مساعٍ دولية للحوار مع الحوثيين في اليمن.. هل ستقلل من فرص الحسم العسكري؟ (تقرير)
- خاص الإثنين, 18 ديسمبر, 2017 - 05:00 مساءً
مساعٍ دولية للحوار مع الحوثيين في اليمن.. هل ستقلل من فرص الحسم العسكري؟ (تقرير)

[ مصادر تحدثت عن وصول مرتقب لنائب المبعوث الأممي إلى اليمن للقاء الحوثيين ]

بعد انقضاء تحالف الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، ولجوء المليشيات للعنف لإرهاب كل صوت مناوئ لها، فضلا عن عدم امتثالها للقرارات الأممية أبرزها قرار 2216، الذي يؤكد دعم مجلس الأمن للشرعية ولجهود مجلس التعاون الخليجي، يكثف المجتمع الدولي مساعيه لفتح صفحة من الحوار مع المليشيات.
 
وقالت مصادر سياسية يمنية، إن الأمم المتحدة سترسل خلال أيام نائب مبعوثها الخاص إلى اليمن معين شريم للقاء قيادات الحوثيين في صنعاء، للحديث حول خطة سلام تتضمن مشاركة الجماعة في حكومة وحدة وطنية مقابل تسليم أسلحتها البالستية إلى طرف محايد.
 
وفي حين لم تؤكد مليشيات الحوثي تلك الزيارة، إلا أن مسؤولا فيها أبدى ترحيب جماعته بأي جهود من شأنها وقف ما وصفه بالعدوان والتوصل إلى تسوية عادله وشاملة للأزمة، بحسب إذاعة مونت كارلو الدولية.
 
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، كان قد أكد أن حل الأزمة اليمنية لن يتم إلا بالحوار السياسي، وأن بلاده تبحث مع دول أخرى إمكانية التوصل إلى عملية سلام.
 
وأثارت تلك التصريحات ردود أفعال غاضبة من قِبل اليمنيين، الذين استغربوا من عدم ممارسة المجتمع الدولي أي ضغوط على المليشيات الانقلابية للالتزام بقرار 2216.
 
ودفع ذلك اليمنيين للاعتقاد بأن المجتمع الدولي هو مع خيار العنف الذي لجأ له الانقلابيون لإسقاط الدولة، ويسعى لدعم المليشيات وإن لم يتحقق بذلك السلام الدائم باليمن، الذي سيحدث حين يقوم الحوثيون بتسليم أسلحتهم للجهات الحكومية.
 
وكانت مجلة (الفورين أفيرز) قد ذكرت أن "موت علي صالح ترك فراغًا سياسيًا كبيرًا لا يمكن أن يملأه أي سياسي يمني آخر بمفرده، ورحلت الجمهورية اليمنية الحديثة، وتبدو الآن أي محاولة لحل الصراع يجب أن تمر مباشرة عبر القادة الحوثيين الذين ازدادوا عنادًا بعد موت صالح".
 
جماعة عنف
 
وحول جدوى الحوار مع المليشيات يرى الصحفي فؤاد مسعد، أن من العبث تكرار المحاولات للحوار معهم، خاصة أن التجارب السابقة معها في هذا الجانب قد فشلت نتيجة لعدم التزامهم بأي اتفاقيات.
 
وأشار في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى اتخاذ الحوثيين الحوار وسيلة للمناورة فقط، والتقاط أنفاسهم، وترميم ثغراتهم في الجبهات ليستأنفوا الحرب ثانية، وهو ما حدث خلال جولات الحوار والمفاوضات بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي، سواء في جنيف 2015 أو الكويت 2016.
 
وأضاف "وحينما أوشك الحوار أن يصل إلى نقطة حاسمة في مفاوضات الكويت، ووقع ممثلو الحكومة رفضت جماعة الحوثي التوقيع رغم أن الاتفاق جاء متوافقا مع كثير من رؤاهم، وهو ما يعني أن الحوار ليس ضرورة بالنسبة لهم ولكنه وسيلة للتضليل لا أكثر".
 
خيار القوة
 
ومنذ أن تأسست الحركة الحوثية أوائل التسعينات في القرن الماضي، وتلك المليشيات لا تؤمن إلا بخيار العنف.
 
وفي سياق مشهد العنف غير المبرر الذي لجأت له مليشيات الحوثي مؤخرا، لا يعتقد الصحافي أحمد الصباحي أن الحوار مع الحوثيين سيكون مجديا.
 
وأكد لـ"الموقع بوست" أن الوسيلة المناسبة معهم هي استخدام "القوة" التي لا يؤمنون بسواها، لإلزامهم بالمرجعيات الثلاث المُتفق عليها، من أجل السلام المستدام في اليمن.
 
وتوقع أن يُكثف المجتمع الدولي مساعيه في إطار الحوار مع الحوثيين، كنوع من الدعم لهم والذي يتوافق مع رؤاهم، الهادفة إلى زعزعة استقرار المنطقة بجماعات عنف مختلفة.
 
الشرعية الطرف الأقوى
 
وقد بدأت الشرعية مؤخرا إلى جانب التحالف العربي، بحشد الجهود المختلفة وتماسك الجبهة الداخلية، من أجل إسقاط الحوثيين.
 
وقال ناطق الحكومة اليمنية راجح بادي إن تفاهمات دولية تجري مع جميع القوى والأطراف اليمنية بما فيها الأشخاص الذين كانوا في صف الرئيس السابق علي عبد الله صالح دون استثناء، وذلك لتوحيد الصف اليمني لمواجهة الميليشيات الحوثية.
 
وأكد لـ"الشرق الأوسط"، أن الجهود الحثيثة والتفاهمات الدولية التي يجري العمل عليها، مع الأشخاص الذين كانوا حول الرئيس السابق علي عبد الله صالح، جاءت بغرض توحيد الكتل السياسية والعسكرية والاجتماعية، لمواجهة ميليشيات الحوثي.
 
في هذا السياق تطرق مسعد إلى تغيُّر المشهد في اليمن حاليا لصالح الحكومة الشرعية ميدانيا وسياسيا، خاصة مع انتصارات الجيش الوطني في شبوة والجوف وصعدة والساحل الغربي وجبهات تعز وشرق صنعاء، فضلا عن انشقاق صالح وحزبه الذي أحدث شرخا كبيرا في جدار التحالف الانقلابي.
 
ووفقا لـ"مسعد" فقد جعل ذلك جماعة الحوثي عارية من أي غطاء سياسي أو وطني، وظهرت كمليشيات إرهابية لا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم بحق أتباع صالح من قتل واختطاف واقتحام منازل ونهب للأموال العامة والخاصة.
 
الحرب والجمهورية
 
بدوره رأى الكاتب موسى النمراني أن الحوار طريق إجباري مع الحوثيين مهما طال أمد الحرب، ولكن أكد أنه "لا يمكن أن يخضع الحوثي للحوار مادام يعتقد أنه قادر على أن يحكم بمفرده ولو حتى مديرية واحدة".
 
وتابع في مقال له بعنوان (ما هو أسوأ من الحوار مع الحوثي) "الحوثي خيار انتحاري، لا يأبه لحياة الناس، ولا للدمار الذي يمكن أن يلحق بالبلاد، بل إنه لا يمانع أن يخوض الحرب حتى لا يبقى في أي مكان من اليمن حجرا على حجر، وما يجب أن يحدث هو تجريده من الجنود المجانيين الذين يقودهم بإمكانيات الدولة".
 
ولفت إلى أن "ما يحدث الآن هو أسوأ من الدعوة للحوار مع الحوثي، ما يحدث هو اعتراف مجاني بأن استخدام القوة هو طريق مناسب للوصول إلى السلطة، والبقاء فيها".
 
أما الإعلامي محمد العليمي فحذر من خطورة التسوية السياسية مع الحوثيين في هذا التوقيت معهم وما يزالوا بهذه القوة، كون فرص استعادة الوطن من فلول الإمامة الجديدة ستنعدم، حد تعبيره.
 
وأضاف في منشور له على صفحته بـ"فيسبوك" :"لم ننس بعد أن الحوثيين هم من أجهضوا وانقلبوا على مخرجات الحوار الوطني ورموا بكل تلك المخرجات وهم ما زالوا في صعدة فقط فكيف وهم الآن في صنعاء؟".
 
واستدرك "الحوثيون جماعة فاشية لا تؤمن بالحوار ولا بالسلام ولا بحقوق الإنسان ولا بأي مفهوم مدني.. ومدفعية الجيش الوطني هي الحل".
 
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، دعت مختلف الأطراف في أعقاب مقتل صالح بنيران الحوثيين، إلى إلقاء السلاح، والانخراط في مفاوضات سلام دون شروط مسبقة، بينما يتمسك الحوثيون بوقف شامل للعمليات العسكرية المدعومة من التحالف بقيادة السعودية، كشرط للذهاب إلى أي مشاورات سلام جديدة، فيما تصر الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي على وجوب انسحاب الحوثيين من المدن وتسليم أسلحتهم الثقيلة للدولة قبل الدخول في مشاورات تقاسم مؤقت للسلطة.


التعليقات