الأوبئة والأمراض.
 
وناشد سلطات الأمر الواقع في صنعاء بسرعة صرف مرتبات ومستحقات العاملين في قطاع البلديات والبيئة دون تأخير حفاظاً على الصحة والسلم الاجتماعي للمواطنين في العاصمة صنعاء، خاصة ونحن في موسم الأمطار وانتشار وباء الكوليرا.
 
تحذير من كارثة بيئية
 
وكانت السلطة المحلية الخاضعة لسيطرة الميليشيات في أمانة العاصمة صنعاء قد حذرت من كارثة بيئية وصحية وشيكة في مدينة صنعاء نتيجة استمرار إضراب عمال النظافة والبلديات، وتوقف أعمال النظافة ورفع المخلفات وتكدس القمامة في شوارع وأحياء المدينة.
 
وأكد أمين العاصمة في حكومة تحالف الإنقلابيين أمين محمد جمعان -في تصريح صحفي- أن أسباب هذا التوقف يأتي لعدم دفع رواتب عمال النظافة للشهر الثالث على التوالي، واستجابة لدعوة النقابة العامة للبلديات والإسكان للإضراب الشامل حتى تصرف رواتب العمال من وزارة المالية و البنك المركزي.
 
واعترف جمعان أن العاصمة صنعاء تشهد تردياً كبيراً في خدمات النظافة البيئية والعامة نتيجة عدم تجاوب وزارة المالية والبنك المركزي في صرف مرتبات عمال النظافة.
 
وحذر من تفاقم الوضع الصحي في حال استمر إضراب موظفي وعمال النظافة وما سينتج عن ذلك من تداعيات بيئية وصحية كبيرة على سكان صنعاء.
 
وحمل من تسبب في عدم صرف مرتباتهم، المسؤولية الخاصة إزاء انتشار حالات الإصابة بمرض الكوليرا في أمانة العاصمة هذه الأيام مع دخول فصل الصيف وموسم الأمطار، مما يجعل البيئة حاضنة لنقل عدوى الإصابة بمرض الكوليرا الخطير بشكل كبير وسريع بين أوساط المجتمع.
 
وأشار إلى أهمية سرعة صرف مرتبات عمال النظافة البالغ عددهم 3200 موظف وعامل ومستحقات الأجور الإضافية لثلاثة أشهر، كون عامل النظافة يعمل لـ16 ساعة يومياً حتى في أيام الإجازات.
 


التعليقات